صحيفة المثقف

جدوى الحياة.. سطوة الموت.. دراسات ومصائر

وديع شامختشير الدراسات العلمية وفي كافة الحقول بأن هناك اعمارا افتراضية لكل منتوج، وصناعة، وبضاعة، فلكل شيء أجل ونهاية، ومن جميل الحياة ان توفر لنا القدرة على اتخاذ قرار مناسب في اقتناء مانريد حيازته من الاشياء المادية الضرورية والكمالية معا.

في الاختيار هناك فرصة متاحة لقرارنا في الانحياز الى خيارات كثيرة، ولكل خيار احتمال، ولكل احتمال حياة، ولكل حياة بداية ونهاية.

لكي نقرر علينا ان نخضع القرار الى دورة استحالة، ُتعرف في علم الادارة بدراسات الجدوى، ولا اعني بالجدوى بتنوعها الحقلي "اجتماعيا واقتصاديا وبيئيا الخ" بل اعني تتبع خطوات صناعة القرار من جمع المعلومات، تبويبها، تصنيفها، اختيار البدائل الى استخراج الغاية الحقيقية من حيازة هذه الحاجة او غيرها أو رفض الاقتناء أصلا..

....

القرار اذن يخضع الى تفاصيل دقيقة في حياتنا حتى لحظة اختماره في قضايا احتمالية لنا فيها القدرة أو التعسف معا على الخيار والاخبار لظروف خاصة، ولكن قرار مثل هذا قد يكون له وقع على حياة الكائن اليومية وعلاقته بمحيطه عائلة ومجتمعا سلبا أم ايجابا، ووفقا لنوع وحجم الخسائر او الارباح المترتبة عن هذه القرارات، التي ترتبط بحالة المادة ضرورية كانت ام كمالية في اعمارها الافتراضية، وهذا عزاء جميل يقدمه الدرس العملي اليومي لقيمة السلع والبضائع والحاجات واعمارها لما نمتلكه من قدرة على الاختيار والامتلاك والرفض معا، لانها قرارات ثمنها مادي صرف وخساراتها وارباحها لا تتعدى المادة والاستمتاع بها لزمن مخصوص في صلاحياتها

.........

الحياة ليست كماليات وضروريات مادية فقط، فهناك حياة تقف في الضفة الآخرى للروح التواقة للمجد والخلود، هناك حياة وجودية لا ترتبط بقرار جدوى بل بقرار مصير، فهي ليست نزوات وحاجات وكماليات، هي حياة الروح والقدر بين الجبر والاختيار، والجسد له صلاحية واضحة في البقاء، سوف نحسن ادارته لو رضخنا للعلم ووصايه في الحفاظ على الجسد نشيطا، ولكن لا وصايا على الروح وخلودها، إلا بقرار ينبعث من القدرة على الايمان بقوة الروح ورسالتها وحاجة الجسد كوسيلة للوصول الى غايات سامية

.....

لا صلاحية للروح ولا مزاد للسمو، الحياة سائرة وفق اركانها الطبيعية لختامها، ولكن السؤال،، اي ختام يليق بروحك ؟

هل الروح المعلقة في بازارات واسواق العامة، هل الروح المعلقة على خطاطيف دكاكين الجزارين،هل الروح المخنوقة في جداول الاحصائيات ودراسات الجدوى، هل الروح الخائبة المستسلمة لادعية وصلوات رجال الدين؟

وهل المصير هو قرار آني أم قدر؟

وكيف نحتسب للخسائر مثلا اذا تحولنا على طريقة كافكا الى مسوخ في روايته الشهيرة " المسخ"؟

كيف نشعر ونحن صراصير، اي كبرياء نحمله أمام ضرورة الاشياء المادية، واية قيمة لارواحنا في مهرجان الحياة الصاخبة؟

....

بعد أن نكون صراصير بالارادة وليس بقدر كافكوي، سوف نكون اوفياء لعالمنا السفلي لعالم – المجاري – واشتراطات نزوة الفضلات، وغيرها من الأوسمة اللامعة على انحدارنا نحو السفلية، والاكتفاء بما هو متاح للكائن من مباهج داخل الانفاق.

بعد هذا التحول الكافكوي يحق لنا السؤال الوجودي؟

هل أنا "غريغوري" الذي استفاق من نومه ليجد نفسه صراصرا، أم أنا غير هذا؟

......

عند أفق الصرصار لا أحد ُيمثل لحياة غيرها طالما هي الخيار المتاح الوحيد، ولكننا سوف نحلم هذا القدر لنعيده رواية سردية دون واقع، وبهذا نعيد التوازن بين الحلم كواقع والواقع كخيار، نحلم بلا كوابيس، ونشرع لضفة الحلم في الحياة المحلومة على حد تعبير –غاستون باشلار-، –

الحلم ركيزة وموقد وحكاية للخروج من القار من الواقع وسطوة الموت وسيادة الخواء.. في الأحلام نحقق قوة الحياة خارج شروط نفقها، وفي الخيار نمارس ارادتنا بانتصاب أكيد، وستكون المصائر من اختيارنا وفقاً لقوة

القرار الشخصي وصوابه .

.........

وديع شامخ

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم