صحيفة المثقف

بلجيكا والحرب القادمة على الإسلام

علجية عيش(هل يتحقق مشروع "المسيهودية" الأمريكي؟)

الإسلاموفوبيا أو كما تسمى الكراهية للإسلام ذلك البعبع الذي ما زال يخيف الغرب وأوروبا بالدرجة الأولى، حتى لا يتحقق مشروع أسلمة الشعوب والمجتمعات في العالم، فقد أصبح مصطلح (إسلاموفوبيا) يستخدم بكثرة من أجل زرع بذور الكراهية والخوف والحكم المسبق ضد الإسلام والمسلمين، الأسباب تعود إلى غياب كما يقول محللون تعود إلى غياب القواعد السليمة لبناء العلاقات بين ألأمم والشعوب في إطار حوار الأديان والحضارات وحوار الثقافات، لتعيد الإنسانية كلها إلى الأصل الواحد، ولعل مشروع "العولمة" يعطي مفهوما جديدا لمفهوم "الخلافة" كقيادة تؤدي دور السلطة العالمية أو الحكم العالمي لكي تصبح أمريكا امبراطور العالم كله، ولذلك نجد المتخصصين في الدراسات الإسلامية يركزون في بحوثهم مسالة العلاقات الدولية وفكرة العالمية وكيف ستكون العلاقة بين الشعوب، هل ستكون علاقة حماية أم علاقة تحالف, ما عدا ذلك فباقي العالم كله أعداء وديارهم دار حرب، للأقوى أن ينال منهم، فأمريكا صاحبة المشروع العالمي تريد أن تكون كل الشعوب تحت سقف عقيدة واحدة هي:" المسيهودية" أي لا هي (أي الشعوب) مسيحية ولا هي يهودية، وقد آلت هذه "المسيهودية" كما يقول الدكتور طه جابر العُلواني من جامعة فرجينيا إلى ما يعرف اليوم في أمريكا بـ: الجودوكرستيان"، هي أمريكا التي ورثت عن الرومان والإمبراطورية الرومانية فكرة تأسيس مجتمع عالمي بديلا عن عالمية أو مركزية ألإمبراطورية الرومانية في ظل تعاليم المسيهودية.

فأمريكا ترى أن الإسلام الذي أسس دولة هي دولة محمد النبي، أصبح ينافس الكنيسة التي أسست دولة هي الأخرى، ولأن الكنيسة لم تفلح في أن تجعل من دولتها دولة عالمية، وفشلت محاولتها في السيرطة والهيمنة والتخلص من الأديان كالإسلام، اندفعت لتغيير أنماط حياة الناس وذهنياتهم، وتكسير بناهم الإجتماعهية والإقتصادية، أضحت تتخوف من وصول الإسلام إلى العالمية، وقد وصل بالفعل، ولذلك هي تعتبر الإسلام دين يهدد مصيرها ومستقبلها، وبدأت تنشر بذور العدائية بين الشعوب وتحذرهم من مخاطر الإسلام وتروج أنه انتشر بالسلاح والعنف، وتصف المسلمين بالإرهابيين، ويعتبر الرئيس التشيكوسلوفاكي ميلوش زيمان واحد من ناشري الخوف من الإسلام في أوروبا، إذ يرى "الأسلمة" وكأنها شرٌّ وجب محاربته، وعلى نظرية المؤامرة يبنى موقفه منها، وكان قد أشاد بقرار دونالد ترامب حظر دخول المسلمين إلى الولايات المتحدة، ونحن نقرأ مقالا تحليليا لكاتب غير مسلم، اسمه "جوليو ميو" صحفي ومؤلف إيطالي حول مشروع الدولة الإسلامية في بلجيكا التي يسعى حزب الإسلام تأسيسها في أفاق 2030، واعتمد هذا الصحفي على ما نشرته بعض الصحف الغربية، منها صحيفة لو فيغارو، التي قالت أن العاصمة الأوروبية بروكسل سوف تصبح مدينة إسلامية في غضون عشرين عاما، وما نشرته كذلك مجلة كوزور الفرنسية Causeur، وعبروا عن تخوفهم من هذا الحزب الذي حقق نتائج مثيرة في انتخابات 2012، لدرجة أن الخبراء في الشؤون الإسلامية ومن بينهم مايكل بريفو حذروا من حدوث انفجار في المجتمع البلجيكي من الداخل، بل ذهبوا إلى حد المطالبة بحظر الحزب، لأنه يشكل خطورة على عقيدة البلجيكيين، خاصة ما تعلق بمحاربة الإختلاط والسماح للفتيات ارتداء الحجاب داخل المؤسسات التربوية، والتوصل كذلك إلى اتفاق بشأن الأعياد الدينية الإسلامية.

ويطمح حزب "الإسلام" إلى الترشح لإنتخابات المجالس البلدية في منطقة بروكسل أكتوبر القادم، وحسب التقارير، يطالب حزب الإسلام في برنامجه الانتخابي بإقامة دولة إسلامية تتماشى مع الدستور البلجيكي، كما يعتقد حزب الإسلام أن النجاح سيكون حليفه في الإنتخابات المقبلة، كونه يتمتع بشعبية واسعة رغم أن وعاءه النضالي لا يوجد سوى في 28 بلدية من مجموع 589 بلدية، لأن الوضع الديمغرافي لصالحه، حيث سيكون الحزب ممَّثلًا في 14 قائمة من أصل 19 قائمة يمكنه الترشُّح فيها، وهذا يسبب تخوف الحزب الإشتراكيمن بزوغ نجم حزب الإسلام بعد حصوله على مقاعد في انتخابات سابقة في البلدية عام 2012، ثم فوزه في الإنتخابات البرلمانية عام 2014، تقول التقارير أن َ ثلث سكان بروكسل مسلمين وسيصبحون الأغلبية في غضون خمسة عشر أو عشرين عامًا، فهذا أوليفييه ماينغين رئيس حزب ديفي الليبيرالي بدأ يحذر من تحركات حزب الإسلام، حيث طالب بحظر الحزب لسبب واحد هو أنه حامل مشروعا إسلاميا، ودعا إلى إدراج العلمانية في الدستور البلجيكي، وهذا ما يؤكد على تخوف البلجيكيين من انتشار الإسلام وشروع الحكومة البلجيكية في تطبيق الشريعة الإسلامية وأسلمة المجتمع البلجيكي، مثلما ذهبت في ذلك ألمانيا، وخضوعها لبعض أحكام الشريعة الإسلامية في قضايا تعلق بالأحوال الشخصية، إذ ألزمت محكمة ألمانية كل من تزوج وفقًا لأحكام الشريعة الإسلامية في بلد إسلامي ثمَّ سعى في وقت لاحق لطلب الطلاق في ألمانيا أن يلتزم بشروط عقد الزواج الأساسية الموضوعة وفقًا لأحكام الشريعة الإسلامية، ثم قضية اعتناق أحد القياديين من حزب البديل الألماني الإسلام.

وفقا لدراسة مسحية أجراها عالم الإجتماع يان هيرتوجنف فإن عدد المسلمين في بلجيكا يفوق عددهم 780 ألف مسلما حسب إحصائيات 2016، ويشكلون 07 بالمائة من مجموع السكان في بلجيكا، والسؤال الذي يمكن أن نطرحه هو ما مدى تأثير ظاهرة الإسلاموفوبيا على المسلمين في المستقبل، خاصة بالنسبة للجالية المسلمة في المهجر؟ في ظل تنامي الجماعات الإسلامية المتطرفة (داعش) والدور الذي تلعبه في تعزيز هذه الظاهرة في العالم، لقد بات ضروريا على الأنظمة الداعية إلى السلم والتعايش تغيير خطابها، والتحرك بسرعة لوضع استراتيجيات حديثة في التصدي لظاهرة الاسلاموفوبيا، والبحث عن الآليات الكفيلة للقضاء على الإرهاب، فيما أشارت تقارير أن المسلمون وحدهم القادرين على إنهاء الإسلاموفوبيا، قد يكون ذلك صحيحا لكن في إطار حوار عالمي لتصحيح الصورة السلبية للإسلام القابعة في الذهن الغربي، وإيجاد حلولا للمشاكل التي تكتنف علاقة الغرب مع العالم الإسلامي، ومن ثم الوصول إلى عالم أكثر سلاما تحيا فيه الشعوب مع بعضها البعض في سلام وتلتقي في ظل واحد اسمه التعايش السلمي.

 

قراءة علجية عيش

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم