صحيفة المثقف

مقامة العاشق والمعشوقة

jawad khadommohamadقال حارث بن همام وقد غاض بحر قلبه كالبحر الطام وقد أدمعه سؤالها في بحر ما في العيون من جمالها ووصوله الى منالها: "كيف انجلى لك العشق حتى استدللت علي فجئتني مثل من مسه البرق؟"

"وأما من جلى لي معنى العشق المليم

فسفر عتيق قديم جلى الملام و الملوم

طرسه من جلدة قلب مات عشقا بالهيام

وحبره من مزاج دم صب في كؤوس من غرام

وقلمه شوكة وردة جورية في الفؤاد سقاها دجلة الف عام بالمداد"

قالت بعينها بصمت من شفتيها: "وأنى هذا السفر وقد طال به الخِبْر؟"

قال: "أضعته في مسراي اليك في الغياهب في تيه الوهاد التي يضيع فيها الراكب تلو الراكب فلا يجد دليلا ولا الى النجاة سبيلا حتى ليضطر لأضاعة العلامات التي بالقلب بها يهتدون كي ينأى عن الذين في قلبه يغربون"

قالت: "وما بالك اليوم أمامي وقد أضعت في طريق رحلتك الي سفرك من غرامي"

قال: "دلني عليك في ضياعي في الصحراء مناد ظهر من سراب البيداء يقول وهو يصول:

"حي هلا...حي هلا..بمن رافقنا لليلى بين الملا"

فرافقت ركبه رفقة السالك كي اصل الى مآلك واطعمني وسقاني وعلمني كيف أقف امامك لا أني"

قالت: "فما بالك تتحدث بخفوت كمن طاب له في موقف الوصل طيب السكوت؟"

قال: " تهت في عينيك تيه المرمي في الجب والتيه اول مراتب الحب"

قالت: " فكيف لو اتصلت بوصالي ورأيت بدري بعد محاقي وهلالي؟"

قال: "ساعتذاك أبوح وافضي بما قطعت في قافلة الوجد من ارض"

قالت: "فذلك الهجر الذي لمتني فيه؟"

قال: " ليس من لام معشوقه في الهجر بنبيه"

قالت: "فانشدني من شعرك بعد ان غازلتني بنثرك"

فقال وقد مال متواجدا متعاودا منشدا وناشدا:

"بي ألفُ مجمرةٍ منَ الوهنِ

يملأنَ قلبي العمرَ بالحزنِ

بي كلُّ قافيةٍ قصائدُها

ترمي الفؤادَ بنافشِ العهنِ

بي ثقلُ مَنْ بانوا ومَنْ رحلوا

ومَنِ ارتموا للبعدِ بالضعنِ

بي ملءُ آهاتي صدى آهٍ

وصراخهنَّ يروحُ في أذني"

قالت: "حق لك الوصل بعد الفصل والتقريب مني على عجل لا على مهل"

ودنت نحوه بعينيها وشم الطيب من ردنيها حتى اذا هم بالكلام استيقظ طربا من طيفها في المنام فسبح وحوقل واسترجع وتامل وقال في نفسه بصوت أقرب لما كان في المنام من همسه:

"طيف زارني فيا بختي

من جلنار ابنة ذي السمت"

 

جواد كاظم محمد

رئيس تحرير مجلة ادارة الازمة

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم