صحيفة المثقف

امراةٌ مسَّها وطنٌ

MM80في حديثٍ جانبي، مع أحدِ الأصدقاءِ، يعملُ في مخبرٍ للتحليلاتِ قال:-

- ما رأيُكِ في زيارةِ مخبري الجديد الذي بحاجةٍ إلى مباركةِ خُطاكِ؟

ضحكتُ طويلًا و أنا غير مصدقةٍ بما يقول.

اِعترضتُ على عرضهِ الغريبِ:-

- لستُ قديسةً تنثرُ بركاتها أينما حلّتْ!

أردفَ كلامهُ مستدركًا:-

- دعيني أبوحُ لكِ سِرًّا... مُنذُ لقائي معكِ،

باتَ عندي هاجسٌ غريبٌ، يدفعني إلى معرفةِ

أسبابِ وَلَعكِ وَعِشقكِ للوطن اللامحدود!

- اذا كان الامرُ كذلك... أزورُكَ حتمُا.

في موعدٍ اِتفقنا على تحديدهِ، وَبعدَ مَراسمَ الترحيبِ وَالضيافةِ؛ اِستأذنَ منّي أن أكونَ شريحةً في جهازِ الفحصِ المخبري الحديث. لم أُرفضْ، بلْ قبلتُ وَ كلّي سرور.

باشرَ بالمهمةِ الطريفة.ِ بعدَ دقائقٍ معدودةٍ،

لحظتُ ذهولًا على وجههِ. قلقتُ و ظننتُ

اِكتشف مرضًا أو أمرًا مريبًا.

صَرختُ بلا شعورٍ:-

- ما الأمرُ يا صديقي؟!

فقال: متعجبا مندهشا!

- يا إلهي! أُشاهدُ بقايا نخلةٍ جنوبيةٍ، وماءَ (دِهلةٍ)،

يملأُ عروقَكِ، وَ جذورُكِ تمتدُّ إلى أعماقِ تُربةِ سومر وَبابل،

وما زالَ في قبضةِ يدكِ غصنُ زيتونٍ،

وتحملينَ على عاتقِكِ، وطنًا نازفًا،

وَفي جدارِ قلبكِ الأيمنِ، عُلِّقتْ

قارورةٌ مَلأى بدموعِ وآهات أطفالٍ يتامى

وَ جريدُ نخلٍ منقوشًا عليه أدعيةَ أُمّهاتِ الشهداء!

وفي عَرَصاتِ جسدكِ، أرى الثكالى

وَهُنَّ يندبنَ أكبادهنَّ.

وَاستطردَ بسؤالٍ ...

- باللهِ عليكِ... أَأنتِ امرأةٌ أم وطنٌ؟

قلت: بل امراة مسَّها طائِفٌ مِنْ وَطنٍ،

اِسمهُ " العراق " ؟!

 

رند الربيعي /العراق

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم