صحيفة المثقف
نُعمى الغرق
أرْضَعَتْني لَبَنَ الإنصافِ أمي
وأبي علَّمني أنَّ ألَذَّ الخُبزِ
ما يَعْجِنُهُ من جبهةِ الكَدِّ عَرَقْ
قـبـل أنْ تُـدخِـلـنـي فـردوسَـهـا الأرضِـيَّ " إيـنـانـا "
وتـرضى بـيَ نـاطـوراً إذا عَـسْـعَــسَ لـيـلُ الـخِـدرِ
والـفـلاحَ فـي بـسـتـانِ واديـهـا
إذا الـصـبـحُ إئـتـلـقْ
*
قـالـتِ :
الـعـشـقُ مـواثـيـقُ
فـلا عـشــقٌ إذا لـمْ تـحـفـظِ الـمـيـثـاقَ مـا أشـرَقَـتِ الـشـمـسُ
ومـا آذنَ بـالـنـجـمِ الـغَـسَــقْ
*
لـيْ تـعـالـيـمـي الـتـي أوصـى بـهـا
ربُّ الـفـلَـقْ :
*
لا تـكـنْ ذِئـبـاً عـلـى الـظـبـيـةِ والـظـبـيِ
ولا سَــبـعـاً عـلـى الــشــاةِ
ولا إنْ شَــبَّـتِ الـنـارُ وَرَقْ
*
ومُـبـيـعـاً ذهَــبَ الـعــشــقِ إذا جُـعْــتَ
بـصـحـنٍ مـن شَــبَـقْ
*
لـسـتَ مـن مـمـلـكـتـي
إنْ كـنـتَ تـخـشـى مـتـعـةَ الإبـحـارِ
خـوفـاً مـن غَـرَقْ
*
وتـغـضُّ الــطَّـرفَ عنْ شــوكٍ يـقـي وردَكَ
مـنْ مُـبـتَـذَلٍ إنْ " ظـفـرَ " الـودَّ
فَــسَــقْ
*
لا تـمُـدِّ الـيـدَ لـلآفِـكِ والـمـنـبـوذِ
والـكـامـلِ نـقـصـاً
وسَــفـيـهٍ ذيْ مـجـونٍ وحَـمَـقْ
*
ولـئـيـمِ الـجـذرِ والـغـصـنِ
فـإنَّ الـغـصـنَ نـسْـلُ الـجـذرِ ..
هـلْ يُـثـمِـرُ غـصـنٌ فـاســدُ الـجـذرِ كـرومـاً وحَـبَـقْ ؟ (*)
*
كُـنْ عـلـى الـجـاحـدِ ســوطـاً ..
ونـدىً لـلـوردةِ الـعـطـشـى ..
وإنْ أظـلـمَ دربٌ
كُـنْ ألـقْ
*
وكُـنِ الـعُـكّـازَ لـلـمـكـفـوفِ ..
والـدُّمـيـةَ لـلـطـفـلِ ..
وعُــشَّــاً لـلـعـصـافـيـر ..
ولـلـصـحـراءِ إنْ أعْـطَـشَـهـا الـقـيـظُ وَدَقْ (**)
*
واحـذرِ المُـرخِـصَ مـاء الـوجـهِ مـن أجـلِ بـريـقٍ زائـفِ الـلـمْـعِ
ووَغْـدٍ يـحـسَـبُ الـحِـيـلـةَ والـلـؤمَ حَـذَقْ
*
إنَّ ثـوبـاً مـن حـريـرِ الـذلِّ
أبـهــى مـنـه فـي الـعِـزِّ رداءٌ مـن خِـرَقْ
*
ورغـيـفَ الـتّـبـنِ
أشـهـى لأبـيِّ الـنـفـسِ مـن خـبـزِ الـمَـلَـقْ
***
***
أنـا يـامـولاتـيَ الـربَّـةَ " إيـنـانـا " كـمـا الـرَّنـدُ
يـنـثٌّ الـعـطـرَ
إنْ كـرَّ عـلـيـهِ الـجـمـرُ يـومـاً
فـاحـتـرقْ
*
وربـيـبُ الـطـيـنِ
لا أمـنـحُ لـلـجـذرِ إذا شــذَّ عـن الـنـبـضِ
عَـلَـقْ
*
وأنـا الـسَّـهـمُ إذا مـن شـرفـةِ الـقـوسِ
الـى خـاصـرةِ الـشـيءِ انـطـلـقْ
*
فـابـعـثـيـنـي بـتـعـالـيـمِـكِ فـي الـعـشــقِ رســولا ..
لـيـسَ عـشــقـاً حـيـن لا يَـفـتـحُ بـابـاً مُـسـتـحـيـلا ..
فـامْـطـري صـمـتـي هَـديـلا ..
ربَّ حِـيـنٍ يـعــدِلُ الــدَّهــرَ الـطـويـلا ..
وطـويـلِ الـدَّهـرِ يـغـدو بُـرهـةً لا تُـسْـتـرَقْ
*
أرْضَـعَـتْـنـي لَـبَـنَ الإنـصـافِ أمـي
وأبـي عـلَّـمـنـي أنَّ ألَـذَّ الـخُـبـزِ
مـا يَـعْـجِـنُـهُ مـن جـبـهـةِ الـكَـدِّ عَـرَقْ
*
فـإذا زغـتُ عـن الـعـهـدِ
أكـونُ الإبـنَ بـالأمِّ وبـالـوالِـدِ عَــقْ
*
فـاقـبـلـيـنـي ســنـدبـاداً سَــومـريّـاً
يـسـألُ الـلـهَ إذا أبـحَـرَ فـي بـحـرِكِ أنْ يـرزقـهُ :
نُـعـمـى الـغَـرَقْ
***
يحيى السماوي
أديلايد 17/8/2018
.......................................
(*) الحبق : بفتح الحاء والباء : الريحان .
(**) الودق : المطر بنوعيه الشديد والهيّن .
(***) الحِين بكسر الحاء : وقت من الدهر قد يكون عدة سنين ، وقد لا يزيد على شهرين ـ وليس الدهر كله . والحَين بفتح الحاء : الهلاك . ومن معانيه يوم القيامة .