صحيفة المثقف

تراچي

رسمية محيبس

في بيت ريفي منعزل على اطراف قرية تبتل أصابعها بماء الغراف ولدت، يتنهد النخل وتشهق السحب وهي تمر مجتازة هذا البهاء .تنطلق من البيت صلاة تغسل وجه القمر، وتسابيح (يامن دلع لسان الصباح بنطق تبلجه) .تهبط ملائكة تخوض في ماء النهر. تدلف البيت المفتوح يعلو صخب الطيور على شجرة تتوسط الحوش. زوارق الصيادين تدور في التيار الذي يغسل الشواطىء فتبدو كالمرآة ينام البيت في أحضان النهر على هدهدة الموج (يا خوخ يا زردالي) ويستيقظ متثائبا مع الفجر .

تدور بمبخرتها في غرف البيت دخان له عطر زهرة الجوري بخور يختلط بالحرمل تدوخ الملائكة فتهرب من النوافذ الصغيرة تسحب دفترا منسيا على رف قديم وتدون كلمات ادخرتها ولم تحتفظ سوى بالقليل

تغلق الدفتر وتفتح صفحة افكارها ساشير الى النجوم واظفرها قلادة أعلقها على الباب تعويذة تطرد الأرواح الشريرة الكلمات حمائم تفرد اجنحتها وتحلق لم أتنفس رائحة اروع منك ايها الجنوب أنت طائر ازرق يصدح قرب النوافذ المضاءة . يغسل اقدام المريمات بماء الورد ويطوق اعناقهن بزهره الأبيض الذي يطفو على ماء المستنقعات . لم يعد ورد الجوري ينمو في حدائق أكد مذ غادرها قارئ المقاييس وآخر الصيادين محيبس زاير كانت تبدو اشبه بجنة نسيها الرب قرب الجسر ذلك الصراط المستقيم الذي نعبره ، سيوصلنا الى النجوم كان الماء أسفله يفور اشبه بكركرة بعيدة (موجاته مثل معاضدك فضة يتلاله وي جاري الماي هلهولة فرح غضة)

لقد كان النهر حينها يفيض بالخير والنماء والسمك الوفير أحيانا تنسى الموجة السمكة على الرمل وتذهب او تترك لنا نحن الصغار قلائد وأساور وتراچي لا ادري من اين ياتي بها الماء وحتى السفن التي تأتي في مواسم المد يغني الملاحون فيها أغان فيها رائحة الهور والبردي والخريط وحين ياتي المساء يوقدون مشاعلهم على الشط، وتتصاعد الألحان والطبل نسمعها من على السطوح متقطعة يا ليل يالكلك ترافة

 

رسمية محيبس

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم