صحيفة المثقف

مَقَامَةُ القَبَائِلِ والدّْيمُقّْراطِيَّةِ

محمد جواد سنبهفي بَعضِ أَيّامِ نَيّْسانّْ، شَغَلَتّْ الدِّعاياتُ الانتِخابيَّةِ المَيّْدانّْ، وبيّْنما كُنّْتُ أُشاهِدُ الإِعّْلانَ تلّْوَ الإِعّْلانّْ، مِنّْ عَلى التِّلفَازِ ذِّي الأَلوانّْ، شَعَرّْتُ بأَنّْي تَعِبٌ نَعّْسَانّْ، فاستَسّْلَمتُ للنَّومِ وأَنا سَغّْبانّْ (جائع).

(٢)

استَوّْلَى عَلى عُيُونِي الوَسَنّْ، وتَراءَى لِي ابّْنُ الوَطَنّْ، صَديْقي (مَسّْلوبُ بنَ مَنّْهوبٍ العِراقِيّ) الفَطِنّْ، قَالَ لِي:

حَيّْاكَ اللهُ يا ابنَ (سُنّْبَةَ) الجَلِدّْ، أَ تدّْري مَا يَحّْصَلُ فِي البَلَدّْ؟.

قُلّْتُ:

لا وَاللهِ يَا (مَسّْلوبَّ) لا أَدّْري مَا اسْتَجَدّْ.

قَالَ مَسّْلوبُ:

سَأخّْبِرُكَ بأَمّْرٍ وسوّْفَ تُسّْعَدّْ!!!.

قُلّتُ:

هَاتِ مَا عِنّْدَكَ قَبّْلَ أَنّْ تُطّْرَدّْ!!!.

قَالَ:

صَبّْراً صَبّْراً لا تَحتَدّْ، الخَبَرُ سَيَأتيّْكَ بِجَدّْ.

أَ تَعّْرِفُ (سَعّْدِيَّةَ) أُمِّ مُسّْعَدّْ ؟.

قُلّتُ:

نَعَمّْ ... فمنها النَّفْسُ تَمُوتُ وتَهّْمَدّْ.

قَالَ مَسّْلوبُ:

لقَدّْ رَشَّحَتّْ للانْتِخَابَاتِ لِتَفُوْزَ بِمَقّعَدّْ.

قُلّتُ:

باللهِ عَليّْكَ يا (مَسّْلوبّْ)؟!!. كَيّْفَ لَها الأَصّْواتُ تُحْشَدّْ؟.

قَالَ (مَسّْلوبُ):

إِنَّها تَقُوْلُ بِأَصّْوَاتِ عَشيرَتِها تُرّْفَدّْ.

قُلّتُ لَهّْ:

نَعَمّْ ... فَلَهَا عَشيّْرَةٌ كَثيّْرَةُ العَدَدّْ، وَهِيَ لَهَا خَيّْرُ سَنَدّْ، وَهِيَ مِنّْ عَدَنٍ إِلى بَغّْدَادَ تَمّْتَدّْ، وبالتَّأكيّْدِ سَتَفُوْزُ بِهَذَا المَدَدّْ.

(٣)

قُلّتُ:

لَكِنَّ يَا (مَسّْلوبَ)؛ أَ تَدّْرَيّْ مَا المَحّْذُورْ؟.

قَالَ (مَسّْلوبُ):

لا ... أَنّى لِيَ العِلّْمَ بِمَا فِي الصُّدُورّْ؟.

قُلّْتُ:

ثِقّْ يَا (مَسّْلوبّْ) لَقدّْ وَقَعّْنَا بالمَحّْذوْرّْ، يَومَ قَبِلّْنا بالمُحاصَصَةِ وكُلِّنَا مَجّْبورْ، فجَرَّتّْ علَيّْنَا الوَيّْلَ والثُّبُورّْ، فَتَضَاعَفَتّْ فِي مَقابِرِنَا القُبُورّْ. والأَدّْهَى يا ابنَ (مَنّْهوبٍّ) الغَيُورّْ، سَنَنّْتَقِلُ مِنّْ مُحَاصَصَةِ الوَيّْلِ والثُّبُوْرِ، إِلى مُحَاصَصَةِ النَّهْوَةِ والعَطّْوَةِ والفَصّْلِ بالأُمُوْرّْ، إِنَّهَا ديْمُقّْرَاطِيَّةُ العَشِيّْرَةِ عَلى الأُصُولّْ.

(٤)

وَ اللهِ يا ابنَ (مَنّْهُوبٍ) الكَامِلّْ، إِذَا آلَ الأَمّْرُ لِديّْمُقّْراطِيَّةِ المَهَازِلّْ، فَاعّْلَمّْ أَنَّ عِرَاقَنَا سَيَصّْبَحُ أَمّْرٌ زَائِلّْ، وكُلٌ سَيُمّْسِكُ بِشَيّْخِ عَشيّْرَتِهِ البَاسِلّْ، وعَلى النَّاسِ سَتَجّْرِي المَعَاضِلّْ.

(٥)

و حينُها مِنَ العِرَاقِ سَنُغَادِرّْ، ونَسّْكُنُ بَطَائِحَ الحِجَازِ وحَائِلّْ، نَرْعَى الجِّمَالَ وسُيُوفُنَا بالحَمَائِلّْ، نُدَافِعُ عَنّْ حَرَائِرِنَا ونُقَاتِلّْ، وسَلامٌ عَلى العِرَاقِ فَأَمّْرُهُ زَائِلّْ، لأَنَّ حُكّْمَهُ صَارَ بِديّْمُقّْراطِيَّةِ القَبَائِلّْ.

(٦)

وَ أَنَا أَتَحَدَّثُ مَعَ (مَسّْلُوبٍ)، شَعَرّْتُ بِبَرّْدٍ فِي بَدَنِي يَجُوبّْ، فَانّْتَفَضّْتُ انّْتِفَاضَ مَرّْعُوبّْ، وانْتَبَهْتُ مِنّْ نَوّْمِي، وكانَ الوَقّْتُ غُرُوْبّْ، وإِذَا بِالسَّمَاءِ تَمّْطُرّْ فَفَاضَتّْ الدُّرُوبّْ، وارتَدَّ المَاءُ إِلى البُيُوتِّ مَخّْبُوبّْ (مرتفع)، غُرَفُ دَارِي صَارَتّْ لِلمَّاءِ جُيُوبّْ.

فَلَعَنّتُ الدّْيمُقّْراطِيَّةَ، والعَمليَّةَ السِّياسيَّةّْ، وصَرَخّْتُ مَتَى الحَلَّ يَا (أَفنّْديَّةّْ)؟.

ضَاعَتّْ الأَحْلامّْ، وسَادَتّْ الأَوّْهَامّْ، وسَقُمَتّْ الأَفْهَامّْ، وضَاعَتّْ القَّضِيَّةّْ.

 

مُحَمّد جَواد سُنّْبَه

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم