صحيفة المثقف

ذاكرة بمئات الوجوه

قصي عطيةذاكرةٌ بمئاتِ الوجُوهِ، والنَّوافذِ

تُداعبُ الوَشمَ المَزروعَ على ضِفافِ صَهيلي

وتقبضُ على الصّفاءِ المتَّكِئ

على ضَوءِ شَمعةٍ

طافحةٍ بالأمل...

أغنّي نشيدَ الأصابعِ

حينَ تُفلتُ منها الشَّمسُ،

وتَذوبُ في حُقولِ الجَليدْ.

القَرميدُ الأحمرُ على شُرُفاتِ البيوتِ

المُسترسِلة بالتَّجاعيدِ ...

يرفعُ ياقتَهُ،

ويَرتمي في حضنِ غيمةٍ ضلَّت

طريقَها نحوَ السَّماءِ العالية.

***

ذَاكرةٌ بمئاتِ الجروحِ، والنّدباتِ

تغرسُني في مُستنقَعٍ يخترقُه شُعاعُ ضَوءٍ

آتٍ مِنْ بعيدْ

أتسلَّقُ الضَّوءَ بأظافري الحَليبيَّة الرَّقيقة

أمدُّ قامتي نحوَ قَشَّة تُلامسُ قوسَ قزحٍ

يلفظُ أنفاسَهُ على عُنقِ الفَضاء ...

حانَ مَوعِدُ التّشرُّدِ معَ الأشرعةِ المُرتجِفةِ

في قاعِ ليلةٍ غائمةٍ

مع حكايا جدّتي

المَطويَّةِ في جَوفِ رصيفٍ رطْبٍ

تتجمَّعُ عليهِ الحَقائبُ المُعدَّةُ للرَّحيل.

ما مِنْ تعاسةٍ تعادلُ تعاستي

أمامَ جثَّةِ الخَريفِ

وقد تَبعثرَتْ أُمسياتُهُ،

وتيبَّسَتْ وَجنتاهُ سَاعةَ الغُروبِ

خذيني إليكِ يا جدَّتي،

ما عدْتُ أحتملُ اللياليَ المَكسوَّةَ برائحةِ

العفونةِ والتّفسّخِ...

وصقيعِ المَرايا المَكسورة

في زَوايا الذّاكرة.

***

 

قصي عطية

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم