صحيفة المثقف

ضحى الحدادر تحاور الأديبة رشا فاضل والمخرج رضوان الابراهيمي

في هذه الحلقة من مدارات حوارية، تستضيف المثقف الأديبة رشا فاضل والمخرج رضوان الابراهيمي، وحوار أجرته معهما الإعلامية ضحى الحداد، فأهلا وسهلا بهم في المثقف.

*** 

- الكاتبة رشا فاضل: لعنة الكتابة التي تطاردنا مع كل وافد جديد

- المخرج رضوان الابراهيمي: العراق والمغرب حكاية ابداع

 ضحى الحداد: على طاولة المسرح والرواية والقصة تجلس رشا فاضل الروائية العراقية، وعلى الجانب الاخر يجلس رضوان الابراهيمي المخرج والممثل المغربي وهو يحتسي حوارنا الشيق، وانا اتلهف لمعرفة هذا المزج الثقافي بين العراق والمغرب، والذي انتج مسرحية حصدت جوائز عديدة.

للتعريف بضيوفنا:

رشا فاضل: روائية وكاتبة واديبة شاملة

261 رشا فاضل• نتاجها الادبي:

- احلام كالفراشات

- مزامير السومري

- على شفا جسد

- فيروس سردي

• في مجال المسرح (اكثر من خمسة عشر نصا)

- سياط تحت وطأة الانخاب

- تالي الليل

***

- رضوان الابراهيمي: ممثل ومخرج مسرحي وتلفزيوني وسينمائي

262 رضوان الابراهيمي* رئيس جمعية الملتقى للثقافة والفنون بالقنيطرة

* رئيس محترف سبو لفنون الدراما بالقنيطرة

* كاتب عام جمعية المعمورة للتصوير الفتوغرافي

* كاتب عام منتدى محمد بن عبد الكريم الخطابي للفكر والحوار

* مستشار بغرفة الفرق المسرحية المحترفة للإتحاد المغربي لمهن الدراما المؤسس حديثا.

***

ضحى الحداد: في البدء وكما يقال (السيدات اولا) اتوجه الى الكاتبة رشا فاضل ونبدأ من عندها:

عزيزتي رشا بعد هذا النتاج الكبير وقلمك الماراثوني الذي لم يكد يترك جنسا ادبيا الا ولمسه، نود ان نعرف كيف اقتحمت عالم الكتابة المسرحية؟

رشا فاضل: كنت في مرحلة اكتشاف الهوية .. هوية الكتابة وهوية النص الذي سيمنحني اسمه، هكذا جرت العادة في الأدب، من يكتب قصة ينتمي لها فيكون قاصّا، وهكذا دواليك، فكانت القصة القصيرة محطتي الأولى، غير انها لم تحتويني بشكل كامل ولم اكتمل بها، كنت اكتب القصة واتطلع للمسرح بشغف من بعيد، وكان هذا الشغف مشوّبا بالرهبة، ربما لقلّة بل ندرة الكاتبات المسرحيات فيه، لكني تجرأت وكتبت نصّا مسرحيا وارسلته في حينها للمسرحي الراحل قاسم مطرود، فأبدى اعجابه وشجعني على المضي قدما في الكتابة المسرحية، وهو ماحدث في السنوات اللاحقة حيث تطورت رؤيتي للمسرح وللكتابة المسرحية التي كانت تقتضي الغوص في باطن النص والتخلص من البهرجة اللغوية التي تكون غالبا على حساب الحدث المسرحي، كانت الكتابة المسرحية ولاتزال تشكل تجربة تحدي واكتشاف لعوالم أخرى في الكتابة . 

ضحى الحداد: التفت الى المخرج (رضوان الابراهيمي)

263 مسرحية تالي الليلالسيد رب العائلة الفنية بامتياز كيف نشأت فنيا وجذبت اليك المسرح تمثيلا واخراج؟

رضوان الابراهيمي: كنت شابا طموحا صقلت طاقتي ومواهبي الابداعية في مدينة القنيطرة بالمغرب،، بعدها انتقلت الى مرحلة زمنية مختلفة وهي خمس سنوات في ديار الغربة بمدينة مصراتة الليبية،واعزي لهذا الانتقال الزيادة في رصيدي الإبداعي بفن غير بعيد تماما مما يسكنني من هوس جنوني للمسرح وكل شعبه،.حيث تمكنت وخلال فترة وجيزة أن استضيف ضمن قائمة خبراتي واهتماماتي الميدانية كل مايتعلق بفن التصوير الفتوغرافي من مكساج ومونتاج وربورتاجات خارجية . 

ضحى الحداد: انتقل الى رشا وهي تتامل حوارنا، لاسألها عن المسرح وعالمه وخصوصا مسرحية (تالي الليل) التي كان مخرجها رضوان الابراهيمي:

رشا فاضل: كتبت اكثر من خمسة عشر نصّا على ما اذكر .. ومع كل نص اشعر بالرغبة بإلغاء النص الذي قبله، انها لعنة الكتابة التي تطاردنا مع كل وافد جديد، ذلك الهوس بالبحث عن الكمال الذي يأتي ولا يأتي. تدور ثيمة المسرحيات حول الحرب .. حول الغياب الذي لايدركه النسيان او الحضور ..حول البياض الذي نأتي منه ونرحل صوبه دون ان يمنحنا الوقت لنتهجّا الحياة بين متنيه .

اما (تالي الليل) فقد لخص سيرة حياة المرأة العراقية، ولعلي لن أجانب الصواب اذا قلت المرأة العربية، المرأة المقيمة في قلب الغياب، المتشظية في الذاكرة بألف صورة غير مكتملة، بفرح مفقوء، وحلم مبتور، امرأة الانتظار .. حيث لايجيد هذا الفن سواها .. فهي الوحيدة القادرة على ان تدفع سنوات حياتها له وهي واثقة تماما انها ستكون بانتظار (غودو) . 

ضحى الحداد: يستدرك المخرج (رضوان الابراهيمي) الحوار ويضيف:

260 مسرحية تالي الليلرضوان الابراهيمي: اتذكر عندما اضناني البحث حول إيجاد نص مسرحي جاد وهادف يرقى لمستوى تطلعاتنا .يختلف شكلا ومضمونا عن ماإعتدنا عليه من قبل من تجارب سابقة .وخصوصا حين إتخدت قرار الخوض في تجربة الاخراج المسرحي (المونودراما)، عندها وقعت عيني على نص أدبي راقي يحمل عنوان (تالي الليل)...وهو أسهرني الليالي الطوال ..كنت عند كل ليلة من لياليه أستنشق رائحة الطين يتسربل منها حزن وألم وحسرة بين ثنايا حواراته الصائبة والضاربة معانيها في عمق الحكاية بإقاعات ادرامية متوهجة داخل زمان ومكان مفتوحين جعلوا من خيالي أن يشكل الحكاية على ركح المسرح ويضع لها كل التصورات الأولية والنهائية المثلى لمكونات العرض المسرحي المتكامل .الحامل لتصورات مبدعته وبصرخة قوية اخترقت سكون الليل وآخره..(.تالي الليل)هو نص ذو مساحات بوح حقيقية لنص عربي مهم عند قرائتي المتعددة له اكتشفت بانه حان موعد انطلاق رحلة تفقدية عبر محطات الجسم العربي تاريخيا وجغرافيا لأقف في محطة الاتصال المباشر بصاحبة هدا الوجع الظلامي الذي اخترق دواخلي وبعثر أفكاري هنا وهناك بين شمس النهار وتالي الليل ...ساعتها تم التنسيق مع السيدة رشا

264 رشا فاضل

ضحى الحداد: تبتسم رشا فاضل وتضيف مخاطبة المخرج رضوان الابراهيمي...

رشا فاضل: كان تعاملي مع الفنانين المغاربة استثنائيا، كانوا فريقا دؤوبا على تقديم الأفضل، فهم يعشقون النص ويعيشونه بكل وجعه، لقد تعاملت قبل سنوات مع محترف بريخت للفنون المسرحية حيث عرض عملي (سياط تحت وطأة الأنخاب) لثلاث سنوات متواصلة وشارك في حينها في مهرجان الدمّأم المسرحي وغيره، وحصد العديد من الجوائز، فيما عرضت بعد ذلك مسرحيتي (تالي الليل) في محترف سبو للفنون المسرحية وكانت الفنانة المبدعة المسرحية والتلفزيونية ايمان الادريسي بطلة النص والتي عاشت وتعايشت مع تجربة فن المونودراما لأول مرة وكسبت الرهان بعد أن تمكنت من تحقيق نتائج جد مرضية وتتويج مستحق في كل المهرجانات التي شاركت،فضلا عن دور والمخرج المبدع رضوان الابراهيمي الذي كان في كل عرض يضيف رؤية اخراجية جديدة مما اضاف للنص الكثير. 

ضحى الحداد: وعليه ياسيد رضوان حصل هذا العمل العربي المشترك على اهتمام النقاد وبالتالي جوائز عديدة .منها احسن تشخيص احسن اخراج واحسن سينوغرافيا والجائزة الكبرى لاكثر من مهرجان. لم برايكم سلطت الاضواء عليه؟

رضوان الابراهيمي: بداية التميز تكمن في قوة النص الذي ناقش قضية المرأة ومخلفات الحروب المتعلقة بالإغتيال بالإستشهاد بالأسطورة بالضريح بالوعي الجمعي والفردي بهموم المجتمع العربي..نص له حمولته الدرامية وخطابه القوي وتجسيده لمعاناة وصراع ثنائيات الخير والشر الظلمة والضوء الحرية والقمع و بالكثير من القضايا التي لايمكن ان تتجمع إلا في النصوص الكبيرة..يصعب أداؤها من قبل ممثلة واحدة إلا ادا تقمصت الدور واستعملت الكثير من تعدد الأصوات لكي تستطيع النجاح في تبليغ كل هذه الآمال والآلام المتراكمة في الوعي والجسم العربي .

ولزوجتي الفنانة ايمان الادريسي الدور الرئيس في جلب اهتمام الجمهور عبر تجسيدها الرائع لعدة ثنائيات بحثا عن الانعتاق من تلك الضغوط التي تنطرح عليها ومن ثم الشحنة الانسانية تجعل من هدا العمل بعدا دراميا قويا .وفرجة متكاملة أضافت بصمة أخرى في فضاء العمل المسرحي والعربي بشكل عام 

ضحى الحداد: تستكمل رشا فاضل الحديث:

رشا فاضل: بالاضافة الى ذلك لعلي الخّص تجربتي مع الفنانين المغاربة بالقول أنها كانت تجربة ثرية على المستويين الإبداعي والإنساني، ويمكنني ان اضيف بثقة ايضا ان الفن المسرحي ينشط بشكل كبير في المغرب الذي يشكّل بيئة حاظنة للكثير من الأسماء المسرحية المهمة سواء كانت على مستوى التمثيل او الإخراج او النقد المسرحي وبكل الاحوال كانت تجربة كتابة السيناريو تجربة فيها من التحديات 

ضحى الحداد: اذن هل نستطيع القول بان رشا فاضل جازفت بطرق باب الكتابة المسرحية خصوصا وانك جربتي الكتابة بلهجات غير العراقية

رشا فاضل: بالتأكيد كانت مجازفة لسببين: الاول انني لا امتلك تجربة سابقة في الكتابة الدرامية فكان من الصعب المجازفة بعمل كان يفترض ان اكمله في زمن قياسي والسبب الآخر هو انني اكتب لأول مرة باللّهجة اللّبنانية والسورية والمصرية، والحمد لله تم انجاز السيناريو

ويمكن القول ان هذه التجربة كانت محطة مهمة في تجسيد الحياة بطريقة مغايرة لما نفعله في الأدب، فتجسيد الحياة على اأرض الواقع وان كان واقعا مستوحى من التجارب الانسانية يستدعي تقنيات جديدة في الكتابة تراعي وجود الصورة واختلاف ظرفي المكان والزمان وامور أخرى تنفرد فيها الكتابة الدرامية . 

ضحى الحداد: سيد رضوان الابراهيمي، كيف تنظرالى هذا التعاون العربي المغربي العراقي..

رضوان الابراهيمي: أعنونه بالمغرب والعراق .....حكاية ابداع

فلا قيود ولا حدود في الفن وكما ترون من خلال هذه التوليفة الابداعية الجميلة في هذين البلدين الشقيقين في لوحة رائعة.

فالعراق والمغرب نبضان لقلب واحد يخفق بالعراقة منذ أول التاريخ وحتى آخره. 

ضحى الحداد: تؤكد "رشا فاضل" راي السيد رضوان الابراهيمي وتقول:

رشا فاضل: اشجع الاعمال العربية المشتركة وبالنسبة لي لم تشكل الجغرافيا الضيقة حدّأ لطموحي ذات يوم، كلما اجتزت خطوة ومرحلة ظهر امامي افق أوسع، فكرة الانتماء الجغرافي في الكتابة والابداع عموما لا اؤمن بها، لطاملا كنت ولازلت مؤمنة ومتيقنة ان للنص الحقيقي اجنحة وكلما كان حقيقيا واصيلا اوصلته اجنحته الى مدايات ابعد، وهو ما اطمح اليه دوما، انا انتمي للإنسان وكل تجربة إنسانية اتناولها تجد صداها عند الاخر الذي تفصلني عنه ايديولوجيات مختلفة، فتبقى التجربة الانسانية مدّأ شاسعا اكبر من ان يحدّها حاجز

 ***

أدارت حلقة الحوار الإعلامية والشاعرة:

ضحى الحداد – صحيفة المثقف

12 - 8 - 2018م

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم