صحيفة المثقف

المجتمع الفارسي متحضرٌ ويتعايش مع الآخر

علجية عيشإيران ليست وهّابية..، هذا أمر بديهيٌّ طبعا، لأن إيران تتبنى الخط "الحسيني"، لكنها أثبتت أنها دولة أكثر انفتاحا على الآخر عكس الدول المتشددة وفي مقدمتها السعودية المعروفة باتجاهها الوهابي، المذهب الأكثر تعصبا، بحيث كان في وقت قريب جدا يحرم على المرأة قيادة السيارة مثلا، رغم أن السعودية بلد النفط تعرف تقدما وازدهارا اقتصاديا أكثر من بقية الدول الأخرى بما فيها الدول الأوروبية، فإيران الحديثة منذ مجيء أحمد نجادي عرفت تغيرات كبيرة، ولم تعد إيران الشاه الخميني أو كما يسميها البعض بدولة العمامات، فقد أصبحت ذات سلطة مركزية قوية، مكنت من تعميق مفهوم المواطنة، هذه المواطنة التي أقرت الإعتراف بحقوق المرأة ومواكبتها التطور، فالمرأة في إيران بلغت مستوى متقدم من الرقي، وكما هي تراقص القلم، فهي تغازل "الكاميرا" أيضا، وكان وفد إيراني قد شارك في الأسبوع الثقافي خلال تظاهرة قسنطينة عاصمة الثقافة العربية في 2015، ووقفنا على مستوى التقدم التي بلغته نساء إيران في مجال الثقافة، فنانات تشكيليات، رسامات، خطاطات وكاتبات، حرفيات من الطراز الرفيع، تفنن في صنع الزّرابي والحليّ، وقد رسمن النساء الإيرانيات المشاركات في التظاهرة لوحة للزيّ التقليدي الإيراني، فلا توجد واحدة ترتدي الجينز مثلا أو لباس فاضح باسم العصرنة، فكلهن كن يرتدين لباسا محتشما يليق بحفيدات الحسين سلام الله عليه، فقد صنعت إيران الحدث الثقافي، ورسمت لوحة للحضارة الفارسية، واثبتن بأن المجتمع الفارسي متحضر ويتعايش مع الآخر

و الآن نقرأ عن مخرجات سينما، وهذا مؤشر على أن السينما في إيران بلغت مستوى النجومية، رغم أن ما تعرضه من أفلام ومسلسلات لا يخرج عن الإطار الديني، (مسلسل يوسف الصديق، وموسى عليهما السلام وغير ذلك، ومن بين المخرجات السينمائيات في إيران نقرأ عن مخرجة سينمائية اسمها دوران درخشندة، وهي مخرجة وكاتبة سيناريو ومعدة برامج تلفزيونية وسينمائية، حسبما بث على قناة الميادين، فهذه المخرجة تعد من بين أوائل النساء العاملات في صناعة الأفلام السينمائية بعد الثورة الإسلامية، كانت فيه بلاد فارس جزءًا لا يتجزأ من تاريخ الدولة الإسلامية، وكان لها دور في نقل الفكر الشيعي إلى العراق بعد مجيء الدولة الصفوية والإعلان عن اتخاذ المذهب الشيعي مذهبا رسميا للدولة خلافا لمذهب الدولة العثمانية، لقد أثارت هذه المخرجة في أعمالها السينمائية القضايا الاجتماعية والثقافية، وكانت انطلاقتها الأولى من خلال الأفلام الوثائقية، وقد اتسمت "بوران" بالقلق حول قضايا الأطفال والمراهقين من مختلف الجوانب، وتضم قائمة أعمالها أفلاما وثائقية و11 فيلماً روائياً إضافة إلى اهتمامها بمواضيع الأطفال والناشئين والمشردين والمعاقين في المجتمع، الأمر الذي جعلها تنال ثناء وتقدير العديد من المنظمات الإنسانية المحلية، وكانت ثمار هذه الأعمال حصولها على شهادة تكريم من الدرجة الأولى في الفن تعادل الدكتوراه من وزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي في إيران، وجائزة الفراشة الذهبية، وجائزة الشعلة الذهبية من مهرجان الفيلم الثاني غير المنحنى في كوريا الشمالية للفيلم "طائر صغير من السعادة"، وجوائز أخرى في مهرجانات عديدة، إيران اليوم لم تعد إيران الأمس، هي اليوم إيران الإنفتاح والحداثة، إيران اليوم تتحدى العولمة، ليس في جانبها المسلح، وإنما فكرا وثقافة.

 

علجية عيش

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم