صحيفة المثقف

أهم العوامل المتأثرة والمؤثرة في شخصية الممثل

جوزيف الفارسالعناصرالاساسية لفن التمثيل: لو تطرقنا الى هذه العناصر، لوجدناها هي الاساس لحرفية الممثل والذي يهمه الابداع والتالق، وتطوير مهارته في التمثيل، فمثلا نحن نعلم بان سلاح الممثل صوته وجسمه، فالصوت الذي يساعد على تصوير المشاعر والاحاسيس الداخلية تصويرا صوتيا، والتلوين عن طريق الحنجره (الاوتار الصوتية) وكذالك تساعد على تصوير الكلمه تصويرا صوتيا ايضا وعن طريق مخارج الحروف الصحيحة والنطق السليم .

اما الجسد، فهو الوسيلة التعبيرية والذي يتكون من عدة عناصر تتغير بفعل الاحاسيس والمشاعر الداخلية للانسان، اضافة الى هذا اكتسابه المرونة الجسدية ومن خلال (التكنيك بدي اي الرياضة المسرحية)، والتي هي ضرورية لاي ممثل تساعده على تكييف جسده وبموجب متطلبات الشخصية المسرحية من اتخاذ اشكال مختلفة للجسد من انحناءات في الظهر ومن تقوسات الاقدام والسيقان ومع تغيير الصوت وبموجب متطلبات الشخصية في البعد الطبيعي (الشكل الخارجي للشخصية) ولا سيما في رسم جمالية الحركة   .

اضافة الى كل ماذكرناه انفا، يستطيع الممثل الاستعانة بالمقومات الاساسية والتي تساعده على تجسيد الشخصية وتسخيرها وفق مامرسوم لها من حركة ومعالم رسم ابعادها، ولهذا يتوجب على كل ممثل ان يتناول الشخصية ويدرسها دراسة وافية محاولا تحليلها وايجاد ابعادها الثلاثة وهي، البعد الطبيعي، البعد النفسي، البعد الاجتماعي، ومن ثم يحاول ايجاد المعنى المستتر للكلمة، ثم ايجاد ماوراء السطور !!!اضافة الى هذا، تفسيروتجسيد مضمون الكلمة وعلى ضوء ماتتظمنه من الاحاسيس والمشاعر الداخلية لتكون رد فعل صحيح ، والتي تساعدها على تلوين الكلمة في الالقاء .

هذه هي المقدمة البسيطة والمختصره للعناصر الاساسية لفن التمثيل، انما ماهي اهم العوامل المتاثره والمؤثرة في شخصية الممثل، لذا دعوني اعود بكم الى مرحلة من مراحل الخطوات الاولى للدخول الى عالم الفن ولاسيما فن التمثيل .

مرحلة التاثربعالم الفن عند الهواة

كثيرا ماكنا نتفاجأ بالمتقدمين للتسجيل في معهد الفنون الجميلة من الطلبة الجدد، يتناولون في احاديثهم سيرة الكثير من نجوم المسرح والسينما، وكل منهم يبدي اعجابا بممثله الذي يعتز به، وتبدأ المفاضلة فيما بينهم والمقارنة مابين نجوم السينما والمسرح وكل منهم يبدي اعجابه بنجم معين، وقد يكون سبب هذا الاعجاب لبعض المميزات والخصائص الذي يتحلى به نجمهم، ولهذا نشاهد البعض منهم يتاثر تاثيرا حياتيا وسلوكيا بالنجم الذي يفضله، مما يؤدي به المسار الى تقليده تقليدا اعمى، حيث تبدأ تاثيرات هذا النجم على المعجب به من حيث سلوكيته في الحياة، واسلوب حديثه بين المجتمع، وكيفية اقتنائه الملايس من حيث الالوان والموديلات الغريبة والتي تجلب الانظار اليه، فهنا نتاكد من ان هذه السلوكية لهذا المعجب تكسبه الرضى الذاتي والراحة النفسية، وكل اعتقاده بان هذا التصرف سيؤدي به الى النجومية في السينما والمسرح، وهو في محاولة لتقليد نجوم السينما العالمية والعربية، من امثال الممثل جيمس دين وتوني كيرتس وكلارك كيبل او من ممثلي ابطال افلام رعاة البقر (الكاوبوي) روبرت متشم، او كاري كوبر، ونوعية ملابسهم وموديلاتها، اضافة الى هذا، طريقة مشيتهم ونوعية الحذاء والذي يصدر عن كعبه صوتا في اثناء سيره .

هذا التقليد الاعمى من قبل الهواة والمعجبين بهؤلاء النجوم، ماهو الا قوة التاثير   والذي يقع على المعجب والهاوي للفن، لتبدأ عملية التاثر، بحيث يصبح المقلد نسخة طبق الاصل منسوخة من المؤثر على المتأثر، دون مراعات المتاثر بالصورة المستنسخة والتي هي بعيدة كل البعد عن واقع المجتمع للمتاثر، معتقدا بان هذه النسخة المتطابقة للمؤثر، ستعبد الطريق له باتجاه النجومية والتي كان يحلم بها، في الوقت نفسه بان هذا التغيير والذي اكتسبه الهاوي من المؤثر لم يمنحه الا شخصية وهمية كان باعتقاده انه يقلد نجمه المفضل، لو ان الهاوي عاد ليطلع على واقع حياة نجمه المفضل، لراه بعيدا كل البعد عما استنسخه من حياته في الافلام السينمائية، ولم يدر في خلده بان السينما العالمية والقسم من افلامها هي اسلحة فتاكة تحاول نقل القشور الغير الحقيقية عن واقع حياة نجومها، كل هدفها وغايتها محو هوية المتلقي الحقيقية واكسابه هوية سطحية بعيدة عن واقع مجتمعه، وكلنا نتذكر الياخة الامريكية المبتدعه للقميص الرجالي وحتى النسائي في افلام جيمس دين وانتصابها خلف رقبة الممثل، وكذالك الممثل الفيس برسلي وياخته الامريكية والتي اخذ بتقليدها مجتمعنا العربي، والبنطال الضيق والقصير، بحيث يسمح للجواريب بالظهور والاحذية التي سميت بالجمجم، كان لها رواجا كبيرا في مجتمعنا، والحزام ذو المسامير والذي كان يتحزم به شبابنا، ونوعية التسريحة الاميريكية ل جيمس دين والبكلة التي كانت تظهر فوق جبين الممثل الاميركي، وحتى المركبات المكشوفة والتي يركبها لفيف من المراهقين والذين امتهنوا اللصوصية والاجرام لكسب الاموال الغير المشروعة، هذه هي جميعها تدخل في عملية المؤثر لتاخذ مساحة في حياة المتاثرين مقلدينهم التقليد الاعمى، ولا سيما من المراهقين والذي يهدفون من هذا كله جلب الانظار لهم، وانتزاع الاعجاب الوهمي، كما كانوا يقلدون ابطال هذه الافلام السينمائية، فيأخذون منهم الشكل دون المراعاة للمضمون، اي انهم يتناسون او يتغافلون عن الحرفية الحقيقية لهذا الفنان المستنسخ، الحرفية والتي كانت تنبثق من خلال الاحاسيس والرؤية الصحيحة لتجسيد هذه الشخصيات في الافلام السينمائية، وادوارهم المعقدة والمركبة والبسيطة، والغاية منها وقوة تاثيراتها على المتلقي، يهملون كل هذا، ويهتمون بالملموس والمنظور الغير الاعتيادي معتقدين بان هذا هو الاساس في نجاح هذا الفنان مما يحيطه من مظاهر الالبسة والعادات الشاذة والبعيدة كل البعد عن عادات وتقاليد المجتمع للمتلقي، محاولا هذا الاخيرتقليده التقليد الاعمى، وبهذا تصل بعض الشركات المنتجة الى غايتها الحقيقية في تهديم البنية التحتية للمجتمع، ولا سيما شريحة الشباب، والذين هم ارض خصبة لاستقبال مايهدم كيانهم وافكارهم، واخيرا لا يصيبهم الا الخيبة والفشل حينما يقدمون على التسجيل في معهد الفنون الجميلة، معتقدين بانهم قد اكتسبوا هالة من هالات الشخصيات الفنية والوهمية مقلدين ابطال الافلام السينمائية،متوهمين بان هذا التقليد من خلال عملية المؤثر والمتاثر سيحقق لهم النجاح في اجتياز المقابلة الاولى في معهد الفنون الجميلة والتي سترتقي بهم الى النجومية .

المؤهلات والمواصفات والتي ساعدت بعض الهواة على اختيارهم ممثلين من قبل المخرجين

لوعدنا الى تشخيص الاسباب والتي ساعدت بعض الموهوبين على الظهور من على شاشات السينما والتلفزيون، لوجدنا ان هناك عاملان اساسيان متوفران في هذا الشخص الموعود مع ظهور نجمه، فحينما يجد المخرج شخصية البطل المرسومة في رؤيته وخياله لفلمه، (لان هناك نوعا من المخرجين لا يستهويهم البطل الجاهز) ولهذا تسوقهم الرغبة في البحث عن هذا البطل، فينزل الى الشارع للبحث عن مواصفات بطله، في الاسواق، وفي المعامل، والمطاعم، وفي الكازينوهات مع العمال ومع الرياضيين، الى ان تشاء الصدفة ان يعثرعلى مبتغاه من الشخصيات والتي كانت مرسومة في ذهنه، ليبدأ بمحاولة اقناعهم للدخول الى عالم السينما و وبالرغم من عدم امتلاك هذا الشخص المختار من قبل المخرج لحرفية التمثيل، انما المواصفات الخارجية (البعد الطبيعي للشخص المختار) هي التي تلعب دورا في قناعة المخرج، ولهذا يكون هذا الشخص هو النجم المفضل لدىه ، اظافة الى ان الاعجاب في حركاته الرشيقة وملامح وجهه، ونوعية شعره وتسريحته وصوته وملامح نظراته، كل هذه الاسباب والعوامل المتوفرة لدى هذا الشخص المختار تساعده على خطف النجومية من هذا المخرج، ومن ثم تاتي العناصر الاساسية لحرفية التمثيل والتي قد تجعل من هذا الشخص ممثلا اكاديميا بعد زجه في دورات تثقيفية وتدريبية على ايدي اساتذة قديرين وجديرين بهذا الاهتمام، وكما حصل للكثير من نجوم وابطال هوليود .

اذن المواصفات الخارجية (اي البعد الطبيعي للشخصية) ومن ثم طبقة الصوت ونوعيته،وملامح عضلات الوجه والتي تساعد الممثل على التعبير، كل هذا تكون في اولويات المخرج في اختيار بطله المنشود .

الشخصية المؤثرة والمتائرة

قد يلاحظ الكثير من متتبعي اخبار الفنانين بعض الظواهر الغير الاعتيادية متلازمة مع كل فنان في حياته اليومية، وكانه متقمص شخصية اضافية على شخصيته الاصلية، مما تضفي عليه ملامح غريبة من حركات غير طبيعية في حياته الواقعية، ويعود هذا الى تاثير الشخصية الفنية على شخصيته الاصلية، وبهذا يتاثر تاثيرا مباشرا، بحيث يسلك سلوكية مفتعلة، وغير طبيعية تثير الانتباه، وهذه الظاهرة هي بالحقيقة ظاهرة غير مستحبة، لانها تمحو ملامح وتصرفات شخصيته الاصلية، وتحل محلها الشخصية التي اشتهر من خلالها في الفن، والتي سوف لا تساعده في حرفيته كممثل على الابداع في المسرح او في السينما، واسباب هذا يعود الى ان الممثل، حينما يحاول تجسيد اية شخصية على المسرح، بعد تكامل اوصافها وابعادها،، تبقى ملازمة به وحتى في حياته الطبيعية والواقعية، حيث تتغلب هذه الشخصية على نمط شخصيته الحقيقية في الحياة الطبيعية،فكما كنا نلاحظ بعض النماذج من الشخصيات الفنية من ممثلينا العراقيين والذين لهم باع طويل في مسيرة المسلسلات التلفزيونية والمسرح العراقي من امثال الفنان الرائد والنجم المتالق المرحوم خليل الرفاعي، هذا الفنان تجسدت في ذاته شخصية ابو فارس الشعبية الكوميدية والمحبوبة لدى جميع المعجبين لشخصية هذا الممثل العراقي،والذي اعطى من جهده فنا اصيلا ابهرت معجبيه، وشهدت له الصحافة العراقية بهذا النجاح وابهرت النقاد واضافت للحركة الفنية في العراق تجربة ومدرسة رائدة، تركت بصمات جميلة على تاريخ حياته الفنية .

ان شخصية ابو فارس بقيت متلازمة له وملتصقة في حياته الواقعية، بحيث طغت شخصية ابو فارس على شخصية خليل الرفاعي في الحياة اليومية، بحيث لا يدع لك المجال في ان تفرق مابين شخصية خليل الرفاعي وشخصية ابو فارس من حيث حركات جسمه وصوته واسلوب حديثه ، انما هذا الفنان ابدع ابداعا فنيا من خلال تجربة وخبرة حرفيته عندما جسد شخصية الاب في مسرحية(الصبي الخشبي) والتي كانت من اعداد وتعريق واخراج الاستاذ المخرج الراحل المرحوم الفنان قاسم محمد، لقد استطاع هذا الفنان الراحل الاستاذ خليل الرفاعي ان يتغلب على شخصية ابو فارس كممثل على خشبة المسرح، مستعينا بحنكته وخبرته وثقافيته الفنية، بخلق شخصية جديدة فيها من الالق والابداع والمهارة الحرفية في فن التمثيل بحيث ان شخصيته هذه، طغت على الشخصية الاصلية ابو فارس، وخلقت شخصية رقيبة ومراقبه من حيث تقمصه شخصية والد الصبي الخشبي، وسيطر على شخصيته المركبة والتي اثارت عنصر التشويق والمتابعه للاحداث وتسلسل مشاهد المسرحية من قبل جمهور المسرح من الاطفال، فكان عرضا شيقا تلاحمت مع قدرات الفنانين قاسم الملاك وخليل الرفاعي ومريم الفارس،والتي زاد من روعة العرض المسرحي لمسات ورؤية المخرج المبدع المرحوم الفنان قاسم محمد.

ان عطاء الفنان المرحوم خليل الرفاعي والتي شملت حرفته في التمثيل، ومرونة جسده والتي ساعدته على الانتقالات السريعة من على خشبة المسرح، اكد على انه يملك الموهبة والقدرة في العطاء، استطاع من خلالها ان يتغلب على شخصيته التقليدية ابو فارس، والخروج منها والانسلاخ عنها، برسمه معالم شخصية جديدة، فهذه دلالة على نجاحه وتالقه .

شخصية الفنان والتي لا تتاثر بمعالم الشخصية المسرحية والتلفزيونية في الحياة الواقعية    

هذا نموذجا اخر لفنان عبقري استطاع ان يسطر اروع ملاحم الشخصية الشعبية البغدادية والذي عبر عن انتمائيته للمحلة الشعبية بحوارها وشخصيتها المحبوبة وبملابسها الشعبية والتي هي قريبة من واقعنا الاجتماعي والبعيدة عن التركيب المعقد انه الفنان المبدع وصاحب مدرسة رائعة في تجسيد الشخصيات الشعبية النموذجية، انه الفنان الرائد المرحوم سليم البصري .

هذا الفنان حينما تشاهده من على شاشة التلفزيون ومن خلال مسلسله المشهور تحت موس الحلاق، وهو يجسد شخصية الحاج راضي والذي جعلنا ان نتعايش معها بكل حب وشغف، وهو يجسدها باسلوب بسيط، وبعيد عن التعقيد والتكليف، يطرح حواره وبعفوية تشوبها النكتة والمواقف الكوميدية، ومن خلال البناء المتنامي في الحلقة الواحدة تجعل المتلقي يتابع المسلسل الشعبي ومن دون كلل او ملل .

حلقاته مليئة بالمواقف الكوميدية والطرائف التي ترسم الابتسامة على وجه المتلقي وهو يستعرض من خلال حلقاته، المحلة ومشاكلها الاجتماعية وباسلوب ساخر، ومواقفه الكوميدية مع صانعه عبوسي، ورسالة سهام السبتي من ولدها والذي يدرس في الهند والتي اشتهرت ب ---(اه ديكي نحباني للو) والموقف الذي وضعه فيه صانعه في حلقةاوقعت حجي راضي في شرك (بطل العرق وبطل الخروع ) وفي المدرسة الشعبية والتي انقلبت الى سوق علاوي الحلة لبيع الكبة من قبل الفنان خليل الرفاعي، وكثيرة هي الحلقات الشعبية من هذا المسلسل الشعبي والذي تهافت على مشاهدته جميع المشاهدين من متابعي حلقات هذا المسلسل الكوميدي تحت موس الحلاق .

حينما تشاهد الحاج راضي الفنان (سليم البصري) وهو يمثل بهذه البساطة والتلقائية العفوية والمليئة بالاسترخاء، ستعتقد ان هذه الشخصية الحاج راضي ستؤثر على شخصية الفنان سليم البصري في حياته الواقعية، انما العكس من ذالك، لقد اثبت الفنان المبدع والمتالق المرحوم سليم البصري بان شخصيته في الواقع هي اقوى من شخصية الحاج راضي، ولهذا لم تؤثر هذه الشخصية على الفنان سليم البصري، وتجعل منه حجي راضي في شخصيته خارج نطاق التمثيل، اي انه حينما يصادفك في اروقة الاذاعة والتلفزيون، ترى انك امام شخصية وظيفية ذات مسؤولية ادارية قوية المركز في الاذاعة والتلفزيون تفرض عليك احترامها، وحين مقارنتك مع شخصيته حجي راضي في مسلسل تحت موس الحلاق، وبين ماهو عليه في مسؤوليته الادارية، ستنفي ان هناك صلة علاقة مابينه ومابين شخصية حجي راضي، لان لكل منهما شخصية مستقلة عن الاخرى، وبعيدة كل البعد عن وجود علاقة صلة مرتبطة بواقع شخصية حجي راضي، وهذا يعود الى قوة حرفية فن التمثيل عند الفنان سليم البصري، والتي جعلته بمصاف كبار الفنانين المشهورين والمبدعين والمتالقين في عالم الفن، وهو نموذج من الفنانين والذين لا تؤثر شخصيتهم في التمثيل على شخصيتهم الحقيقية في الواقع الذي يعيشونه في الحياة الواقعية .

فنان لا يضاهيه فنان

لقد استعرضنا نموذجين من الفنانين موضحين من خلال استعراضنا عوامل التاثير والمؤثر على شخصياتهم الحياتية والفنية،وهنا يسرني ان اتناول نموذجا اخر عملاق من عمالقة الفن، هذا الفنان اكتسب مهارته وخلفيته الثقافية، من خلال تجربته الريادية في فن التمثيل، ومن خلال مايملكه من الثقافة الاكاديمية وبصيرة واضحة في كيفية تجسيد الشخصيات المختلفه (البسيطه والمركبه) والذي فاق بمهارته الحرفية في فن التمثيل مما زادت من تالق ابداعاته ونجاحه في تجسيد اصعب الشخصيات المركبة، هذا الفنان الرائع والذي لا يضاهيه اي فنان،هو، الفنان الرائد والاستاذ خليل شوقي

انه ابهر واعجب المشاهدين من جمهور المسرح العراقي والعربي معا لتميز شخصياته الشعبية والريفية والمحلية البغدادية، اضافة الى هذا باللغة العربية الفصحى، كان الفنان الاستاذ خليل شوقي يؤدي ادواره الفنية (في السينما والتلفزيون والمسرح وحتى الاذاعة) باسلوب يشوبها المصداقية والابداع الفني، اضافة كونه مخرجا من الطراز الاول في السينما العراقية والاذاعة والتلفزيون والمسرح، لقد كانت مدرسته متميزة عن بقية الفنانين العراقيين والذي تالق بسلوكية الاخلاق الكريمة والتواضع الذي زاده حضورا مؤثرا في كافة المحافل الفنية والثقافية، هذا الفنان هو غني عن التعريف والذي حمل نفسه وعائلته الفنية وهاجر واغترب عن الوطن مفضلا على ان يعيش مع صدقه وبعيدا عن الاقنعة المزيفة لانه واضحا كل الوضوح من خلال مايحمله من نضوج فكري وسياسة لم يساوم عليها طوال حياته، في اخر لقاء كان لي وانا اجري له مقابلة تلفزيونيا لفضائية اشور قبل هجرتي الى استراليا، كان انذاك مدعوا لتكريمه في قاعة دار الازياء العراقية، حيث زيارته تعبيرا عن اشتياقه لاصدقائه وللوطن ، حينما اليقيت به كان كما عهدته، بصوته العذب وابتسامته المعهودة واخلاقه التي كانت له عنوانا تميزه عن بقية معظم الفنانين .

الفنان خليل شوقي ظهرت خلاصة تجربته ومهارة ابداعه في شخصية قادر بك في مسلسل الذئب وعيون المدينة للكاتب العبقري الاستاذ عادل كاظم ومن اخراج الفنان المبدع المخرج المرحوم ابراهيم عبد الجليل، لقد ابدع الاستاذ خليل شوقي في اداء شخصية قادر بك، واعطى في هذا العمل صورة اثلجت صدورنا عن قدرات الفنان العراقي والذي لا يضاهيه اي فنان وان شخصية قادر بك اختلفت عما قدمه هذا الفنان الرائد من شخصيات في التمثيل، فيها من الابداع وقوة الاداء واستطاع في ادائه ان يرتقي الى مالا يستطيع اي فنان ان يصل الى مستوى درجة عطائه وابداعه،لانه كان متكاملا في الاداء جسديا وصوتيا، وهذا مايميز الفنان المتكامل والذي يمتلك القدرة على تجسيد عظمة مهارته الفنية .

انت تشاهد الاستاذ المبدع والفنان الرائد الاستاذ خليل شوقي في الحياة الواقعية له من قوة الشخصية مايجعلك تحني له راسك احتراما وتقديرا لشخصه .

الفنان خليل شوقي، قدم شخصية قادر بك وبموجب ماافرزته النزعات النفسية التي كانت تملكها هذه الشخصية من البخل، وعدم اكتراثه لانتقادات المجتمع، والتي كانت تصله من قبل العاملين معه، معتقدا ان الجميع يضمرون له العداء والكراهية له، ويبدا صراع هذه الشخصية قادر بك مع المجتمع ومع شخصية الجلبي (الاستاذ الرائد بدري حسون فريد) منتهيا الى عوق يصيبه (نصف شلل) حيث بلغ قمة العطاء والتجسيد لشخصية مركبة من حيث البعد الطبيعي والنفسي معا زادته تالقا وابداعا في فن التمثيل، لقد كان نموذجا رائعا في العطاء، انما قوة هذه الشخصية لم تؤثر في حياته اليومية، ولم يكن متاثرا بافعال واحاسيس هذه الشخصية، الا في موقع عمله الفني، مما برهن على قوة حرفيته وتغلبه على هذا التاثر بالشخصية وعدم الاكتراث بتاثيرات شخصية قادر بك على حياته الاعتيادية .

لقد برهن هذا الفنان على قدرته ومهارته في التمثيل، لانه كان نموذجا رائعا اروع مما كنا ننتظر منه ----- انه الفنان الممثل والمخرج -- خليل شوقي .

الخاتمه

اذن لنعود الى بداية موضوعنا من السطور الاولية لهذا الموضوع ونذكر اخواننا الفنانين الهواة، ان يبتعدون عن التقليد وان يقتربوا من البحث ودراسة مايسند لهم من الشخصيات المسرحية، والمتابعة الدقيقة لحرفية معظم فنانينا المبدعين، والتوقف عند اهم عوامل ابداعهم ومهاراتهم الفنية ودراستها، واكتسابها كخلفية ثقافية يعتمدونها لتكون مدرسة خاصة لهم في فن التمثيل تميزهم عن اقرانهم من زملائهم الفنانين .

 

جوزيف الفارس

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم