صحيفة المثقف

الاحتلالُ الأَمريكيّ للعِراقِ.. تَحريّْرٌ أَمّْ تَدميّْر؟ (1)

محمد جواد سنبهلم يكتفِ (صدّام) المقبور من توريط الشعب العراقي، في حروب مع دول الجوار فحسب، وإِنَّما ورَّط الشعب العراقي، بالاحتلال الامريكي للعراق أيضاً. هذه الحرب التي دمرت الانسان العراقي، مادياً ومعنوياً ونفسياً وقيماً. وقد طال دمارها كل البُنى التحتية المدنية، اضافة الى القضاء التام على المؤسسة العسكرية، التي كانت تختزن تجارب عملية، لأكثر من ثمانية عقود. الأمر الذي جعل العراق ضعيفاً ومكشوفاً، لأضعف القوى في العالم، لا بل اصبح ضعيفاً، حتى امام العصابات والتنظيمات الارهابية.

كما ان هذه الحرب القذرة، قضت على الكثير من المعالم الحضارية العراقية، والموروث التاريخي للشعب العراقي. ولو أَنّا بحثنا عن السَّند القانوني، الذي فوض امريكا بشنّ حربها على العراق، سوف لن نعثر على اي قرار أُممي، يُبحّْ للقوات الأمريكية وتحالفها، احتلال العراق إِطلاقاً.

ان حرب امريكا وتحالفها على العراق كان بقرارين؛ الأوّل صادر من الكونغرس الامريكي، والثاني صادر من البرلمان البريطني. أما الامم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، فلم يصدرا، أي تفويض لا إلى لأمريكا ولا إلى غيرها، بشن الحرب على العراق عام 2003.

من وجهة نظر أَمريكية، كانت هناك مبررات لافتعال هذه الحرب، من داخل البيت السياسي الامريكي. فبعد نجاح حرب التحالف الدولي، لتحرير الكويت عام 1991 بزعامة أمريكا، شجعت المنظومة الثنائية الأمريكية، المرتبطة عضوياً بعضها مع البعض الآخر هما؛ الحرب تُحرّك الصناعة الامريكية، وبالتالي ينتعش الاقتصاد القومي الامريكي، لذا يجب على ساسة البيت الأبيض، البحث المستمر لاشعال نار الحروب، خارج الحدود الأمريكية، بافتعال مختلف الذرائع والتبريرات.

و كان من مخططي هذه الاستراتيجة، فريق من الحزب الجمهوري الامريكي، اطلق عليهم اسم (المحافظون الجدد) بدلاً من الاسم القديم سيء الصيت (اليمين الامريكي المتطرف).

لقد ظلَّ هذا الفريق، يخطط لغزو العراق بعد احداث 11 سبتمبر 2001، وإِنَّ هذا الفريق ظلَّ يربط بين نظم صدام، والارهاب واسلحة الدمار الشامل. (ويشير تشالمز جونسون (استاذ جامعي مناهض للهيمنة الأمريكيّة):

الى ان الخطة لمهاجمة العراق كانت قيّْد التحضير، منذ ما لا يقل عن عقد من الزمن، (اي قبل احداث 11 سبتمبر 2001). فبعد حرب الخليج عام 1991، كان عدَّة اشخاص، في البيت الابيض والبنتاغون يعتقدون ان على الولايات المتحدة، ان تدخل بغداد، وتطيح بصدام حسين، وذلك حسب تقارير ارسلوها الى (ديك تشيني) وزير الدفاع آنذاك) (انتهى) (المصدر/ العراق والبحث عن المستقبل/المركز العراقي للبحوث والدراسات /ص 136).

(في 26 كانون الثاني 1998 كَتَبَتّْ مجموعة من المحافظين الجدد، رسالة مفتوحة الى الرئيس الامريكي السابق(بيل كلينتون)، تحثه على تبني سياسة يمكن ان تهدف الى ازالة صدام حسين، مؤكدين (ان الحاجة هي ان يصبح هذا هو هدف السياسة الخارجية الامريكية ).... فان سلامة القوات الامريكية في المنطقة، وسلامة اصدقائنا وحلفائنا مثل اسرائيل والدول العربية، وسلامة جزء كبير من مخزون النفط العالمي، ستكون معرضة للخطر. وأعلنت الجماعة كذلك ان السياسة الامريكية، لا يمكن ان تظل مشلولة، بسبب اصرار غير مبرر على الاجماع في مجلس الامن.

اذن يجب تجاهل الامم المتحدة ولن يكون العراق نهاية المطاف. ... من جهة اخرى فان العراق يعد مرشحاً لتقويض حكمه، كغيره من النظم الاستبدادية الضعيفة، التي بات الاسلام السياسي يهددها، الأمر الذي يعني تهديداً للمصالح الامريكية.) (انتهى) (المصدر السابق/ ص137- 139). للمقال تكملة في الحلقة الثانية ان شاء الله تعالى.

 

مُحَمَّد جَواد سُنبَه - كاتِبٌ وبَاحِثٌ عِرَاقي

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم