صحيفة المثقف

تشابه واختلاف

صبيحة شبرما زالت الذكريات تؤلمك،، تشجيك، وتسعدك معا،مشاعر متناقضة تعيشين بها، طوال حياتك،تتراءى أمامك المشاهد، وتتوالى معك الأحداث،وأنت جالسة في مقعدك المعتاد، قرب النافذة، لا احد قربك، يبادلك الحديث، او تشاركينه لوا عج النفس، وآلام الذكريات، أنت غريبة هنا،، مهملة،، يطالبونك باستمرار،، أن تعتني بهم،، تنفذي رغباتهم، وأنت جندي مجهول، تعملين بصمت، لا احد منهم يكلف نفسه عناء سؤالك عن رغباتك

- ماذا تريدين سيدتي؟ ولأي شيء تطمحين؟

تركك المخلوق الوحيد الذي تعشقين، لم يتركك مختارا، بل اجبر على هجرك، تعلق به قلبك المفعم بأشعة الحياة وسناها، ازددت تعلقا به وهياما،، ولم تصدقي أياما طويلة انه قد تخلى عنك، لم ينفذ ما اتفقتما عليه، وما تعاهدتما حوله،،

تحرقك اشعة الشمس المنبعثة من النافذة، ولكن حرارة الذكريات أكثر وهجا وإحراقا، فلم تتمكن الشمس منك تمكثين في مكانك المعتاد قرب النافذة، يبدو عليك السكون و يحيط بك من كل الجوانب، وأنت ظمأى تحترقين بحديث الذكريات وألمها الممض

تعقدين المقارنات بينهما رغما عنك، أنت لا ترغبين، ولكن شيئا قويا يجبرك على القيام بها بسكون، يخيل للرائي إليك انك ميتة، من يدري انك مشغولة فكرا، قلبك يئن ويتلوى ألما، وأنت محبطة، قد أصابتها السهام المصوبة اليها بالتعب ونالت منها مقتلا

فكرك يمتليء بحوادث كثيرة تجعلك تقدمين على إجراء المقارنات،، كانا صديقين، يتشابهان بأمور كثيرة، الأول احبك، وقدم لك قلبا مملوءا إخلاصا وفهما ومودة، شاركك طموحاته ومشاريعه، أطلعك على آرائه وأفكاره،، جعلك ندا له في نضالا ته وكفاحه الطويل، تشهدين مناقشاته مع صحبه، كنت صامتة في الأيام الأولى، ولكن رغبتك القوية ان تكوني له شريكة، وصديقة وزوجة مؤازرة، جعلك تشتركين في الأحاديث وتبدين رأيك بها، وان كانت تتناقض أحيانا مع ما يبديه هو من آراء،، لم يكن يغضب او يرتعد،، كما يفعل الثاني، الذي جعله الجميع شبيها وقرينا، وأنت على قربك بالأول، وحبك له، واعتزازك بعلاقتكما القوية المتينة، قد صدقته بما ادعاه من حب وهيام

تفكرين، وتفكرين،، تتراءى المشاهد أمامك، وأنت وحيدة كالعهد بك دائما، خرج الجميع، وتركوك بمفردك، تحاولين لم ما تبعثر من أشياء في منزلكم الصغير، وإعادة كل امر الى مكانه المعهود، يطالبونك باستمرار، أن تنفذي رغباتهم المتزايدة ، كل ساعة ,وأنت من لك ؟؟ يسمع أوجاعك ؟ويهتم بآلامك، ويحاول تخفيفها عن كاهلك

- لا وقت لدي كي اسمع هراءك

- انت صخرة سيدتي، لا يمكنها ان تشكو او تتذمر، ارسمي على ثغرك ابتسامة بلهاء، طويلة، تخبر الناس عن سعادتها المستمرة وسرورها المستديم

صديقان يتشابهان في الوجه، بشكل يدعو الى الاستغراب، لون الشعر،طول القامة، طريقة السير، حركات اليدين عند التحدث، الاهتمامات مشتركة، الاثنان تعلقا بك، الأول بادلت حبه، عشقته بقوة، حاول ان يجعل منك امرأة قوية، واثقة من نفسها، تعرف ماذا تريد، تسعى لتحقيق أحلامها، والثاني سلب منك ما بناه الأول بمهارة، وثقة وإصرار،

- ابتعدي، الشمس ستحرق بشرتك الحساسة

تنتبهين الى تحذير تطلقه إحدى جاراتك المقربات، لا تكترثين، لتحرق الشمس ما تريد من بشرة ،،كنت تطمحين ان تكون مشرقة لتعجبي من أحببت بعنفوانك القديم

كيف يمكنك ان تعرفي منذ البداية ÷، ان الصديقين المتآزرين المتفقين، في أمور شتى، يختلفان ذلك الاختلاف الكبير أين الثرى من الثريا ؟ صديقتي المسكينة،واحد يبني والآخر يهدم بكل ما لديه من رغبة في هدم الأشياء الجميلة على رؤوس الأحباب والأصحاب

انت تجلسين، في مكانك المعهود، بعد ان تم تناول طعام الغداء، تعبت في تحضيره لهم، كما هو الشأن كل يوم، ولا تسمعين كلمة تدل على الشكر او الاعجاب، الست خادمة سيدتي ؟ تتعبين نفسك في إعداد الوجبات، وتجتهدين، فلا تسمعين كلمة واحدة

تتراءى لك المشاهد عن رجلين، في حياتك، الأول تركك رغما عنه، اغتالته بد المنون، قبل ان يحين الأوان، وقضت على زهرة شبابه، التي طالما أثارتك، وأعجبتك، وأمدتك برغبة قوية،، بالتمتع من زهراتها العابقات بالشذى والجمال، الثاني لم بلتفت إليك، ولم يسمعك كلمة إعجاب واحدة، نروي ظمأك المتأصل ، تغنى بجمال كل النساء، الا انت،، أبعدك من قلبه، قد لا يرى فيك امرأة سيدتي ؟؟ يظن انك مخلوقة للطبخ والكنس والكي، وانك حافظة نقود،، تصرفين عليهم أي وقت يريدون

انك في كرسيك المعهود، تتراءى أمامك المشاهد

الأول اصطحبك في مسيرة سلمية، مطالبين ببعض الحقوق، الجميع سائرون بأمان، فجأة ينطلق الرصاص، مزمجرا هادرا، كنت في الوسط سيدتي، يد قوية تدفعك الى الخلف، تتلقى بصدرها أزيز الرصاص المنهمر، تتوالى أمامك الذكرى وتتمنين ان كل ما حدث مجرد أحلام شيطانية آن لك ان تفيقي منها

أنت في مكانك المعهود، ككل يوم بعد طعام الغداء، تتراءى لك المشاهد، الثاني يشبه الأول في كثير من الصفات، جاءك معلنا حبا يستبد به حتى النخاع، صدقته، وكان الصديق الوفي، لحبيبك الذي تعشقين، وان لم يصدق القلب، فانك رغبت بالتصديق، من يتحمل حياة الوحدة سيدتي ؟؟ بعد ان اعتاد على حياة الألفة والوصال

اختلفتما أول الأمر، حين هاجم حبيبك الذي تعشقين، هالك موقفه، وهو الصديق الوفي الأمين

- كان حالما كبيرا،، ضحى بحياته من اجل لا شيء

أنت لاشيء سيدتي، تتراءى لك الذكريات تباعا، وأنت جالسة وحيدة، ككل الأيام، تأتيك المشاهد صاغرة، أنت تتألمين، ماذا يمكنك ان تفعلي لتوقفي نزيف الذكريات من الاندلاع ؟ اثنان، صديقان يتشابهان،، تشابها يدعو الى العجب والاستغراب، يقعان في حبك، الآن بعد مضي الأعوام تتساءلين

- احقا احبك الثاني؟

- هجرك منذ الأيام الأولى متعللا انك ما زلت تتذكرين

انت جالسة في مكانك المعهود، وشريط من الذكريات السعيدة والمؤلمة، تحيط بك، تغمرك في يم متصارع الأمواج، تتقاذفه الرياح

- استشهد احمد مدافعا عن حياتك

لم تعرفي منذ البداية، الاختلاف الكبير بين الشخصيتين، يبدوان صديقين متآلفين، ولكن الأيام الأولى أثبتت لك التناقض الشاسع بينهما

- احمق، من يضحي في سبيل الآخرين

يبعدك عن حياته، يهجرك، تتكلمين، لا يسمع ما تقولين، يحاول سلبك ايمانك، كل ما تؤمنين به يهاجمه بقوة

تتراكم عليك الذكريات، تحيط بك، صارخة تستغيثين

 

صبيحة شبر

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم