صحيفة المثقف

ماذا يمكن أن نقوله عن زواج الجامعيات برجل غير مثقف؟

علجية عيشليس من باب تكسير إرادة المرأة والتقليل من قدراتها العقلية، فقد بلغت من الدرجات ما لم يبلغها بعض الرجال الذين لم يسعفهم الحظ في التحصيل العلمي أو الوظيفي بسبب الفقر والبطالة وظروف اجتماعية أخرى، لا يسع المقام لذكرها هنا، لكن بعض الرجال تفوقوا على المرأة، وبخاصة الأزواج، الأسباب عديدة نذكر منها: عندما تحمل المرأة أو تضع جنينها مثلا، فهي تصبح غير قادرة على الحركة، وقد تحرم من حضور الملتقيات والندوات، أو إجراء بحوثها، في هذه المدة يكون الرجل قد تقدم بخطوات كبيرة، فهو يشارك ويناقش ويجري بحوثا، وقد ينهي دراسته قبلها، أو قد يجد منصبا وظيفيا مرموقا، لأنه في الفترة التي تكون هي في عطلة أمومة مثلا يكون هو قد اكتسب معارف جديدة لم تكتسبها هي، وتكون المرأة في هذه الحالة قد تأخرت عن الرجل بدرجات كبيرة، كما قد تضيع المرأة وقتا طويلا في المطبخ لتحضير العشاء أو في التنظيف، وأحيانا في مراجعة الدروس لأولادها، في هذا الوقت يكون الزوج يطالع كتابا أو يتابع حصة تعالج قضايا علمية ثقافية سياسية، وقد تغيب كذلك عن حضور اجتماع ما لأنها مرتبطة بواجبات منزلية، ولا تجد بديلا يعوضها الفترة التي تغيب فيها عن المنزل.

هذه عينة من الأسباب وتوجد أسباب أخرى كانت في صفّ الرّجل جعلته يتقدم على المرأة بخطوات وسبقها في تحقيق أحلامه وطموحاته، كثير من النساء اللاتي أخفقن في بناء مستقبلهن للأسباب السالفة الذكر وأسباب أخرى، ونقصد بذلك زواج الجامعيات برجل غير مثقف، أو ذو مستوى محدود،، ولنا أمثلة كثيرة في هذا المجال، فبعض الرجال يخترن جامعيات للزواج، ويوافقون على شروطهن مثل إتمام الدراسة إلى أعلى مستوى وأن تعمل، ثم ما يلبث الرجل أن يغير موقفه، خاصة بعدما تضع مولودها الأول، فيبدأ في مطالبتها بالتوقف عن الدراسة والعمل لكي تتفرغ لتربية طفلها والبقاء في البيت، خاصة إذا كانت الزوجة تتكلم بلغة أجنبية، حدث مع زوجة كانت قد أوفدتها الجامعة إلى دولة أجنبية للمشاركة في مؤتمر دولي، وقد أصر الزوج على مرافقتها، وهناك وقع ما وقع، شجار وصراخ أمام الحضور من العرب والأجانب، فقد كانت الزوجة في قمة الجمال، ولما كانت تحاور باحثا أجنبيا لا يتكلم باللغة العربية، أجبرت على الحديث معه بالإنجليزية، وكانت الغيرة والشك قد تمكنا من الزوج، وراح يسألها وهو يصرخ: " واش قاعدين تقولو" ورغم أنها أقسمت له بأنها تتحدث معه في إطار عمل، غير أنه لم يصدقها، واتهمها بالخيانة، كونها في قمة الجمال، وكم الحالات التي وصل فيها الزوجان إلى العدالة، والعكس أن بعض المثقفين يرتبطن بنساء ذات مستوى محدود، ثم بعد مرور أشهر أو سنوات يندمون على زواجهم بامرأة لا تناسبهم مستوى، فنجده يتزوج بأخرى ويتخلى عنها بعدما أنجب معها أولاد، ويهمل واجبه كأب.

بعض النساء الأكثر تفطنا وجدن الحل في "الاستمرارية" باشتراط وثيقة وهي le contrat de mariage يوقعها الزوج أمام القاضي تعبيرا عن موافقته على عملها خارج البيت، وإن كانت بعض النساء العاملات ذات المدخول الجيد واللاتي لا يعانين من ضائقة مالية فقد يضعن أولادهن في الروضة أو يكلفن مربية أطفال garde d’enfant للبقاء مع أطفالهن، رغم ما يحدث من أخطاء وجرائم ترتكبها بعض المربيات والتي امتلأت صفحات الجرائد بها، في حين تعاني نساء عاملات من مشكل رعاية أبنائهن والبقاء معهم أثناء خروجهن للعمل، لأن راتبهن الشهري لا يكفي لتسديد هذه الأعباء، فتجبر الأم على إبقاء طفلها أو طفلتها عند أمها، وفي هذا الحالة قد تسبب مشاكل عائلية الجميع في غنى عنها، وحدث يوما أن تهجم أب على ابنته وهو في حالة غضب قائلا: " زوجتك باش نتهنى وليتي بيك بأولادك لي، اقعدي في دارك" ، في حين نجد حالات أخرى أكثر قساوة تكون فيها البنت ضحية أنانية الإخوة، ففي الوقت الذي يبني الرجل ( الأخ) مستقبله ويخطط لتحقيق طموحاته في المجتمع، بحيث تكون هي مجبرة على رعاية أبيها وأمها المسنين، وقد يفوتها قطار الزواج وبناء أسرة، هذه عينة من الأمراض الاجتماعية التي استعصت على المجتمع التفكير في إيجاد الحلول لها، وهي تحتاج إلى تحليل ونقاش معمق من طرف المختصين في علم الإجتماع ورجال القانون ورجال الدين، والبحث عن مخرج لهذه الأزمة.

 

علجية عيش

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم