صحيفة المثقف

البرلمان العراقي..مفسدة للقيم الوطنية والأخلاقية.. دراسة استطلاعية

قاسم حسين صالحيعدّ البرلمان العراقي هو السبب الرئيس لأشاعة الفساد الأخلاقي والوطني، ما يعني ان معالجة وضعه الحالي باجراءات جذرية ستؤدي الى اصلاح العملية السياسية في العراق.ولأن من عادتي أستطلاع اراء اكاديميين ومثقفين واعلاميين بخصوص الظواهرالاجتماعية والسياسية، فقد توجهنا بالتساؤل الآتي:

(برلمانات العالم وجدت لخدمة شعوبها، البرلمان العراقي..وجد من أجل ماذا؟)

بلغ عدد المستجيبين (376) فردا، صنفت اجاباتهم على النحو الآتي:

1- الفساد

اتفق جميع المستجيبين على ان البرلمان العراقي فاسد، اليكم نماذج من اجاباتهم:

- وجد لخدمة الفاسدين ونهب خيرات العراق،

- وجد ليحقق النائب مكاسب ومغانم يؤمّن بها مستقبل أولاده وأحفاده في وطنه الثاني غير العراق،

- لسرقة النفط وثروة البلد وتشريعها للخونة،

- للتستر على قادة الاحزاب الفاسدين واللصوص،

- وجد ليجعل من 325 شخصا مليارديرا على حساب 36 مليون فقيرا،

- افسدوا القيم الوطنيه من خلال تقسيم الولاءات الى الولاء للطائفه والدين والقوميه والمنطقه والعشيره والحزب، وقد نجد الوطن في نهاية القائمه.

2- الامتيازات:

- وجد البرلمان العراقي ليمنح النائب فيه راتبا ومخصصات خيالية،

- وجواز سفر خاص له وعائلته،

- والسفر والعلاج على حساب الدولة.

3- التشريع

- يهتم فقط بتشريع القوانين التي تخص مصلحة اعضائه،

- لا يوافق على اية طلبات من نواب وطنيين يطالبون بمقاضاة او مساءلة قياديين في أحزاب السلطة على ما يعد جريمة او تقصير او فعل يستدعي المساءلة،

- يتواطأ مع الحكومة في اصدار تشريعات او سن قوانين ضد مصلحة المواطن، وتمرير قرارات تضر بالشعب،

- قراراته ارتجالية لا تمت للوطنية بصلة والانتماء للبلد، تشريع قانون تقاعد النواب وامتيازاتهم انموذجا.

- التصويت البرلماني بالعفو عن الفاسدين والمطلوبين بالارهاب والاحكام المخففة عن الفاسدين من قبل مجلس القضاء الاعلى بضغط البرلمانيين والسياسيين.

4- اثارة الفتنة

- البرلمان العراقي منبر لأثارة النعرات الطائفية والقومية،

- يعمل على استفزاز الشعب وخلق الأزمات ولا يعمل على التهدئة.

وقد وصف المستجيبون من الأكاديميين والمثقفين اعضاء البرلمان بأنهم دمروا العراق ونهبوا الوطن، وان البرلمان في حقيقته مؤسسة استثمار مالي كبير اكثر منه مؤسسة تشريعية معنية بالشعب العراقي، وطالب كثيرون بالغائه، فيما وصفوا الأحزاب بأنها:لئيمة، فاسقة، تسرق اللقمة من فم الجياع وتعبد الله نفاقا ودجلا.

الأجراءات

اقترح المستجيبون اجراءت كثيرة لأصلاح واقع البرلمان العراقي نوجز اهمها بالآتي:

- خفض الرواتب والغاء الامتيازات،

- محاسبة جميع النواب بموجب قانون (من اين لك هذا) عن الثراء الفاحش،

- ابعاده عن ان يكون مصدر ثراء وجاه، وغلق ابواب الفساد بوجهه،

- تعديل قانون سانت ليغو من 1.70 الى 1.3،

- جعل العراق دائرة انتخابية واحدة،

- ان يكون الترشيح لعضو البرلمان محدد بدورتين انتخابيتين فقط،

- تخفيض العدد الحالي لأعضاء البرلمان، وأن لا يزيد عددهم بزيادة عدد السكان،

- تطبيق ضوابط انظمة الموظفين في الحضور والغياب على جميع أعضاء البرلمان.

استنتاج

تتفق الغالبية المطلقة من الشعب العراقي على ان مجلس النواب هو اقرب الى مؤسسة استثمارية لخدمة اعضائه منه الى مؤسسة تشريعية تعمل لصالح الشعب والوطن، وان ما جاء في الاستطلاع اعلاه يعكس حقيقته بصدق..ولك ان تحسم الأمر بمقارنة عدد المرشحين للبرلمان بوضعه الحالي وعددهم فيما لو جرى خفض راتب عضو البرلمان والغاء امتيازاته وتقاعده التي ينفرد بها عربيا وعالميا!

والمشكلة التي لا يشار الى خطورتها بوضوح، ان البرلمان العراقي بوضعه الحالي هو مؤسسة لأنتاج رأسماليين، وان من طبيعة الشخصية الرأسمالية انها تكون انانية تستاثر بالسلطة والثروة.وانطلاقا من هذه الحقيقة فانه يفقد مهمته التي وجد من اجلها ولا يمكن ان يعمل من اجل الشعب الا بما لا يضر بمصالحه.

والخطورة تكمن في ان البرلمان تحول عبر اثنتي عشرة سنة الى مؤسسة اشاعت الانتماء للهوية الطائفية والقومية وقضت على شعور الانتماء للوطن الذي يوحّد العراقيين، وانه سنّ شريعة يكون الترشيح فيها لمن يمتلك ثروة في واقع افسد هو فيه الأخلاق ليصبح شراء الأصوات سهلا..ما يعني ان حظوظ من هو نزيه وكفوء ومحب للعراق وممثل لشعبه ستظل شبه معدومة.

ان احدى اهم المشكلات التي تواجه الأجراءات المقترحة لأصلاح البرلمان تتطلب تعديلا في الدستور العراقي.ففي المادة (49) منه حددت ان يكون نائبا واحدا لكل مائة الف نسمة، فيما المقترح يدعو الى ان يكون واحدا لكل مئتي الف، سيما وان دول البرلمانات الصغيرة تعمل الآن على تقليص عدد نوابها، وان اميركا ذاتها حددت مقعدا واحدا لكل 750 الف نسمة..ولك ايضا ان تراجع ما كتبه الباحث المتخصص بشؤون البرلمانات..(أوريول).

ان الغرض من هذه المقالة المبنية على دراسة استطلعت آراء اكاديميين ومثقفين واعلاميين..ان تكون ورقة تقدم لمؤتمر وطني يدعو له البرلمان ذاته، او المنظمات المعنية بشؤون البرلمانات، أوالمرجعيات الدينية الداعية لقيام دولة مؤسسات مدنية.

فمن ذا ينتصر للعراق وأهله؟

 

أ. د. قاسم حسين صالح

مؤسس ورئيس الجمعية النفسية العراقية

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم