صحيفة المثقف

صوت مجهول

سردار محمد سعيدقالت بوجع مكبوت لماذ أيها المَلك الموكل بالغمام تغيب، ألا تدري بأن بضع قطرات من حبرك الكحلي تغسل حرقة روحك.

فمتى تسقي بستاني بالحروف اللينة، متى تحن وتثقب الغيوم فتهبط العبارات من غربالك الشبقي غدقة بالصور والإستعارات .

ستورق أصابعي ويتعرى جذع الشجرة يتوضأ برضابك، فيتساقط الرطب الجني،وعلى ويختلس الغسق خيطاً يشد عنقك حتى زفرة الروح.

يخفق جناحا الحمامتين المستوكرتين بصدري دهوراً.

تمردتا،تخاصمتا من أجل سرير صدرك النابض بالدفئ فتنافرتا .

همست بأذني يوماً :

لك عين جارية، لكن تفاح وجنتيك، ورضاب شفتيك،ينهلان ماء الغموض،

وأناغارق سيدتي بفيض حروفك وطوفان معانيك،

وزلزلة التعابير لغاية التعري بغابات سيقان أشجارك التي هرب منها اللحاء،

سأتسلل يوماً كالبخار،وأرفض أن أمتطي البراق، معي إبرة ذربة ذهبيّة أهدتها لي عشتار مقابل قبلة، لتقهرجلجامش،

أكسبتهاالقوة لتنادي الآلهة : أحملوه ليثقب خصرالغمام،

وليهطل القطركزخات شلال،

يبلل القميص، يتغلغل حتى الجلود،

فالزهر لن ينمو إذا لم أتواطأ مع قرصان الشبق،

وقرصان الشبق ألام عليه لقبح سحنته وسخفه،

لا يلبي طلبات الحسان، لكنه قوي لم تشتمل النساء على مثله،

ولدي من القدرة إذا ما لامسني يخلع سخفه كخلع الحيات جلودها،

قبل النوم وأكون قد لبست تمردي واستبدادي ولن أدعه يسرق الفرح مني .

قالت لي الآلهة مثلي دور الغافلة حتى يضيع في متاهات حبك،

لن تخسري أكثر مما خسرت من نشوة التقاء الشفاه.

" تموز " يتجه تلقاء الجحيم .

يبس الزرع وكفّت الحيوانات عن الإنجاب،ذبلت الضروع،والورود،ويكاد الزهر يذوي، وحزنت للغانية العذراء، إذ هبت لتنقذه،

فلم لا تكوني منقذة لجلجامش،

تشمي عشبه الريان،وتمتصي رحيقه،

فاعتناقك الغصون التي بلا زهورلن يتساقط عليك الندى .

كفاك تضاجعين غصناً بعد غصن،

فبعد موت انكيدو تأكد لجلجامش أن عشبة الخلود وهم،

فما الذي يشدك اليه،

وجربت سقاية الأراضي حتى القاحلة منها،

وصرت كالشمس تدور وتدور، هي لا تعرف متى تسكن أو تنفجر .

كالسفينة التي تمخر وتمخرفي بحور الفضاء المقفرة .

أيها الصوت القادم من خلف الغمام،

ومن خلف الرمال العلوية،

أتدري بأني المنذورة لمضاجعة الهواء والماء،

ومن يلبس قناع السراب ومن مزق القناع .

وأطلُ على جميل حيرة،على رعشة،على رجفة بعش منسوج من عسل التمزق والألم اللذيذ .

ما الذي تريد ؟

الا تعلم أن الأوردة لا تستطيع الصراخ بلدغ الحيات،

والأوتار لا تهتز باللهاث إلا إذا اطردت سنابك الخيل على فراش شاعر

سسواء خصفت أو نضّت حواء نصيفها .

***

 

سردار محمد سعيد

النقيب الذي سيودع رذاذ بيخال .

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم