صحيفة المثقف

ترييف المدن، ظاهرة مغربية بامتياز!!

حميد طولستمن أبرز وجوه التخلف الذي ينهل من موروثاتنا البدوية الرجعية، تلك الانتهاكات الخرقاء التي يعرفها قطاع التعمير في كل مجالاته، وكافة ميادينه، والتي وتشغل بال الكثير المغاربة ويعاني منها العيديد منهم في صمت تام ودون أي ردة فعل، ليس إحتراما، ولكن خوفا من الوقوف في وجه الفساد -والذي ربما هم معذورون فيه لسببين الأول: لأن ذلك يجر عداء الجهات الفاسدة والداعمة للفساد، وهي كثرة، والسبب الثاني: لأن أكثريتهم لا تنتصر للمواقف الصحيحة وإن كانت في مصلحتهم، عملا بالمثل المغربي: "بعد من البلى لا يبليك"- وكذلك بسبب تفشي العقلية البدوية الموبوء بطاعون تريف المدينة وتحويلها إلى عشوائيات عفنة دائمة، والمشبعة بثقافة "الزرب والزيبة" المعششة في ذهية النازحين الذين اختلط عليهم النمط الحضري بالبدوي، فلم تستطع أعلبيتهم العظمى التخلص من رمزية القصب والقش وأعواد الأشجار المستعملة في التعدي على الملك العمومي، الذي يتحول لديهم معه إستصلاح لأي ثقب صغير في حائط على السطوح، الى شقق وادوار كاملة، وتصبح ترميم فاصل أو إعادة قاطع، إلى منازل اسكان ومجمعات تجارية ومساحات عامة مسورة وملحاقة بالمنازل، الثقافة التي شجعتها السلطات المسؤولة بلامبالاتها الفاضحة، وتهاونها المقيت، وسكوتها المريب، وغضها الطرف المخيف، الذي تحول إلى حق مكتسب يتمسك به المخالفون من جميع طبقات المجتمع، وذلك أمام أعين الجهات المسؤولة عن مراقبة البناء ورصد مخالفاته، التي لا تحرك ساكنا في ذاك الاتجاه، رغم توفرها على ترسانة ظخمة من التشريعات المنظمة للبناء والقوانين الكفيلة بالتصدى لما يطال ميدانه من التعديات الفجة، والتشوهات المنفرة للذوق وما ينشؤ عنها من تشويه لكل المشريع الواعدة وتحويلها إلى مشاهد معيبة شاخصة للعيان، أينما ولّينا وجوهنا، ومن أي موقع كنا فيه ؛ وكأن جهات ما، تريد أن تفرض أمراً واقعاً، بغضها الطرف عن التعديات وسكوتها عن المخالفات، وتسهيلها لانتشارها على نطاق واسع، وبمختلف الأساليب الماكرة، والدوافع اللاقانونية وغير المشروعة، التي تلعب فيها الوساطات والشفاعات وتدخل الأهل والأصدقاء والمعارف الدور الرئيسي، والتي تشكل عارًا على جميع المسؤولين وخاصة منهم المنتخبون .

الظاهرة التي ما أظن أن المواطن المغربي -بمن فيهم حتى المخالفين أنفسهم - يمكنه أن يغفر للمسؤولين الفوضى التي يعرفها هذا القطاع الحيوي، وتفريطيهم في مهام الحفاظ عليه و ترقيته، ولاشك أنه محاسب كل من لم يكن منهم جديرا بتلك المسؤولية، وذلك عبر الصناديق في الإنتخابات القادمة، والآتية لامحالة .

 

حميد طولست

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم