صحيفة المثقف

غرابة الأطوار

قصي الشيخ عسكرسيدتي

أنا – كما ادعت عيناكِ –

رسالة الأحزان للسنين

أدركت أني قادم إليك

فلم أزل مبعثرا

كالليل عند ملتقى القرون

ولم تزل

تلمني عيناك

في لحظة عميقة القرار

وقبل أن تخلعني الرياح

رأيت فيك صحوتي

فكيف لي أن أدرك المدار

ورحلتي

تبدأ من نافذة

قد تسبق القرون

يكفي بأنّ نظرتي

تشبّثت بصخرة السراب

في البدء قلبي عانق الضباب

وحينما ودعني ولم يغب

حدّثني

عنك طويلا

وانتبذ الأبعاد

قلبي الذي وعدته

أن يصبح المعنى لعالم الضياع

غادرني

وآخر المطاف

عيني التي توّجها السّهاد

تفرقت كونا بلا حدود

وعندما ..

رحلت من عطري الذي

رسمته

في ذاكرة القرون

رأيت فيك صحوتي والزمن القديم

كانت كما عهدتها المشاهد القديمة

متعبة

حزينة

غريبة الأطوار

مثلي أنا

والليل قد أدركني

جهلتها ..

تلك المشاهد القديمة

لقربها من ولهي المسكون بالظنون

لا تقترب

عيناك ذات يوم قالتا

وعندما ابتعدت

أدركت أني مفعم

قربا كما تلتحم الزهرة بالعطور

ما أبعد الأشياء يا سيدتي

لقربها الشديد

ما أبعد العاشق عن عينيه والفؤاد

كم غير اسمه وبدّل الدروب

وحوّل الليل إلى قصيدة

وامتشق النهار

فهكذا ..

تحكمني عيناك

إذ كلما

أخفيت بعضا من ولهي القريب

أظهرت بعضا من شغفي البعيد

فأصطلي ..

- وحدي كما عهدتني -

فرادة الضباب

وأنتفي ..

منه هوى القلوب

فإنني ..

أقسمت بالفراق والحنين

وكل ما تعرفه وتجهل القرون

أن أهجر العهد الذي ينسخنا

فالقرب في البعاد

سيدتي

قد تقتل الهوى غرابة الأطوار

فكل ما تدركه عيوننا

خاتمة تجهلها قلوبنا

فأصدق الغرام ما تنسجه أنامل المحال

وأجمل العشق الذي تحكمه غرابة الأطوار

 

شعر قصي الشيخ عسكر

.......................

من مجموعة رحلة الشمس والقمر الصادرة في بيروت ١٩٩٢

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم