صحيفة المثقف

من تداعيات حادثة ابنة أخشيشن!!

حميد طولستلن أخوض هنا في النقاشات الدائرة هذه الأيام في كل الأوساط وعلى كافة المستويات الاجتماعية والسياسية المغربية حول الانتهاكات الفاقعة التي يعرفها القانون بالمغرب، ولن أتطرق إلى المخالفات الخطيرة التي يرتكبها في حقه أبناء الأثرياء وأكابر المسؤولين الذين يفترض فيهم وفي آبائهم احترامه وحمايته وتطبيقه بالعدل والمساواة بين الناس، والتي كان آخرها - ليس أخيرها- الحادث الذي كانت وراءه ابنة أحمد اخشيشن، رئيس جهة مراكش آسفي، كما أني لن أخوض في قرار النيابة العامة لدى ابتدائية الرباط، بمتابعتها في حالة سراح، رغم أنها كانت تسوق سيارة مصلحة لاحق لها في سياقتها وبدون رخصة، وإلحاقها خسائر مادية بملكية الجماعة؛ لكنني بالمقابل سأتطرق إلى المخالفة الخطيرة التي فضحتها حادثة ابنة اخشيشن، والمتمثل في جريمة "السيبة" النكراء في استعمال آليات الدولة" والتسيب الشاخص للعيان والذي تعتبر حادثة قيادة ابنة خشيشن سيارة المهمة التابعة لجهة مراكش أسفي بدون موجب حق، سببا كافيا للحكومة وكل الجهات المختصة، لفتح ملف هذه الفوضى العارمة وذاك التسيب الخارق، الذي حظيرة آليات وسيارات الدولة من سوء استغلال، وخاصة منها تلك التابعة لمجالس الجماعات الترابية، التي هي بحق أكبر مبذر للموارد العمومية، التي إذا ما قننت ورشدت، لوفرت للخزينة العامة مبالغ هامة وبالملايير، يمكن أن تصل لما يفوق 140 مليار سنتيم التي تصرف على 114728 سيارات الدولة -،حسب جريدة الصباح، - والمكونة لحظيرة سيارات المصلحة بالمغرب،حسب إحصائيات سنة 2011، والتي يزاد إليها 40 ألف التي أضيفت في السنوات الأخيرة، حسب الشركة الوطنية للنقل والوسائل اللوجيستيكية، والتي تستغل كلها أبشع استغلال في قضاء الأغراض الشخصية البعيدة عن المهام الرسمية وخارج أوقات العمل الرسمية، من طرف جل مسؤولي الإدارات والمؤسسات العمومية، من أكبر وزير وأضخم مدير في الإدارات العمومية، إلى أصغر موظف في الجماعات المحلية والغرف التجارية والمهنية والفلاحية إلا من أخذ الله بيده وتعفف،

- استغلال ابنة أخشيشن لسيارة المهمة التابعة لجهة مراكش أسفي، ودفع بي لعقد مقارنة ضرورية لتباين تعامل مسؤولينا مع آليات وسيارات الدولة، وتعامل مسؤولي وموظفي الدول الأربية مع هذا النوع من سيارات المهمة، وكيف لا يتم استعمالها عندهم إلا في قضاء المصلحة العامة وداخل أوقات العمل الرسمية، المقارنة التي لاشك ستكون طريفة ومحزنة في نفس الوقت، لما فيها من تفوق الغرب على العديد من كبريات الدول الغنية، بما يمتلكه من حظيرة عربات المصلحة تتكون من 115 ألف سيارة لـ1مليون موظف دولة، حيث بز في ذلك اليابان الذي لا يتعدى حجم حضيرته 3400 عربة لـ5.3 مليون موظف، وفاز على على الحظيرة البريطانيا التي تضم 3000 عربة لـ5 مليون موظف، وعلى كندا التي تحصر حطيرتها في 26 ألف عربة لـ3.6مليون موظف، وعلى الولايات المتحدة بمساحتها القارية التي لا تتعدى عدد سيارات المصلحة فيها ال 72 ألفا لـ21مليون موظف، الشيء الذي يتناقض مع إرادة التقشف التي أعلنت عنها كل الحكومات المغربية المتعاقبة، ولم تطبق أبداً، أو لماما، أو بطرق تدر الرماد في العيون، كما فعل أحد وزراء التجهيز والنقل، حين عمد إلى نزع عدد من السيارات "رباعية الدفع" من بعض مسؤولي وزارته.

وليس ذلك لأن المسؤولين والموفين في الغرب كلهم من الملائكة، بل لأنهم يحترمون ويخافون تطبيق القوانين بالتساوي بين مواطنيهم، بخلاف الحال في بلادنا والذي ينطبق عليه ما يقال أنه :إذا اعتل المجتمع وتداعى، وانحلت عرى علاقاته الإنسانية، واستبد مبدأ المنفعة، وتنافس الشر لإبراز أسوأ ما لديه من أجل المصالح الخاصة التي غالبا ما تعلو على كل الاعتبارات، حتى الوطنية والإنسانية منها، فإنك لن تجد مسؤولا سياسيا أو صانع قرار، يستحضر ما روجه أثناء حملاته الانتخابية من وعود، لأن أكثريتهم، يفكرون بنرجسية عالية تعبر عن سطوة ونشوة واستهتار، فيما سيبنونه لأنفسهم من ثروات فرعونية" فمتى سيتم تنزيل الفصل السادس من الدستور المغربي إلى أرض الواقع القانون..

 

حميد طولست

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم