صحيفة المثقف

لماذا عندك هذا..؟!

haidar jasimalmashkurتزامناً مع موسم الانتخابات البرلمانية يبدي المفسدون استعدادهم لصيحات ابواق النزاهة المعتادة باطلاق قانون من اين لك هذا، ليأتي الجواب حاسما: نحن نعمل على استثمار عقولنا، فهل في ذلك أثم.. اذا لم نكن اثرياء حسب مقرر الذمة المالية، فنحن اصحاب رواتب عالية ولنا مكانتنا في الوسط الاجتماعي، وهذا ما يسهل اي تقاعد او تفاوض عملي، ولا اظن ان هناك وجود قوة مانعة تستطيع ان تحاسب وتردع اصحاب العقول على فطنتهم وذكائهم في العمل ونبوغهم في الكسب المشروع، وحتى تصاهر العلاقات فليس هناك اي قانون يمنع او يقف بالضد منه؛ وان كان هناك ما يسمى باستغلال المنصب لأغراض خاصة فهذه قوانين تجانب الصواب وتخالف الواقع.

فليس ثمة فائدة ترجى من قانون (من اين لك هذا) المبرر. وعليه كدولة فتية بالتجربة الديمقراطية تحاول ان تتخطى بعض مراحل الفساد وتعالج ما يمكن علاجه. فأرى من بين الحلول الناجعة العمل وفق قانون ومبدأ: (لماذا عندك هذا).؟

لماذا تملك من العقارات والاطيان عشر اضعاف ما يملكه سائر المواطنين اذا لم يكن اكثر، في حين ان اكثر من (2) مليون نسمة تسكن العشوائيات، ومهدد في كل لحظة ومن جهات رسمية وغير رسمية بالازالة وفق مزايدات انتخابية و..

لماذا يبلغ دخلك المادي ما لم يستطع بلوغه من قبل عموم المواطنين كون دخلك بازدياد مضطرد انت في نمو وانتعاش والمواطن تحت خط الفقر؛ بل والفقر المدقع.

لماذا تطالبون بالاستثمار الخارجي وانتم بالاصل مستثمرون بالخارج، الم يكن بلدكم اولى بهذا الاستثمار من باب رد الجميل.. الا اذا كان لنسائكم وابنائكم الرأي الغالب فما يعني سعف العراق امام سعفة دبي.. وشاليهات شرم الشيخ من خانات شيخ عمر.

لماذا بناتكم ونساءكم ونساء ابنائكم متزينة بالذهب والالماس من اخمص القدم الى هامة الرأس وكأنهن يفاخرن نساء الفراعنة.. في حين يعجز المواطن من تزويج ابنائه، واكمال جهاز بناته، ما استشرت ظاهرة العنوسة، والعزوف عن الزواج، وما ترتب عليه من اللجوء الى مواخير الفساد، وغيرها من تفشي حالات الشواذ والمثلية والاغتصاب.

لماذا رواتبكم عشرات اضعاف راتب المواطن البسيط ومخصصاتكم لا تقل عن ذلك ولكم حق الاقتراض ومن دون فوائد ولأكثر من مرة، ولكم الحق في اطفاء السلف متى ما شاء مجلسكم الموقر ذلك، مقروناً بحق تقاعدي يفوق اكبر رواتب موظفي الدولة على خدمة لا تزيد عن دورة او دورتين برلمانية.. بالمقابل لا يمنح المواطن اية سلفة ما لم تحرص البنوك على وجود كفيل او اكثر ورهن عقار عالي المواصفات، وفوائد ربوية تتجاوز 8% سنويا او اكثر.. اما عن الراتب التقاعدي للمواطن الذي افنى عمره هو لا يزيد على ان يكون راتب كفاف ليس الا، وقد يذهب معظمه الى الاطباء.. اما تدني رواتب موظفي الدولة وخاصة في الوزارات الخدمية فهو راتب اكثر ما يعول على الارتشاء أو التسول.

لماذا يملك اغلب رؤوساء الكتل بما فيهم بعض السياسيين قنوات فضائية ومحطات اذاعية ومكاتب صحفية، وكل يغني على ليلاه.. بالمقابل لا يحق للمواطن من ابداء رأيه ما لم يتحفظ في اكثر مواطن الابتلاء دون ان يتجاوز الخطوط الحمراء والمبادئ والقيم والعقائد البلهاء والمنطقة الخضراء.

لماذا تملك عشرات السيارات الحديثة ما عدا المصفحة والسبورت، في حين يملك بعض المواطنين سيارات ذات التسديد الآجل ايراني الصنع او صيني وما يترتب عليها من فوائد وعوائد..

لماذا تملك حق السفر على الحساب العام للنقاهة والاستجمام.. وكل سنة يحق لك الحج على نفقة الدولة..وليس للمواطن الا حق التبرك بحكومة الحجاج.! وعسى الا يعزم على سفر ما، الا وعدّ من كبائر الذنوب تحت طائلة التعرب بعد الهجرة.

وتزداد التساؤلات كلما اوغلنا بالبحث الجاد عن منجى ومنقذ حقيقي يردم هوة هذا التفاوت المخيف بين الذكاء السياسي والجهل الشعبي، بين نخاسة حكومة والرق الجماهيري؛ وذلك لا يتم الا بصحوة رد المظالم، وان لزم الامر اللجوء الى محاكم دولية.

 

حيدر جاسم المشكور/ العراق

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم