صحيفة المثقف

صاحبة المقام وأميرة الأحلام

زاحم جهاد مطرالى جميل حسين الساعدي

كتبت له بعد ان اشتقت اليه:

ايها الجميل الذي عنّا غاب وغرب واختفى عنا واحتجب؛ يا من فراقك غربة ووحشة وغربة؛ الشوق اليك يزيدنا خفعاً والرسائل بيننا لا تجدي نفعا؛ فكلما زاد الفراق زاد الاشتياق فمتى تحين ساعة العناق والتلاق .

واذا به يهلُّ قبل هلال العيد ويلبي طلب المحب المريد؛ مستهلا عودته بالتحية والسلام على جميع الأنام متحدثا كعادته بأجمل كلام؛ رقيق ساحر وفي العذوبة ماهر؛ فكما أقلقنا بذهابه طمأننا بإيابه؛ وسكّننا وهدَّأ من روعنا .

قلت (معاتبا لا لائما):

وهل يليق بالجميل أن يبخل بالجميل على المحب الخليل ؟

قال: وحق الرب الجليل لم يكن الأمر مقصودا والدليل على ما أقول مجيئي اليك قاصدا ولقصائدي قاصدا؛ بعد ان جبت أقاصي السنين حالماً حاملا آلامي وآمالي هائماً في أيام الحياة الخوالي؛ من الماضيات الزاخرات بالمتغيرات والحافلات بالتجارب والخبرات ما يفوق كل التصورات؛

قلت: اراك تتحدث بلغة الحكيم المجرب الخبير والعالم العارف المستنير

قال: نعم يا زاحم يا من مثلي في بحر العشق عائم؛ ما عاد يغريني الكلام كثيرا فقد عشت حياتي كما خلقت إحساساً وشعورا؛ فألغيت تاريخي بلحظة وعدت في هواها طفلا صغيرا؛ وجدت بدري في سناها وغيثي من سماها وكأن الذي خلقها وسوّاها جعلني أرى الدنيا بعيونها وأكتب الجمال بحروفها واطمأن وأسكن في أحضانها وبنور وجهها أبدد سواد الحياة وظلامها وبلمسة من أناملها تنسيني صروف الدهور وغدر أيامها وإنقلاب موازينها .

قلت: وكيف ذلك ايها العاشق النبيل فهل لهذا العشق من تفسير او تعليل ؟

قال: لا تفسير ولا تعليل ولا شرح ولا تحليل؛ فمهما حاولت وفكرت وجاهدت واجتهدت فلن افسر العشق بغير العشق ! كمن يفسر الماء بعد الجهد بالماء؛ فقل في ذلك ما تريد وما تشاء .

قلت: إذن هي من توحي لك بكل هذا الألهام من جميل الصور والكلام ؟

قال: نعم هي......إنها أميرة أحلامي ومصدر عشقي وإلهامي؛ حتى لو كان عشقها أسراً والأسر ذلٌّ فقد هواه هيامي مع أول ايامي .؛ إنها حبي الأول والأخير منذ صغري وكبر ونما مع عمري؛

أصبحتْ أميرتي مذ احببتها واصبحتُ أميراَ رغم الأمراء بحبها؛ وسموت في سماء حبها في الأعالي ووجدت ملك الدنيا دونها تافه بالي . وغنيت بأسمها أنفسا كانت صخورا فنطقت ولانت وإهتزت فرحا ومالت وإنتشت كأطراف الرياحين وغردت كالعنادل في البساتين؛ وصفقت كالطيور وسقسقت وخرخرت كالمياه في الشعاب ورقرقت؛ وتجملت كالمروج بألوان الربيع وتزوقت .

شممتها زهرة فواحة بالطيب تأرج فأحسست ان الدنيا اصبحت بالزهور والزنابق والورود تموج وتعج . دهش الزمان لحبنا وتغير وأسكننا خضر الجنائن واكثر؛ وجعل من زهر النجوم لنا سريراً ومن نمارقنا حريراَ . وسقت روحي من رضابها خمراً معتقاً فلا أستلذ بغير خمرها وكل صباح أقول لها ألا هبي بخمرك وللصبوح فاسقينا وابعدي كل خمر حتى الأندرينا .

يا صديقي هي من جعلتْ حلم صباي حقيقة أعيشها يقينا وملأتْ أيامي بهجةً وغبطةً وحنيناً؛ لولاها أنا جسم بلا روح محمّر اللوح ومغبرّ السوح حتى لو عشت عصورا . هذه الحكاية من البداية الى النهاية هي الكلمة فيها فكرة وسطورا .

قلت: اذا كانت هي الفكرة والسطور فاين محلّك من الأعراب ؟

قال: وأنا إعرابها في رفعها ونصبها وجزمها وجرّها !

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم