صحيفة المثقف

الفقر الحلو

من اكثر الامور التي تشد انتباهي واحب متابعتها هي قصص الماضي القريب، قلت القريب لاني اقصد الايام التي عاشها جيلي والذي قبله، فكل من عاش هذه الفترة بفقر حلو صار اليوم مع هذا التطور شيء مميز ومختلف. يتبادر الى ذهنك الان سؤال ماهو الفقر الحلو ؛ الفقر بحد ذاته شيء غير محبب مع مايجلبه من الم ومعاناة لكن اخترت ان اطلق كلمة (الحلو) على فقر معين عاشه اغلب جيل السبعينات و الثمانينات..جيل العوائل الكبيرة والحال المتوسط او اقل من المتوسط، ولم يعيشه كل الجيل بطريقة واحدة كان فقر مر لمن كان يشكو الفقر ويظهره..مرا بحيث ان العائلة لا يكون لديها اي هدف بالحياة سوى التخلص من هذا الفقر بأي طريقة حتى انها سخرت كل ملفات الدماغ الى وسائل وحيل للبحث عن حلول ولا يهم ان تكون الطرق صحيحة او خاطئة المهم النتيجة مفيدة لتحسين معيشتهم . وهذا النوع من الناس انتج اشخاص سلبيين ماديين واثروا على الجيل الذي ربوه بنفس الفكر والفهم للحياة، هم هؤلاء الانتهازيون والوصوليون والذين يخاف منهم اذا وصلوا لمراكز مهمة لان تفكيرهم يبقى متمركز في اتجاه واحد مهما تقدم العمر وتغيرت الظروف لانه ترتب بهذا الشكل فقط ..بينما..اصحاب الفقر الحلو..من كانوا يعيشون الفقر بطمأنينة وحب وهدوء يقنعون بابسط الامور التي تمدهم بالحياة وتساعد ادمغتهم على التفكير والتقدم، لم تكن المادة هدفهم بيوم من الايام لذلك كان تأثير الفقر ايجابيا عليهم صقل شخصياتهم وطورها وجعل منهم شواهد لزمن اسميناه الجميل لانه انتج مثلهم ، فالفرق كبير بين من كانوا يعيشون بفخر وكرامة الملوك وهم فقراء، لم يشتكوا ولم يتنازلوا عن مبادئهم وبين من يكون مستعد لان يفعل اي شيء من اجل المادة.والفضل الاول والاخير للوالدين بهذا كله هم من يرسمون طريقة التفكير لابنائهم منذ اول ايامهم ثم تتكفل الظروف بما تبقى...ويبقى الفرق قائما ويزداد وضوح بين من عاش فقرا مرا ومن عاشه حلوا..

 

هناء عبد الكريم

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم