صحيفة المثقف

المصالحة، الدولة المدنية..لا لحكم العسكر

كلمات شنفت آذاننا من قبل متصدري المشهد السياسي وان بدرجات متفاوتة، تبين مع مرور الوقت انها عبارة عن جرعات مسكنة، سرعان ما اكتسبنا مناعة ضدها، لم تعد تعنينا كثيرا، اما اصحابها فيكفي انهم لعبوا على عقولنا الساذجة لفترة ليست بالبسيطة وحققوا بعضا من امانيّهم ولا اقول كلها، فهؤلاء يتمنون البقاء في سدة الحكم بقاءهم على البريّة.

المصالحات بين الافرقاء لم تتحقق رغم رعاية اطراف خارجية لبعضها، اما النازحون فإنهم لا يزالون يراوحون مكانهم، فلا الذين اجبروهم على النزوح اشفقوا عليهم وتغاضوا عن بعض الامور، ولا الحكومات المتعاقبة انهت المشكلة وتكفلت برد المظالم وجبر الضرر، ولا "المشايخ والأعيان" بالمناطق وعلى مستوى الدولة تدخلوا لإنهاء الازمة، بل يبدو انهم فرحون بإطلالاتهم المتكررة عبر الفضائيات المختلفة وأصبحت اسماءهم وصورهم معروفة لدى الجميع، اما المجتمع الدولي فانه يغض البصر(النأي بالنفس)عما يحدث من جرائم لأجل المزيد من الكره والبغض بين مكونات الشعب، وفق سياسة فرّق تسد.

بخصوص الدولة المدنية، نجزم بأنها من ضمن الاسباب التي ادت الى الثورة على النظام فهل تحقق ذلك؟المسئولون عن السلطات التنفيذية والتشريعية في البلد وعلى مدى 7 سنوات ظاهريا مدنيون بلا ادنى شك، ولكن هل هم فعلا من يديرون زمام الأمور؟الاجابة قطعا بالنفي، فالميليشيات المختلفة (مؤدلجة وجهوية) هي من تسيّر الامور، جل منتسبيها ليسوا عسكريين نظاميين يحترمون البدلة التي يرتدونها-شرف المهنة، كما انهم ليسوا مدنيين اسوياء يمكنهم ان يحكّموا العقل والمنطق، بل نجدهم خليط جل همهم الاستحواذ على مقدرات الشعب والعمل على الاستخفاف بالبشر، ويتجلّى ذلك من خلال معاملتهم للناس بالمراكز الخدمية "البنوك، الجوازات ومحطات توزيع الوقود والغاز وغيرها" التي يقولون بأنهم لأجل حراستها وتأمينها وتنظيم العمل، بينما هم من يقومون بأعمال الرشاوى والوساطة والمحسوبية، والألفاظ النابية التي تجرح شعور المواطن، وقد يصل الامر الى التعدي على المواطن بالضرب.مع ملاحظة ان من تصدروا المشهد وليست لهم اذرع عسكرية تحميهم غادروا الساحة السياسية باكرا...وأصبحوا نسيا منسيا واكتفوا بما حققوه من مكاسب مادية ومعنوية، وان كانت هناك محاولات من البعض للعودة الى المسرح وان من باب الجهوية.

اما بشان حكم العسكر، فإننا ندرك كما اولئك المتحكمون في امورنا، بان حكم العسكر وان شابه التصرف الفردي إلا انه يوفر الحد الادنى من الخدمات والسلع الضرورية، كما انه يوفر ارقى درجات الامان وان بشكل غير مباشر للفرد، وذاك مطلب غالبية افراد الشعب، وبالتالي نرى حكامنا الميامين يشيطنون المؤسسة العسكرية ولا يسعون الى اعادة بنائها وفق نظم وضوابط متعارف عليها وتعمل بحرفية من اجل حماية الوطن، بل نجدهم قد سارعوا الى تكوين كيانات مسلحة ولاءها لهم وليس للوطن من اجل الاستمرار في الحكم.

المؤسف له حقا عند الحديث عن الجرائم المرتكبة في حق المواطن من قتل وتمشيط او تخريب مؤسسات عامه، يبادر ساستنا بالقول بان هؤلاء مجرمون اطلقهم النظام السابق من السجون.. وهو اعتراف ضمني بان من كانوا بالسجون مجرمون، هل يعقل بعد هذه السنوات من الحكم، يا من انتصرتم على النظام وجبروته في بضع شهور، وزلزلتم الارض من تحت اقدامه فابتلعت قادته، وقذفت ببعض اركانه الى خارج الوطن ورمت بالبعض الاخر خلف القضبان، تعجزون عن الامساك بهؤلاء؟؟ سؤال تصعب الاجابة عنه.

المصالحات (شخصيا اعتبرها مراجعات - تقية) الاخيرة بين الاطراف (النافذة) بمدينتي الثورة في الغرب الليبي جاءت بعد استشعار الخطر الداهم لهما من خلال توحيد المؤسسة العسكرية، والأخبار المتداولة بشان عدم الاتفاق بين قيادة الجيش والمجلس الرئاسي لاقتسام السلطة في المرحلة الانتقالية الحالية التي لا نعلم متى تنتهي، هاتان المدينتان وتوابعهما " الكناين " تبذلان قصارى الجهود لقطع الطريق نحو بسط سيطرة الجيش على كامل تراب الوطن.نتمنى على (الكناين) الاستفاقة، فلا بأس من عمل (مراجعة) كما يفعل الاسياد، لان معظم القتلى والمقعدين من ابنائهم، فالأسياد عندما يتصالحون لا (يعبأوون) يعيرون اهتماما بالتبع.

يبقى القول بان الانتخابات التي يتلهف الكثير الى اجرائها، انها لن تكون ذات جدوى في ظل وجود سلطات تشريعية وتنفيذية غير منتخبة_موازية، وتدخل اطراف خارجية، ما لم تتعهد الميليشيات والأجسام الغريبة بالقبول بنتائج الانتخابات التي تجرى تحت رقابة اممية.

 

ميلاد عمر المزوغي

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم