صحيفة المثقف

ما حدث في سوق الشعر

sardar mohamad2بدأت سوق الشعر، فلبست العبارات أجمل الثياب وأكثرها إغراء وفيها تكثر الفتحات التي يهيم فيها الشعراء وتسلب الوقار وتجعل الشيوخ يتمنون الرجوع إلى عهد فيه العظم ما وهن، وأسبلن الجفون وكحلت الهدب بالإثمد فأثقلها، فما كان منها إلا أن تُضم وبعضهن وظفن الضمات تلك للغنج والدلال، واستعرن الحلي ووضعن الطيب فتضوع منهن،

طرقت الصفراء السوق وكانت تمشي بخيلاء وتترنح يمنة ويسرة بغنح كأنها غصن وهي شبه عارية ففتح الشعراء أفواههم والمسامات كلها لأقصى سعة ممكنة والأفواه المرئية والمغطاة واهتزت الشوارب وخصلات شعر الرؤوس والشعيرات المختبئة في الظلمات، وكانت أردافها تعلو كالفتحة وتهبط كالكسرة والأثداء لا تعرف السكون،

وجاء دور البيضاء فغارت من الصفراء، فما كان منها إلا أن تكشف عن سيقانها بحركات أنيقة من نصب وجر وجزم ولو لم تتذبذب العيون بين الساق والشدة الرقيقة الشفافة في عاليها لبرزت الفتحة المختفية في آخر العبارة وأصيب بعضهم بالحول .قسم جحظت عيونه وقسم تورمت وقسم رمدت، كأن حركاتهن نفث من السحر تسكن المتحرك وتحرك الساكن .

تنابزتا

فقالت البيضاء :

ليست من السود أعقاباً اذا انصرفت ولا تبيع بجنبي نخلة البرما

لسنا من السوداوات بل نحن من قيل فينا

صفراء أعجلها الشباب لداتها موسومة بالحسن غير قطوب

ونحن من قيل فينا

وبيضاء فيها للمحالم صبوة وفيها لمن يرنو الى اللهو شاغل

ونحن الذي قال فينا النابغة

صفراء كالسيراء أكمل خلقها   كالغصن في غلوائه المتأود

ردت البيضاء

ونحن من قال فينا خير القائلين

" كأنهن بيض مكنون "

وقال فينا

" صفراء فاقع لونها تسر الناظرين "

فإذا بالحاضرين ينقسمون إلى فئتين ودار بينهما نقاش حاد وسجال عنيف وكاد يصل إلى شجار، ووسط اللغط والصريخ والضجيج أحسوا باختفاءالفتاتين البيضاء والصفراء فهرع جمع منهم للبحث عنهما، فلم يجدوهما، ووجدوا كتاباً ملقى وتناهى إلى أسماعهم صوت صادر عنه :

لا تتعبوا أنفسكم، هن مجرد عبارات، مرفوعات ومنصوبات ومجرورات .

 

سردار محمد سعيد

نقيب العشاق بين بيخال والبنج آب

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم