صحيفة المثقف

مواربات السياسة.. تحالف الاضداد ولعبة مشبوهة

حيدر الحدراويقيل ان السياسة لا دين لها، والسياسي لا دين له، وربما أضيف (ولا مذهب له) . التيارات السياسية والفكرية تعتمد على الايمان بمبادئها وعقائدها، ايمانا مطلقا قد يصل الى التضحية بالغالي والنفيس من أجلها، كما هو مشهود ومعلوم في كثير من التيارات الفكرية والسياسية في حقبِ خلت، فقد عرضوا انفسهم للهلاك والاعدام من اجل ايمانهم وعقيدتهم بالمنهج الذي تمسكوا به .

اليوم، سياسة البلد، العراق الجديد وسياسيوه او مدعي السياسة بالأحرى، قد ضربوا كل ذلك عرض الجدار، وكأن خلافا حادا بينهم يوما ما وصل حد سفك الدماء لم يكن، ورغم التوجهات المضادة والمتناقضة 100%، فهذا في اقصى اليمين وذاك في أقصى اليسار، كل منهما يسير باتجاه معاكس تماما، ولا يؤمل تلاق بينهما ابدا ابدا .

نراهم اليوم يتألفون، يدا بيد، ويشكلون تحالفا سياسيا انتخابيا، لو قرر لهم الفوز، فكيف سيتفقون؟ كلا منهما يحمل عقائد ومبادئ مختلفة عن الاخر، بل مضادة للأخر، لا بل يؤمن احدهم بحليفه، الى درجة التكفير والتفسيق وهدر الدم ربما !!!!!! .

التيار الصدر وتحالفه مع الحزب الشيوعي المناقض له فكريا وعقائديا وحتى اجتماعيا، هذا لا يؤمن بهذا، ولا توجد نقاط ربط بينهما قطعا وجزما .

ائتلاف كهذا هل يبشر بخير؟!، لعل، وربما، أعداء الامس حلفاء اليوم، اذا لاحظنا عدة امور هامة، منها إن التيار الصدري يملك قاعدة جماهيرية واسعة النطاق، وقد جرب كل انواع السياسة، الجهادية والبرلمانية، والحزب الشيوعي لا يملك قاعدة شعبية بعد ان كان ذو شعبية كبيرة خسرها بمرور الوقت، لكن لايزال يضم بين طياته جملة من ذوي الشهادات والكفاءات، كما انهم لم يجربوا بشكل فاعل في الحكومات السابقة، بوجودهم مع التيار الصدري يكمل كلا منهم الاخر، فالتيار الصدري يملك القاعدة والشيوعي يملك كفاءات غير المجربة، ولعل ائتلاف كهذا (رغم ما قيل عنه أنه مشبوه) تم لخدمة الصالح العام والوطن حسب المظنون.

كما قيل (الحياة تجارب)، فبالأمس، جربنا تحالف الاصدقاء، لم لا نجرب اليوم تحالف الاعداء !!.

********

أحتراما وربما خشية من كلام المرجعية (المجرب لا يجرب) نلاحظ إنسحاب كثيرين من الاعضاء السابقين الذين كانوا يسرعون الخطى نحو الانتخابات، هذه المرة لم يرشحوا انفسهم، ربما ذلك احتراما للمرجعية او خوفا وجبنا من ردة فعل الناس .. نكل معرفة ذلك الى الله تعالى.

لكن .. اخرين لم يهزهم شعار (المجرب لا يجرب)، فقاموا بالتحايل واجروا بعض التلاعب، فهذا هو ديدن السياسة في المخاتلة والمواربة والمداهنة، نعم لم يرشحوا في قوائمهم السابقة، فقاموا بأمرين :

1- تغيير اسماء قوائمهم وارقامها، وضم وجوه جديدة لها، لكن قيادة القائمة هي هي نفسها، نفس الحزب ونفس الرئيس. يسلقهم الشعار (المجرب لا يجرب).

2- قام البعض منهم بتأسيس قائمة خاصة به، يكون رأس القائمة فيها وهو ممن طاله الشعار (المجرب لا يجرب)، لكن اعضاء القائمة مغرر بهم جدد، زجوا بهم لجمع الاصوات ما أمكن وبالتالي لضمان فوزه وعودته الميمونة للحكومة .

وهكذا تستمر لعبة الشرطي والحرامي، او لعبة القط والفار (Tom and Jerry ).

 

حيدر الحدراوي

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم