صحيفة المثقف

وطنٌ وأجسادٌ عارية

صحيفة المثقفوطنٌ يغلفه صمت الألم، ودوي الوجع .. أنفاسٌ محترقة، أشلاءٌ لأجسادٍ مفحمة، وجثث منثورةٌ في العراءِ، مقطعة الأوصال، بلا عناوين، أحسبها تبرعت بأوصالها المقطعة للحروب قرابيناً ونذورا، بعضاً من هذه القرابين والنذور أخذتها مياه الأمطار والأنهار لتكون طعاماً سخياً للأسماك الجائعة ..

وطنٌ يسكنه الخوف وتلفه رائحة الفوضى ..

الريح تعوي، والأشجار بلا أوراق ..

هناك أبصرُ امرأةً خاوية الجسد تتعكز على جدران بيتها الطيني القديم ذا السقوف البالية المصنوعة من القصب وجريد النخيل، الصقت للتو دموعها على حافة الباب وهي تفتحه للريح. دمدمت ببعض كلمات لا افهمها، رفعت رأسها الى السماء، ومدت ذراعيها كما لو أنها تناجي خالقها وتعاتبه، تمازجت دموعها مع اختناقاتها.

دموعها حناء في مواسم القهر ..

حروبٌ تتبعها حروب .. وعذاباتٌ تتبعها عذابات

الريح تعوي، والجثث تبحث في المقابر عن عناوين لجثث موتى آخرين سبقتها في الوصول الى مقابر الموتى ..

وبعد أن تهدأ العاصفة ..

يقف الملك مزهواً بنفسه مثل ديكٍ مراهق، وبيده كأس نبيذٍ محلى بنشوة العمر، ماسكاً بيده الآخرى حبيبته العارية الجسد، يقهقهان، يتعانقان، يستمعان الى انغام موسيقى رومانسية هادئة، يجرها إليه من ذراعيها ليعانقها ويقطف منها قبلة طويلة بعد ان تتصاعد في رأسه فورة السكر، وغليان ذكوريته الهائجة، يحتضنها بعنفٍ ثم يجلسها فوق ركبتيه بزهو المنتصر ليتحسس جسدها العاري ..

تبادله هي نظراتها الشبقة وتسأله:

حبيبي أيها الملك المفدى، ما نوع العطر الذي تحب ان يفترشه لك جسدي الساخن انوثة في هذا الليل؟

 ***

 

أحمد الشحماني

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم