صحيفة المثقف

هكذا ألّبت إسرائيل المسيحيين ضد المسلمين في إفريقيا

علجية عيشفي ذكرى تأسيس منظمة الوحدة الإفريقية

ما أن استيقظت أفريقيا وبدأت تفك عن معصمها القيود التي كبلتها زمنا طويلا حتى حاصرها الاستعمار الجديد، وكان أقسى من سابقه وأخطر وأشد تحطيما لأمال القارة، وقد جند الاستعمار الجديد في افريقيا لهذا الغرض عددا كبيرا من الثورات التحررية المزيفة ومن القادة والزعماء المستعدين دوما التنازل عن مطامح شعوبهم وآمالها لقاء التربع على عرش السلطة والرئاسة، في حين تسعى المؤسسات التبشيرية والصهيونية نشر ثقافة التعايش السلمي من أجل أن توسع مواقع نفوذها في افريقيا وفي عقول ساستها وقلوب شعوبها

و يأتي الاستعمار الجديد في إفريقيا تكملة لما خلفه الاستعمار القديم من ردة فعل في وعي الإنسان الإفريقي وشعوره ضد العرقية والتعصب اللوني، لكن هذه المرة جاء بمخطط جديد، أعماق أفريقيا يبني من خلاله سدا بين الإسلام والقارة السوداء وليقطع الطريق على المسلمين من أن ينتشروا في افريقيا، هذا ما جاء في كتاب الدكتور عماد الدين خليل بعنوان: "مأساتنا في أفريقيا" الحصار القاسي، حيث تحدث عن الوحدة الإفريقية وما رافقها من تأكيد على مفاهيم الحياد الإيجابي وعدم الإنحياز، وقال أنها سوى امتداد للتآمر الإمبريالي على الوجود الإسلامي في افريقيا، مضيفا أن الوحدة الإفريقية أريد لها أن تكون طاقية لإخفاء اشد عملاء أمريكا صداقة وإخلاصا، ثم يضيف أن الحكام في شمال افريقيا لا يعدو أحدهم أن يكون عضوا ضالعا في فلك السياسة التي أنشأت منظمة الوحدة الإفريقية وراحت تجني ثمارها، لأن معظمهم يجهلون ابسط المفاهيم والأعراف الدبلوماسية والسياسية التي تقضي بضرورة مصلحة الدولة والحفاظ على أمنها.

استغلت إسرائيل الأنظمة لتنفذ إلى قلب إفريقيا عن طريق زعماء الدول الإفريقية وكذلك كبار المثقفين وتنشئ علاقات متينة مع أولئك الحكام دون أن يكون لشعوب تلك الدول رأي حول الموضوع، وحققت إسرائيل مرادها عن طريق العطف على الدول الناشئة، فازداد الخطر الصهيوني واتسع نطاقه، من وجهة نظر الكاتب فإن القضية ليست إسرائيل وحدها، بل هي قضية حركة عالمية تدعمها "الماسونية"، التي عملت على تضييق الخناق على المسلمين بالتجويع والإرهاب والقتل والإفناء، ولقد لعب الإعلام الإسرائيلي دورا في التأكيد على التجربة الإسرائيلية في أنحاء الدول الإفريقية، خاصة في بريطانيا وفرنسا، وهي أجهزة يلعب المال اليهودي الدور الأول في تسييرها، كان بن غريون قد خاطب الشعوب الإفريقية بخصوص اجتذاب إسرائيل للإفريقيين، هو أن الطريق الأكثر ضمانة للوصول إلى السلام والتعاون، يكون عن طريق الحصول على أكبر عدد ممكن من الأصدقاء في آسيا وأفريقيا الذين سيفهمون أهمية إسرائيل وقدرتها على المساعدة في تقدم الشعوب النامية، ولابد من إقناع العرب بالتفكير في التعايش السلمي، يشار أن تعداد الجالية اليهودية في إفريقية قفز إلى نحو 500 يهودي في منتصف الستينات فقط وبشكل أكبر في نيجيريا.

كما عملت إسرائيل على إغراق السوق الإفريقية بتجارتها ومشاريعها، من خلال إنشاء الشركات،على غرار شركة النجمة السوداء للنقل البحري في غانا، برأسمال 150 ألف جنيه إسرائيلي، 60 بالمائة لغانا والباقي لها، ونفس الشيئ في السنغال وفي ساحل العاج، بالإضافة إلى عمليات التدريب التي أخذته إسرائيل على عاتقها لتدريب الشباب الإفريقي (تانزانيا، كينيا ويوغندا) في إسرائيل ليتخرجوا كطيارين حربيين وتدريبهم كذلك على السلاح الجوي، وحتى في السودان، كانت هناك مراكز عديدة للذرة تحت إدارة الإسرائيليين، وكانت أهداف إسرائيل أن ينفصل الجزء الجنوبي من السودان في دولة مستقلة وتسميها " دولة أواسط أفريقيا"، وشددت إسرائيل على فرض الرقابة على المدارس التعليمية الإسلامية في الوقت الذي انصب التعليم والتثقيف على المسيحيين، تدل التقارير الواردة عن النشاط التبشيري أن برنامج الكنيسة يرتكز أساسا على إنتاج أكبر عدد من القساوسة والمبشرين السُّود ودعمهم بالوسائل المادية والإعلامية من أجل إعاقة سير الإسلام، وقد وصلت البعثات التبشيرية إلى 15 ألف بعثة، وتمكنت هذه البعثات التبشيرية من تنصير 05 مليون شخص في الكونغو، أما الجمعيات الإسلامية وفق التقرير، فلا توجد ولا جمعية واحدة للدعوة إلى الإسلام، رغم أن عدد المسلمين في الكونغو كان يصل في تلك الفترة إلى 850 ألف مسلم، فلا توجد تبرعات من المسلمين من أجل نشر الدعوة الإسلامية، هل هو الفقر أم حركة الجمود التي التصقت بالمسلمين، وهكذا حاولت الكنيسة أن تقلب قارة إفريقية إلى قارة نصرانية.

كان الرق قد وجد تشجيعا وانتشارا على أيدي المستعمرين القادمين من الدول الأوروبية، حيث قاموا بتسيير وقيادة تجارة الأرقاء في أفريقيا على نطاق واسع، لأنها كانت تشكل مصدرا واسعا للربح والدخل الحكومي، وأمام الخطر التنصيري، استيقظ سكان نيجيريا وسارعوا إلى تأسيس المدارس الإسلامية لمواجهة الإرساليات التبشيرية الإستعمارية، التي تملك محطة إذاعية تخاطب فيها المسلمين في نيجيريا وباللغة العربية تدعوهم إلى ترك الإسلام، مع عرض بعض نقاط التاريخ الإسلامي بشكل مغاير للحقيقة، وفرض عليهم الكتابة بلغة الأجداد (الهوسا) لإبعادهم عن العرب والعربية، تساعدها في ذلك الحكومة الإنجليزية، إلا أن الزعيم أحمدو بللو وقف مدافعا عن الإسلام والمسلمين يدعو وينافح لنشر الثقافة الإسلامية، وتوثيق اتصالاته بالعالم العربي، ولم يسمح لإسرائيلي واحد أن تطأ أقدامه أرض نيجيريا الشمالية، فكان موضع مطاردات من قبل المبشرون والمستعمرون الصهاينة وخططوا لقتله، وفي سنة 1966 بعد عودته من أداء مناسك العمر هاجمه في بيته نفر من الضباط من تلاميذ المبشرين ابناء الإقليم الشرقي، وقتلوه هو وزوجته وأولاده وأحرقوا منزله بكادونا عاصمة الإقليم الشمالي المسلم، هكذا ألبت إسرائيل المسيحيين ضد المسلمين.

نداء جبهة "فلورينا" إلى مسلمي العالم

تذكر التقارير مذبحة زنجبار التي قتل فيها 23 ألف مسلم، وما حدث في تشاد بمساعدة القوات الفرنسية، مما دفع بجبهة التحرير الوطني التشادي ( فلورينا) إلى توجيه نداء إلى مسلمي العالم، قالت فيه: "إن الجبهة قد أخذت على عاتقها أن تقود النضال المسلح في البلاد، جاعلة شعارها (النصر أو الموت)"، وكان من أهداف الجبهة الإستقلال الحقيقي التام، طرد القوات الفرنسية وإجلاء كل القواعد العسكرية الأجنبية، القضاء على التسلل الصهيوني في التشاد خاصة وفي أفريقيا عامة، التفرغ لدعم قضية فلسطين وقضايا الوطن العربي، والرد على الأعمال الصليبية التي كان من نتائجها إبادة 400 من العلماء المسلمين، هذه الظروف مهدت لتأسست منظمة الوحدة الأفريقية، ثم الاتحاد الأفريقي، ومع ذلك، فقد تم الإبقاء على اسم وتاريخ أفريقيا يوم احتفال بالوحدة الافريقية، وهي تهدف إلى تحرير القارة نهائيا من الإستعمار، القضاء على التخلف الإقتصادي، وتوطيد دعائم التضامن الإفريقي، ثم الإرتقاء بالقارة إلى المكانة التي تليق بها على ساحة صنع القرارات الدولية.

و تعتبر أفريقيا ثاني أكبر قارات العالم من حيث المساحة وعدد السكان، تأتي في المرتبة الثانية بعد آسيا، تبلغ مساحتها 30,2 مليون كيلومتر مربع 11,7 مليون ميل مربع، وتتضمن هذه المساحة الجزر المجاورة، وهي تغطي 6% من إجمالي مساحة سطح الأرض، وتشغل 20,4 من إجمالي مساحة اليابسة، كما يفوق اليوم عدد سكان أفريقيا مليار نسمة، حيث يعيشون في 61 إقليم، وتبلغ نسبتهم حوالي 14,8% من سكان العالم، وتضم القارة 53 دولة، بما في ذلك جزيرة مدغشقر وعدة مجموعات من الجزر، والتي تعتبر ملحقة بالقار، تقول تقارير الأمم المتحدة أن 41 بالمائة من الأفارقة ما زالوا يعيشون في فقر مدقع، وأن نسبة البطالة وصلت إلى 20 بالمائة لدى الشباب، وأن 250 مليون افريقي يواجهون خطر الجفاف (نقص المياه) مع حلول 2020، حيث يشكل المناخ تهديدا كبيرا للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية في أفريقيا، فضلا عن انتشار الأمراض ومنها مرض فيروس الإيبولا في غينيا وفي غرب افريقيا، وللخروج من الأزمة وضع رؤساء دول وحكومات الإتحاد الإفريقي جدول الأعمال القاري في آفاق 2063 لتمكين أفريقيا بالاستمرار في التركيز والالتزام بالمثل العليا التي تتوخاها القارة في سياق عالم سريع التغير.

 

علجية عيش

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم