صحيفة المثقف

الروائي قصي الشيخ عسكر في (قصة عائلة) يستعرض حقبة زمنية من تاريخ العراق الحديث

68 kusayaskar1هي رواية توثيقيه للكاتب د قصي الشيخ عسكر، كاتب من البصرة، مغترب، وهو معروف عنه إنتاجه المتنوع بين البحوث الاكاديميه وكتبه الإبداعية النقدية وكتابته لمجموعة من الروايات منها، (المكتب، المختار، التجربة، واقبل الخريف مبكرا، ألَموقف الملكي، الثامنة والنصف، رساله، الرباط،،) وغيرها وهو حاصل على جائزة المثقف لسنه 2012 وجائزة الابداع 2016م عن مؤسسه المثقف في استراليا.الرواية صادرة عن مؤسسة المثقف ودار امل الجديده. دمشق سنه 2018

السرد عند الكاتب له وظيفة وهدف تغييري فهو يترك اثرا عند القارئ عميقا، يخلق. وعي متقدم موازي لما يملكه الكاتب، هذه الرواية تقع في 258 صفحة من القطع ألمتوسط يتناول فيها الكاتب المكان العراق والزمان 1959 إلى 1963 ويمكن هي روايه سياسية بامتياز لكنها فنيا تملك أدوات التشويق والأثاره لمرحلة تاريخية معقدة مختلف على مدى الدقه بتعامل مع الأحداث والشخصيات.

يجعلنا الكاتب نعيش مع عائله الحاج نجم في بغداد و.. البصرة لنتعرف عما جرى في أحداث غيرت وجه المستقبل في العراق.

البنية الاسلوبية

عنوان الرواية قد يوحي للقارئ بأن الكاتب د. قصي عسكر ستكون روايته في جو أسري خاصة وأن الأسره التي اختارها هي كبيره ومتنوعة (اب وأم و4 اولاد وبنتان فضلا عن زوجة هشام وابنها ) غير أن الرواية هي رواية أحداث وليست رواية شخصيات وملخص القصة بنقل الضابط (هاني) من بغداد إلى البصره ويمنح دارا في منطقة المعقل ويأخذ في البداية شقيقه (هشام) الذي يبلغ من العمر 13 عاما ليكون فيما بعد هو السارد الأساسي للرواية؛ تترك العائلة بغداد وتلتحق للسكن في البصره؛ ومنذ بداية الرواية يضعك الكاتب في الجو الأسرى المتوتر عبر حوارات طابعها سياسي ينتقل من مدرسه المعقل ومن معسكر الشعبية الى البيت وأسرته؛ ومن تلك الأحاديث يعيش البيت حاله من الترقب والتوتر بانتظار الأصعب؛ الأم تعبر عن قلقها وخوفها بالسعال الأب يفرغ هواجس بالتسبيح والصمت”لا تقلقي.. نحن في البصرة بأمان واللواء كله مؤيد للزعيم والثورة) الأب معلوماته غير دقيقة، لكن زوجته لديها احساس آخر (ماذا يريد القوميين وعارف وعبد الناصر، الناس بخير فلم هذه المشاكل ؟) هشام طالب المتوسطه يتدخل بالحوار وينقل حديث الأستاذ محمد الشيوعي (يقولون الزعيم مخدوع بالشيوعيين والشعوبيين ولا بد من الدين والقومية) بتول زوجة هاني الضابط(الزعيم فوق الميول والاتجاهات) مثل هذه الحوارات السياسية هي التي تسود في العائلة، وتشتد وتكثر عند اعتقال ابنهم الضابط هاني؛ ومن أجل الابتعاد عن المباشرة لجأ الكاتب إلى تعدد الاتجاهات في البناء السردي؛ فنرى البنية الاسلوبيه تاره رمزية وأخرى نفسية ومن ثم اجتماعية ووجوديه وفيها توثيق لأحداث تاريخية، لنرى الضابط هشام كيف يشرح لشقيقه مبررات تعلقه بالزعيم قاسم(الزعيم خلصنا من الاستعمار فعلينا أن نحبه ولا غبار علينا إذا تعاطفنا مع اليسار والشيوعيين الذين ايدوه.. إننا نحب الزعيم لأنه وزع بيوتا على الفقراء وعبد الشوارع وأشاد المدارس فانجز في.و قت قصير ما عجزت عنه دولة حكمت العراق قبله أربعين عاما) بهذا المنطق يسرد لنا هشام أفكار الضباط القاسميون.

68 kusayaskar2

مصادر السرد

في رواية قصة عائلة على الرغم من سيطرة صوت هشام السارد الأساسي لكن هناك أجزاء من الراويه يسند السرد إليها إلى الأب الحاج نجم وكذلك إلى نعمان نجم وهناء وهاني وهم من أفراد العائلة.الأب الحاج نجم عسكري متقاعد خدم مع الزعيم عبد الكريم قاسم يسرد الرواي سيرته عبر المنولوج الداخلي(، انا رجل عسكري متقاعد، جندي سابق لا أعرف تنميق الكلمات ولا أجيد مهنه اخرى غير الجنديه.. الناس حولي ربما منذ القدم يكرهون الشرطة ويحبون الجيش.. ابني الذي دفعته لكي يصبح ضابطا أراه ملقى في السجن بتهمة القتل في زمن عبد الكريم.. الذي عاشرته وخبرت صبره وشجاعته أيام العهد الملكي وخلال حرب فلسطين… لا أدري كلما يضيق صدري اتذكر فلسطين وعبد الكريم قاسم الذي لمحته أكثر من مرة… يا مقدم عبد الكريم أمر اللواء أن تسير وتزحف نحو فلسطين ومن يشارك في حرب فلسطين مع الزعيم يعتز بكرامته، في الحرب يتساوى الجندي والضابط.. أدركت يا سيادة الزعيم انك ذكي قطعت جسر الشيخ حسين.. دايه.. جفتلك.. نابلس.. أمر الفوج الثاني المقدم عبد الكريم قاسم يصد هجوما كبيرا للجيش الإسرائيلي ثم تامرنا بالهجوم.. حررنا المعسكر البريطاني.. بياره .. المختار.. اسماء محفورة في ذاكرتي) هكذا يناجي الحاج نجم زعيمه. وجميع الروايات التي تتناول مرحلة بعد حرب 1948 يكون لفلسطين دورا في تغيير الانظمه العربيه كما حدث في مصر والعراق وسوريا وهناك تغييرات لاستلام الجيش السلطه حدثت بعد حرب 1967 ايضا

والرجوع إلى الصراع بين اليسار العراقي المتمثل بالحزب الشيوعي مع التيار القومي المتمثل بجماعة عبد الناصر وعبد السلام عارف والبعثيين فإن الروايه تشخص شعبيه عبد الكريم والحزب الشيوعي في الشارع العراقي بينما يسيطر على الجيش والقضاء القوميين والبعثيين وبذلك يتعرض هاني الضابط المحب لعبد كريم قاسم إلى السجن والطرد من الجيش بتهمة قتل العقيد جلال ذو الميول القوميه إلى القتل و السحل من قبل الجنود وتلصق التهمه بالضابط أمر السريه هاني نجم فيكون بطلا اسطوري لدى الشعب وقاتل. ومجرم لدى القضاء

السرد بضمير المتكلم

استخدم الروائي قصي الشيخ عسكر في روايته ( قصة عائلة) اسلوب ضمير المتكلم ليعطي شخصيات الرواية حريتهم في سرد الأحداث والتعبير عن المشاعر والأفكار ومع هذا كان صوت الروائي يطل علينا في صياغة السرد مرات عديدة؛ واستطاع الكاتب ببراعة تجسيد المفاصل الحيوية لتلك العائلة وهي تعيش تناقضات المرحلة التاريخية للمجتمع العراقي 59-63، التي اينما تحل في البصرة (منطقة المعقل. مدرسة هشام. معسكر هاني. جامع الأمير) في بغداد (ثانوية الكرخ- القومية الاتجاه) و(ثانوية الكاظمية- اليسارية الاتجاه) وحب الزعيم قاسم وعمل هشام كمراقب بلدية وتجواله في مناطق بغداد وخاصة منطقة الميدان وبيوت الدعارة والتطورات التي تطرأ على شخصية المراهق هشام والنضوج الفكري وانتماء نعمان إلى الحزب الشيوعي والمعتقلين في سجون البعث والحرس القومي بعد انقلاب 1963 كلها تمر بشكل فني مكثف. الرواية لا تتصف بالثبات بل متغيرة تجبر القارئ على متابعتها بنفس متصل لمعرفة نهايتها التي تنفتح على استيعاب أجزاء أخرى مكملة (إلى هنا ينتهي الكتاب الأول من قصة عائلة أما هرب هاني إلى الهور ودخوله إلى إيران واتصالاته لتهريبه من قبل حزب توده إلى الاتحاد السوفيتي وإلقاء القبض عليه من قبل الأمن الإيراني والتحقيق معه وارجاعه إلى العراق ومجيء القوميين جماعة عبد السلام عارف بانقلاب على البعثيين وكانوا أقل دموية فلم يعدموه فهذا يحتاج إلى كتاب ثان بسرد هاني نفسه لا يقل حجمه عن حجم هذا الكتاب).

 

بغداد – حمدي العطار

.............................

للاطلاع

قصة عائلة للدكتور قصي الشيخ عسكر

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم