صحيفة المثقف

المصالحة الوطنية ألية المفهوم الاجتماعي والرفض السياسي

ahmad fadilalmamori2المصالحة الوطنية: تعني مفهوم التسامح ونبذ الفرقة بين ابناء الشعب الواحد والعيش وفق مفهوم العدالة والمساواة وأطارها العام الحرية التي اقرتها الشرائع الانسانية والقوانين، وتعني القبول بالأخر والصفح والمساواة واحترام مبادئ أكبر وأعلى من الحالة الفردية الشخصية أو الحزبية وانما هي تهم مجتمع متماسك، وقد يتم وفق نظام الاعتراف بالخطاء وطلب السماح والتبريء من الافعال السابقة التي يجرمها القانون . ويمكن تشريع قانون عفو عام أو قانون عفو خاص يضفي طابع المصالحة المجتمعية ولكن وفق أسس حقيقية للمصالحة وليس مشروع ابتزاز غرضه ارضاء فئة على حساب فئة أخرى أو كسب مالي بتخصيص أموال تذهب لجيوب السراق ،أنما المصالحة الوطنية التي نقصد بها المصالحة المجتمعية هي نتجاوز بها التجاوز التي انتهكت في ظل ظرف سياسي أو اجتماعي أو أمني خاص جداً وحالة الشعب العراقي ينطبق عليه هذا الوصف بغض النظر عن الوصف القانوني .

أن الغاء الامتيازات الاقتصادية والسياسية وظهور الفوارق الاجتماعية على أسس نظام سياسي جديد أو مجموعة حزبية أو فصيل من الفصائل المسلحة أو حزب من الاحزاب وهي تمثل اقصاء للأخرين من الحياة المدنية أو السياسية، يولد الشعور بالانتقام ويؤدي الى تبني نهج عنصري مخالف لنهج السلم الوطني الذي يكون مرفوض، ولكن كيف أذا كان هذا الفصيل السياسي المناوئ للعملية السياسية كان أحد أهم حزب في السلطة ومتفرد بالحكم وله جماهير وتجربة كبيرة في أدارة الدولة العراقية والتي مسك مفاصلها لأكثر من (35)سنة وفئات كبيرة من ضمن توجهاته، كانت تؤمن بأهدافه الحزبية وشعاراته التي كان يسوق بها أهدافه وبرامجه ، وهناك مناطق شاسعة وكبيرة جغرافياً هي تنتمي الى وحدة سياسية ومنهاج حزبي تقريباً مشابه لأهداف الحزب، كمناطق غرب العراق، وكان هناك انتماء كبير وسيطرة اجتماعية وسياسية وتنظيم حزبي ولا يوجد منافس على الرغم من توجد محاولات هامشية لاختراق هذه الجغرافية السياسية وكسبها الى مشروع التطبيع الجديد ولكن صبغتها القومية العربية تحول دون جدوى ذلك ولكن تبقى محاولات فردية وحزبية من البعض من اجل كسبها تبقى محاولات فاشلة لأن مصيرها مرتبط بالعراق والامتداد العروبي وهي لا تخضع لغير منهاج عقلي بعيد عن العاطفة الدينية واقرب الى الرؤية السياسية، أن الاحزاب السياسية الحالية متهمة بالولاء الطائفي الاقليمي لإيران وتركية على الرغم من محاولات سحب بساط التوجهات الى الدولة الاقرب اليها مذهبياً (التركية) وهو حضن الولاء الديني والحزب الاسلامي أهم حزب يمثل السنة العرب ولكن هو (حزب اخوان المسلمين )والذي يتخذ من صفة الانشقاقات غرض واحد هو كسب المؤيدين باستحداث الية كسب جديدة وليس الغاء البرنامج او الايدلوجية القائمة عليه الحزب والتي يؤمنون بها كل المنتمين للحزب الاصلي وهم (اسلام سياسي) مدعوم من التنظيمات الدولية ولا ننسى أن اول من بارك للثورة الايرانية والامام الخميني سنة 1979 كان وفد مكتب الارشاد الدولي وقدم طلب الاندماج تحت قيادة الامام الخميني ولكن رفض الامام الخميني المقترح بعبارة : الثورة لم تكتمل؟.

والذي يهمنا نحن العراقيون كمواطنين بتوفير فرص العيش الكريم بسلام وحرية وأمن في ظل العدالة الاجتماعية والاقتصادية الصحيحة ولا يجب أن تكون هناك ميزة مواطن على مواطن او افضلية كيان على مواطن او أثراء على مؤسسات الدولة أو الاستقواء بالإرهاب لغرض ابقاء هامشية مؤسسات الدولة ضعيفة غرضها الاستمرار بالأوضاع السياسية والامنية الفاشلة التي رافقت احتلال العراق ومنذ سنة 2003 ولحد ضياع ثلث العراق (الموصل ،وصلاح الدين والانبار وكركوك وديالى )تحت مسميات الدولة الاسلامية أو الرايات البيض وسابقاً والقاعدة في أرض الرافدين والفصائل المسلحة الارهابية العديدة ،التي انضوت تحت أمرة الدولة الاسلامية في العراق والشام (داعش) .

كيف نوفق بلملمة الشأن الداخلي المحلي، تجارب الشعوب والدول التي مرت باحتلال وحروب في المانيا وجنوب افريقيا واليابان وراوندا وكوريا الجنوبية والفليبين ويوغسلافيا السابقة كوسوفو والصرب ، اذا تجربة الدول والشعوب الحرة يجب ان تكون حاضرة وبقوة في المشهد العراقي ويجب عدم اثارة مسائل الرفض الحزبي، وهو عائق اجتماعي باعتباره يمس بأمن المجتمع وتأطيره بالاطار السياسي باعتباره حزبي قائم على محاصصة توافقية لا يجب أن تغيب مسالة اثارة الخلاف المجتمعي ويجب انهاءه من خلال مبادرات مجتمعية وكم كنت اتمنى أن تكون لمؤسساتنا الحقوقية والقانونية دور سياسي وقانوني تلعبه في تقديم هذه المبادرات تحوز رضى المجتمع وتقدم ما يخدم الشعب العراقي في السلم المجتمعي وتقليص الفارق الخلافي النوعي .

الاجتثاث او المسائلة والعدالة التي تجاوز عمرها 15 عاماً ، مما قوض الشعور والانتماء واثارة مسائلة الولاء الديني قبل الولاء الوطني الذي ولد شعور سيئ في المجتمع المتراجع الى الوراء كلما كان هناك استقرار نسبي وهدوء أمني، كان هناك حلقة مفقودة في الامن المجتمعي يمثل تحدي وتكاتف بين ابناء العراق برفض الارهاب ورفض اعادة تدوير هذا الموضوع السياسي والحزبي، كانت اصوات المعارضين اكبر مما هو قبل الاحتلال، دعوات بعض القوى السياسية أو الشخصية الحزبية برفض المصالحة الوطنية أو رفض مبدأ المصالحة المجتمعية على الرغم ان كثير من قيادات وفصائل كانت رافضة الدخول بالعملية السياسية وفعلياً تم اشراكهم كوزراء وقادة ومدراء ومسؤولين كبار ولكن الموضع مقتصر على كوادر في المناصب السيادية فقط ، دون كوادر الوسطية عندما يرفض شخص وبحجم السيد همام حمودي وهو يمثل المجلس الاعلى مبدأ المصالحة المجتمعية ويقول : (العراق لا يحتاج الى مصالحة وطنية ورؤساء الوزراء حديثو عهد ). التصريح في هذا الوقت يعبر عن صراع انتخابي وسياسي في هذا الوقت الحرج وغاياته وتوقيته يضرر الامن المجتمعي و لا يضر بالعملية السياسية بسبب استقرار منهاج واحد هو الاستمرار بأثارة الفرقة المجتمعية دون التوافقية السياسية ، على الرغم من وجود هناك صوت مؤيد للمصالحة الوطنية د. أياد علاوي عندما يتحدث عن المصالحة ولكن برؤية توافقية في كل مرة (عندما يصر على اجراء مصالحة حقيقية وانهاء كل اشكالات المرحلة الماضية).أذا تكون هناك رؤية مختلفة في بناء الدولة على ضوء تباين المواقف السياسية التي توثر بالانتخابات .

اذا المصالحة الوطنية هي الحرص على تطبيق رؤية اجتماعية قبل أن تكون قوانين تجرم وتوقف الكراهية وتوقف الارهاب وتوقف التمييز الطائفي والعنصري بين مكونات المجتمع وإلغاء الاخر، وأن تكون هناك قوانين وإجراءات يتوافق عليها المجتمع لغلق صفحة الماضي وهم جزء منها .أن اشراك فئات من المجتمع المدني والقانوني تحت وسيط محايد من المجتمع المحلي افضل ضمان اجتماعي لتقديم وثيقة تبدأ بدراسة طلبات المجتمع من الافراد والجماعات للتعويض عن حقوقهم السياسية والاجتماعية والاقتصادية ضمن برنامج شامل ولا نقصد فقط المالية التي كانت سبب لكثير من فساد الذمم عند الترويج للمصالحة الوطنية وأعاده الكرامة للإنسان والمواطن العراقي . يجب أن يسبقه اعتذار امريكي رسمي للشعب العراقي والذي ارتكبته جراء احتلال العراق وتدمير بنيته وعدم ايفائها ببناء التجربة الديمقراطية بعد فشلها بمبررات اسلحة الدمار الشامل .

يجب ان تكون المبادرات السلم المجتمعي اجتماعية قانونية وليس تشريعيات قانونية ثأرية أو انتقامية تقع على فئة اجتماعية أو فئة سياسية امتداداتها واثارها كبيرة واعلامياً لأننا سوف نظل في حلقة مفرغة ولا نخرج من عنق الزجاجة، أن اساءة استخدام السلطة التشريعية أو السلطة القضائية سوف يلحق اضرار جسيمة في كل الدولة العراقية، عندما تشرع قوانين تمييز سياسي أو طائفي بعد فترة حكم مضى عليها (15) سنة وهو يمس حقوق وأملاك أكثر من (4500) متهم بالولاء الصدامي والولاء لحزب البعث، نكون غير منصفين لأننا قد مزقنا المجتمع وسف تطالب هذه الفئات والمناطق بالانفصال عن العراق في اقرب فرصة تسمح لها الظروف وضمن خيار ديمقراطي، لو قدرنا اعداد التابعين المتضررين من القانون رقم 72 لسنة 2017 لكل عائلة من هذه العوائل بحدود (10) شخص سوف يكون الرقم كبير جداً وأثاره الانتقامية والنفسية خطيرة وهو لا يصب في صالح الشعب العراقي أذا علمنا أن أغلب القصور والعقارات تملكها شخصيات واحزاب في السلطة فأي نفع سوف يجنيه الشعب العراقي والمواطن البسيط ،اذا علمنا أن عقارات بعض ازلام النظام تم تأجيرها لمدة (99) سنة وبأسعار رمزية جداً .

اطلاق خطاب الاعتدال والرؤية المتبادلة من التجربة الماضية الى الحاضرة في ظل السياسة الفاشلة بوقف توظيف الخطاب الديني والسياسي لخدمة اهداف حزبية وسياسية معينة، من دعاة ورجال دين وشيوخ منبر وآمة الجمعة وتسيس هذا الخطاب الديني (الطائفي )واختطافه لصالح منظمات ومشاريع تقزيم وتحجيم الدولة والمجتمع ضمن ما مرسوم له . أن تحجيم بث الكراهية والتطرف والإرهاب الذي اوجد قواعده الاحتلال الامريكي في المنطقة العربية في العراق وسوريا بعد الغزو الامريكي للعراق .

أن جرائم الابادة وجرائم الارهاب وجرائم القتل العنصرية التي طالت الابرياء من ابناء الشعب العراقي، يجب أن تكون محل نظر دائما من السلطة التشريعية ويجب أن تكون هناك ألية اجتماعية وقانونية تسبق اطلاق العفو العام أو العفو الخاص وليس كما كانت فوضى تشريع قوانين العفو رقم (19) لسنة 2008 والعفو رقم (27) لسنة 2016 والعفو رقم (80) لسنة 2017 المعدل بألية مربكة، وهي تشريعات قوانين كانت مضرة على المجتمع من حيث الانعكاس الاجتماعية وألأمني لآنها لم تكن تأخذ الجانب الاجتماعي الحقيقي لأنهاء الازمة المستمرة في اعداد المعتقلين وانما الجانب السياسي الحزبي فقط واتهام السلطة التشريعية أو السلطة القضائية بانها تتكسب من أموال مسروقة أو أموال داعشية جراء عدم معرفة مصدرها وقد تسببت بمعاناة المجتمع العراقي في ظل وجود الية مشوهه وظلم الكثير من المواطنين وعوائلهم ومعاناتهم المستمرة جراء دفع غرامات مالية (حتى اصبح العفو استثماري بامتياز وسياسي) وليس اصلاحي اجتماعي، وأخيراً نعتقد يجب أن تكون مبادرات المصالحة هي مبادرات اجتماعية قانونية وهي افضل السبل الى انضاج مشروع مصالحة وطني كبير ولائق للمجتمع العراقي في ظل توافق اجتماعي وليس توافق سياسي حزبي .

 

المحامي أحمد فاضل المعموري

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم