صحيفة المثقف

حقيقة الطب التجانسي

ايات حبةلا يزال مجال الطب التجانسي او المدمج او ما يسمى بالمعالجة المثلية او homeopathy يصاحبه الكثير من التساؤلات حول فعاليته. إليكم بعض التوضيح على الأسئلة التي وردتني بعد مقالي الاخير عن علاج التوحد بهذا النوع من الطب، شاكرة لكم متابعتكم .

على الرغم من تقدم البحوث العلمية، لكن الطب التقليدي ليس لديه حل لعلاج البعض من الأمراض . لذلك تأتي العلاجات البديلة لمساعدة الطب التقليدي من خلال الكثير من الحلول التكميلية .

ومبدأ الطب المثلي هو - "المماثل بالمماثل يشفي" – أي أن نفس المواد التي تنتج أعراض المرض لدى الشخص السليم، إذا اعطيت بدرجة مخففة لشخص مريض فإنه سيساعده على الشفاء . وذلك لان المعالجة المثلية تثير انتباه الجسم للخلل وبذلك تركز قدرة الشفاء في الجسم على المكان الذي يوجد فيه الخلل.

وكما تطرقت سابقا الى ان الدكتور صامويل هانيمان، الطبيب الألماني الذي طور المعالجة المثلية، وأكد انه علاج طبي تكميلي، يهدف إلى تقوية الجسم وتخفيف أعراض الألم، و يساعد في التقليل من استخدام المريض للمضادات الحيوية، والهدف من العلاج المثلي هو ان الجسم البشري يعمل على شفاء نفسه من خلال بعض المساعدات المقدمة للمريض لتحقيق التوازن الداخلي لتمكينه من شفاء نفسه تماما وهذا التعبير مشابه لما يحدث عندما تجدد انسجة الجسم نفسها في حال الجروح او ما شابه . ويبرز الهدف هنا من هذا النوع من العلاج هو لتقوية مناعة الجسم للمريض .

في الحقيقة بدأ هذا العلاج في عهد أبقراط في القرن الرابع ق.م، إلا أنه بقي مهملا حتى القرن التاسع عشر بعد أن ظهرت على الطبيب "صاموئيل هانمان" أعراض الملاريا إثر تجرعه لمادة "الكينين" (مادة تستخدم في علاج مرض الملاريا. وبدافع الفضول قام الدكتور هانمان بتجربة مواد أخرى كالزرنيخ والزئبق على بعض الأصحاء، فقادته تجاربه الى اكتشاف انه كلما سعى الى تقليل التركيز لجعل المحلول اكثر أمنا، كلما كانت الاستجابة أقوى.

انتشرت افكار الدكتور هانمان الى بريطانيا، حتى أن الملكة أديلايد زوجة الملك ويليام الرابع كانت أولى أفراد العائلة الحاكمة في اللجوء لهذا العلاج فتبعها بعد ذلك الكثيرون. وبسبب زيادة شعبية المعالجة المثلية في بريطانيا تم افتتاح أول مستشفى متخصص في لندن عام 1850.

في الواقع إن الأسلوب التقليدي المتبع من قبل الاطباء للتغلب على الامراض ينصب على وصف أدوية تقوم بقمع الاعراض التي تظهر على المريض كارتفاع درجة الحرارة مثلا او مسكن للالم ... أما المعالجة المثلية فتعتبر مثل هذه الاعراض دلائل على ان اجهزة الجسم تخوض حربا ضد المرض، لذا نجدها تتجه نحو اعطاء أدوية تؤدي الى إحداث تغييرات في الجسم تشبه أعراض المرض، تقوم هذه التغييرات بحث القدرة الذاتية للجسم على القيام بوظيفتها العلاجية وتشجيع الجسم على علاج نفسه بنفسه.

بالرغم من ان الاختصاصي في هذا المجال يلجأ في علاجه الى مواد نباتية أو حيوانية أو أملاح معدنية قد تكون سامة، الا ان تخفيفها لآلاف المرات فتصبح آمنة كليا. فمثلا الزرنيخ المعروف بسميته العالية يستخدم بكفاءة في علاج حالات الاسهال والتسمم. ولاستيعاب ما اقوله عن نسبة تركيز الذي يقصدونه الاطباء يمكن لنا ان نشبهها بإذابة ذرة من الملح في حوض استحمام مليء بالماء. لتحقيق الهدف .

أي ان كلما كان تركيز المحلول اقل كلما كان التأثير العلاجي أقوى. هذا كان توضيح على اليه عمل الطب التكميلي لعلاج الامراض التي تم علاج مسبقا بكبح اعراضها ليس بعلاج المسبب والقضاء عليه .

وتكمن مهارة الاختصاصي في مدى قدرته على ايجاد المادة التي ستؤدي الى ظهور اعراض اقرب ما تكون للأعراض التي يعاني منها المريض، وفي نفس الوقت لا بد من التأكد من ملائمة هذا الدواء لشخصية الفرد وعاداته، فمثلا دواء علاج الرشح عند شخص مرح، بدين واجتماعي يختلف عن دواء علاج المرض نفسه عند شخص نحيل وعصبي .

ويبدأ العلاج بإجراء استجواب شامل يستغرق ساعات، في محاولة للتعرف على الشخص وعلى اليات الحسية والفسيولوجية لديه . بطرح العديد من الاسئلة ليتعرف بواسطتها على التاريخ الصحي للمريض، ماذا يأكل، احواله الشخصية، مزاجه، الادوية التي يتناولها، ماذا يحب ويكره، واعراض المرض. بعد جمع هذه المعلومات يقوم الاختصاصي بمقارنة الحالة التي امامه بكتيب الوصفات لينتقي منه العلاج الانسب.

في المرحلة التالية يتم متابعة ملائمة العلاج . بعد ذلك، يتم إجراء فحص مراقبة مره واحده في الشهر لفحص التأثيرات واسعة النطاق على المريض

وأخيرا تستخدم المعالجة المثلية لعلاج العديد من الأمراض في الأطفال والبالغين كذلك الذين يعانون من الأمراض الحادة والمزمنة- بما في ذلك: الحساسية، التهابات المسالك البولية المتكررة، التهابات الأذن، مشاكل الجهاز التنفسي، مشاكل الجلد، مشاكل في الجهاز الهضمي ومرض التوحد وغيرها من المشاكل النسائية المختلفة مثل نقص هرمون الاستروجين، الاضطرابات الهرمونية، اضطرابات الدورة الشهرية، مشاكل سن اليأس، الفطريات، المبيضات (Candida)، متلازمة ما قبل الدورة الشهرية PMS، الأعراض المختلفة التي تظهر أثناء الحمل وغير ذلك.واخيرا دمتم سالمين

 

د. ايات حبه – صحيفة المثقف

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم