صحيفة المثقف

وما قيمة النقد الروائي في العراق اليوم؟

jawad khadommohamadكان النقد الادبي (ويفترض ان يبقى ويستمر) وبضمنه النقد الروائي وهو باب حديث بحداثة ظهور الرواية علما يدل على جمال وقبح نص ما يسرد عيوبه ومحاسنه ويقدمه للقارئ مقربا له او مختصرا له مع اطلاق احكام وفق قواعد وتحديد مواطن قيمة الادب في هذا النص وقد يختلف النقاد قليلا استنادا لذائقتهم وهذا امر جرى ويجري وسيجري لا مراء في ذلك.

ولكن وسط فورة الرواية في العالم وفورة الرواية في العراق بعد ٢٠٠٣ وتصدي من تصدى ليكون روائيا او تكون روائية فار تنور نقاد جدد بعضهم يحمل حرف الدال او حرفي الالف والدال وقبل اسمه وبعضهم تفيهق وتشدق وتمنطق وعمد الى الصحف والمجلات والاذاعات والفضائيات والاعلام الاجتماعي فقال ما قال فيمن قال وفيما قال لا يرقب في قواعد النقد إلَّاً ولا ذمة ولا يختلف عنه بعض عواجيز النقد الذين كانوا إبان حكم البعث يصفون (ادب القادسية) بأنه ادب الامة حتى اذا سقط البعث صاروا يصفون اي شئ بأي شئ...وتغلب وسط ذلك كله صفات المجاملات اليوم على كثير من النقاد محترفيهم واكاديمييهم وامعاتهم ممن اظهرهم الفيس بوك وكل منهم يحسب نفسه عليا جوادا الطاهر او عناد غزوان او احمد مطلوب او مصطفى جواد حتى...ومعهم "الناقدات البنبونيات" اللواتي يشبهن "الروائيات البنبونيات" ممن يستكتبن في كل شئ فيتحدثن عن وحدة العراق وادب العراق ورواية العراق وآخر اخبار انقلاب جزر القمر وطريقة تحضير السوتشي ومتابعونهن على الفيس بوك يكفون لو جمعوا ان يحرروا اسكتلندا من حكم التاج البريطاني..

النقد الروائي الحقيقي للرواية العراقية اليوم اما نقد داخل اطاريح جامعية لا يكاد يراها احد مالم تطبع او نقد يمس الغلاف فحسب او نقد المجاملات بعبارات مثل:

[وتعد هذه الرواية فتحا لفتح الفتوح في انفتاح مفاتيح الرواية العراقية العراقية]

في عين الوقت الذي تكون فيه الرواية المنقودة نفسها نصا تافها سمجا قميئا قمينا بان يرمى في دجلة وسط اوساخ مايرمى في دجلة.

ولعل الظهور في مواقع الاعلام الاجتماعي وكثرة الاعجابات والمشاركات والبخبخات..(من قولهم بخ بخ وهي مني للطرفة فليس هنالك بخبخات في العربية) ادت الى فساد حياتنا النقدية للرواية العراقية

(اما فساد النقد الشعري فالمصيبة اعم من ان توصف في زمن قصيدة النص السمجة)

فالرواية العراقية اليوم منقسمة بين شيوخ الرواية الذين يطبقون قواعدها ويعدمون القراء وحتى النقاد وبين شباب بعضهم استسهل نقل دفاتر يوميات عمته سعاد وخالتها سلوى الى نص روائي يتحدث في الغالب عن حب ووطن وهجرة ومزيج من مقبلات شتم الدين ومعه الاباحية وشئ من النقد السياسي فتخرج لنا رواية لا تقل سخفا عن رواية زبيبة والملك لكاتبها...الذي قال فيه النقاد يومذاك ان زبيبة والملك هي نموذج الرواية العالمية...والناقد اليوم للرواية يجامل الناشر ويجامل الروائية الجميلة ويجامل الروائي الثري ويجامل متابعيه فيجعل التافه غير تافه وتلك سمات ضمن سمات على فساد حياتنا الثقافية العراقية...

اخشى ان تتحول الرواية العراقية الحديثة بغياب وغيبوبة النقد الروائي العراقي الى نصوص سمجة سمجة سمجة مثنى وثلاث ورباع وان يتحول النقد الروائي العراقي الى عملية بيع الرمل في الصحراء...

 

بقلم: جواد كاظم محمد

رئيس تحرير مجلة ادارة الازمة

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم