صحيفة المثقف

ابن سلمان.. المتباكون على فلسطين

من منا حكاما ومحكومين، لا يعرف بان السعودية هي التي احتضنت (الجهاديين) العرب وقامت بتدريبهم على اراضيها وأغدقت عليهم من اموالها الكثير، تنفيذا لرغبة العم سام في طرد السوفييت من افغانستان الاسلامية، وتحقق لأمريكا ذلك، فأكرمت وفادة المجاهدين بأن استضافتهم في منتجع غوانتانامو السياحي، الذي لا يدخله إلا المتميزون، تقديرا لجهودهم الجبارة في طرد السوفييت الملحدين دون ان يكلفوا الخزينة الامريكية سنتا واحدا.  

لقد دنّس الحكام العرب تراب بيروت الابية، التي ارسلت جثامين المئات من جنود المارينز في صناديق خشبية بفعل تضحيات الشرفاء من ابناء الامة، ارادوا الاقتصاص منها واذلال من يعيشون بها من اللاجئين الفلسطينيين، فأعلنوا منها العام 2002 مبادرة الامير عبد الله آل سعود "الارض مقابل السلام" وهي عبارة عن بلورة لأفكار الامير فهد (مبادرة الامير فهد-1982) بقمة فاس المغربية.

جل الحكام العرب بارك المبادرة وتحفظ عليها بعض القادة، واعتبرنا حينها المبادرة عمل لا يصدر إلا عن اناس اخذوا عن الرسول بعض مكارمه وأسبغ عليهم الكثير من صفاته، وعُدّت المبادرة في غاية التحضر والتمدن والاعتراف بحقوق الاخرين! في العيش بأمن وسلام، وتمنينا على الرب سام ان يجعله في ميزان حسناتنا، فأقيمت على مدى اشهر ندوات وبرامج تحليلية في كافة قنواتنا، التي كانت تشد انتباهنا وجعلتنا متسمرين حولها وكأنها تشع نورا ربانيا رغم انقطاع الوحي، فلا سلام تحقق بينما الارض يتم قضمها وآخذة في الانحسار، لان كيان العدو ضرب بمقررات تلك القمة عرض الحائط.

بالأمس القريب اعلن الامير محمد بن سلمان أن للشعب اليهودي الحق في العيش على "أرضه" مثل الشعب الفلسطيني، اعتبره البعض حدث غير مسبوق من قبل دولة لا تقيم علاقات دبلوماسية مع كيان العدو وتناسى هؤلاء واجزم بأنهم من اتباع قطر في ظل الخلاف الخليجي، بان ما اقدم عليه سمو الامير لا يعدو كونه ترجمة حرفية لقمة بيروت العربية سيّئة الصيت.

بعيدا عن اختلافنا مع السعودية في تدخلها في شؤون الغير ومنها سوريا واليمن ولبنان وغيرها ، ترى ما الذي استجد ليتحرك الاعلام المأجور بكافة اصنافه ضد الامير الصغير؟ أ لأنه كان اكثر جرأة من غيره فسمّى الاشياء بمسمياتها، بينما يقيم الاخرين (قطر ومصر وتركيا والمغرب والأردن) العلاقات الاقتصادية والسياسية والزيارات التي لم تعد خافية على احد، بل يجاهر بها اصحابها ويتفاخرون، أمَا تشكل سلطة رام الله "المنبثقة عن اتفاق أوسلو حاجزا امنيا لكيان العدو وتمنع قيام أي عملية جهادية؟، أما تسهر دول الطوق (مصر الاردن سوريا لبنان) على حماية كيان العدو؟، مراسلو كافة القنوات العربية وخاصة "الوطنية" من الاراضي المحتلة(48-67) يتحصلون على تصاريح عمل من سلطات الاحتلال لنقل ما يستجد من احداث، ألا يعتبر ذلك اعترافا لا لبس فيه بكيان العدو؟.امّا الحديث عن فتح الاجواء السعودية امام الطيران المدني الهندي المتجه الى كيان العدو، فأقول ان طيرانكم يهبط في مطارات "العدو" محملا بأراذل قومنا مصحوبين بما خف حمله وارتفع ثمنه، اعجب لقوم يتنافسون على النذالة.

اقول، ايها المتباكون على فلسطين، يا من تذرفون دموع التماسيح، كفكفوا دموعكم، كي لا تصابوا بالعمى، غياب الزعماء العرب الكبار، جعلكم تصولون وتجولون على رقعة الوطن، ونحن شهود على اعمالكم، لقد جلبتم لنا الخزي والعار، أدميتم قلوبنا وجفت مآقينا، قتلتم فينا الاحساس بالوجود، ربما وصلنا رغم امكانياتنا الهائلة الى الوضع الذي كان عليه عبد المطلب (للبيت رب يحميه)، حتما لفلسطين شباب يحميها، فقط اتركوا لهم المجال، ما ضاع حق وراءه مطالب.

 

ميلاد عمر المزوغي

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم