صحيفة المثقف

نوارس لا تخشى البرق..!!

صحيفة المثقفكان رعدًا، قويًا مرعبا

لم يشأ يضع إصبعه في أذنيه

ليمنع عنه الطرش..

وكانت حزمة من بروق ساطعات

تضيئ السماء بلون العطش..

لم تسقط حبة مطر واحدة

ولم ينتعش الشجر

وظل الرعد يعتصر الأدمغة والأفئدة

ويحيلها رنينًا حزينًا

مجمرًا بقيظ تموز

على ضفة النهر

قال: إنها ، قادمة

عاصفة من رماد وقيح

وإن سيلاً سيأتي عارمًا

من أسفل الوادي

نحو قمة جبل الرمل

**

تعالت ضحكات، وقالوا :

إنها زوبعة من تراب نيسان

أيها الجاهل بالأحوال..

إنها تمرق فحسب،

وكفى المؤمنون شر القتال..

وعادت رؤوسهم إلى مواضعها

في حفر الرمال..

عندها، انفجرت غمامة سوداء

تغش بإيقاعها أنشودة المطر

فأستيقظ جيكور من غفوته

وتعانق مع أعمدة أور

ليشعلا في الظلمة نور

**

نزع طاقيته

وتوجس شيئًا من رذاذٍ أسود

وتسائل : من فعلها ؟ من أضرم النار؟

لا أحد يحرق بيته سوى الغريب

شعلة النار هبطت من خلف الأسوار

**

غسل كفيه بماء أخضر

ينتعش فيه الطحلب ودود (الأنكلتستوما)

وكانت عيناه عالقتان في السماء

المكفهرة إلا من المطر

صرخ بأعلى صوته :

العاصفة قادمة

ثم غاب بين شجيرات يأكلها العطش

لم يجد شيئًا في بيته ،

سرقه اللصوص في غيابه

أخذ يدندن مع نفسه:

(إذا غاب القط إللعب يا فأر)..!!

**

لم يصدقه أحد بأن السماء تمطر سخاما

والرعد لم يكن خلبا

يمتطي ظهور السذج والمغفلين

قال : سأرقص حتى الصباح

لعلي أتعب وأنام

ولم يصدقه أحد، بأن السخام

لن يجلب النعاس

إنه يوقد جذوة الأشتعال والغضب

ويجلب السحب

على إيقاع الرصاص، مجهول الهوية

في ظل الصخب وصنابير الماء الساخن

وحظر التجوال

مندسون اشعلوا مقراتهم وتسللوا

لتعم الفوضى وليغلق الثغر

المطل على البحر

لغايات

**

السماء مكتظة بالغيوم

ولكن البرق يكشف المطابخ الملوثة

حتى في عتمة الليل البهيم

لكي تظهر الصورة ملتهبة

ليصرخوا : مندسون

إنه إيقاع فاضح وناجح

في عقول السذج لبعض الوقت

العالم ليس ساذجًا والعيون المحتشدة

تحدق في عوالم الخلاص

ولا حاجة إلى مظلات تحمي الرؤوس

من المطر، الذي لن يهطل عدا السخام

والنجوم تتكاثر في شوارع المدن

والعالم يصك على أسنانه دونما حراك

من بعيد

وأصوات تدعوا خبثًا أيها النمل :

(أدخلوا منازلكم سيهطل المطر غزيرًا ،

يسيح من بساطيل جيوش

سليمان المفتوحة والمهترئة)..!!

هراء هذا النداء

لن يهطل سوى السخام

ولكن .. ليس إلى الأبد .

وبعده ، يبدأ الهروب الكبير.!!

* * *

د. جودت صالح

12/09/2018

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم