صحيفة المثقف

أمريكا.. وطن الكذب الفاضح

محمد العباسيأنا عشت في أمريكا في الثمانينات.. وعايشت الشعب الأمريكي البسيط وتابعت وتعلمت مقتنعاً بحكم إحتكاكي اليومي بالعقلية الغربية في تلك الديار.. بأنهم جهلاء! قد تخدعنا آلتهم الإعلامية العملاقة بحرياتهم الزائفة وديمقراطيتهم المزعومة وإهتمامهم بحقوق الإنسان.. لكنها كلها عبارة عن هالة إعلامية مشوهة.. إعلامهم كذب صريح.. إدعاءاتهم  مجرد لعب على ذقون البلهاء.. جرائمهم ضد شعوب العالم يبررونها بخبث إنها دفاع عن المبادئ والحقوق والإنسانية.. بل كثيرا ما يسوقون أفعالهم ضد العالم بأنهم يدافعون عن حرياتهم ونمط حياتهم هم.. بينما كل أفعالهم تدور في فلك مصالحهم المادية لا أكثر.. بل تكون في غالبها مصالح أفراد وجماعات وشركات عملاقة تقتات على دماء الشعوب الأخرى حول العالم !!

ربما أكون منصفاً بالقول أن المواطن الأمريكي مغلوب على أمره.. مخدوع.. أقنعوه بأنه خير البشر.. مصدر قوة جبارة.. سوبرمان خارق الطاقات.. وبأنه أول من خطى على وجه القمر.. ولكن الحقيقة المغيبة عن معظمهم أن مجموعة من اللوبيات الماسونية واليهودية تتحكم بمصائرهم.. ترمي بالألاف منهم في أتون معارك لا ناقة لهم فيها ولا جمل.. يضحي ساستهم بالمئات والآلاف من جنودهم من أجل السيطرة على مدخرات العالم.. وخططهم ليست بالضرورة عاجلة.. بل آجلة.. والشعب الأمريكي هو الضحية قبل ضحاياهم من شعوب العالم أجمعين.

لست هنا بصدد تشويه الصورة النمطية للمواطن الأمريكي.. فأفلامهم السينمائية وإعلامهم وماكينات إعلانية تصورهم أبطالاً خارقين.. ولكن لحسن حظنا في ذات الوقت أن هنالك المئات من البرامج الوثائقية التي تفضح الأكاذيب الأمريكية.. فبقليل من البحث في اليوتيوب مثلاً ستجدون المشككين والكثير من الأدلة المقنعة حول إدعاءات طالما أخذناها كمسلمات.. منها على سبيل المثال لا الحصر مسألة الهبوط على القمر وسباق الفضاء.. تفجير برجي التجارة.. إغتيال الرئيس جون كنيدي.. والكثير من خفايا الصراع القذر للإنتخابات الأمريكية.. وكم الغش والتلاعب والكذب والرشاوي.. كلها موجودة لحسن حظنا ضمن تحقيقات وبرامج وثائقية موثقة بالأدلة والشهود.. نعم،  ربما عندهم هذا القدر من الحرية ليتحدثوا عن مساوئهم في العلن.. لكن ساستهم لا يتوانون أبداً عن التمادي في غيهم رغم كل ذلك.. والشعب الأمريكي يعاود إنتخاب نفس الأشخاص رغم كل فضائحهم !!

ثم بالله كيف لنا أن نأمل من هذا الشعب أن يشعر بالمضطهدين من شعوب العالم.. وهم أمة أضطهدت الشعوب الأصلية للقارة الأمريكية.. سرقوها من أهلها ونكلوا بهم بلا وازع من ضمير.. إغتصبوا قارة بأكملها.. بل أن المستعمرين الأوروبيين القادمين من إنجلترا وإسبانيا وهولندا وفرنسا والبرتغال وإيرلندا إغتصبوا قارتين كاملتين.. نهبوا خيراتها.. وإستعبدوا شعوبها.. كما استعبدوا قارة أفريقيا.. وتاجروا بالبشر ليعملوا سخرة عندهم في مزارع القطن والقصب وحقول الذرة والبرتقال.. ولا يزالون في الولايات الأمريكية يستغلون العمالة المكسيكية واللاتينية الغير قانونية بأبشع صور الإستغلال كعمالة زهيدة مغلوبة على أمرها.. بينما هم في ذات الوقت ينادون بالحريات المدنية والشخصية ويتظاهرون بالدفاع عن الحقوق في باقي دول العالم.. ويفرضون على الأمم الأخرى الدخول في المعاهدات الدولية بالترغيب والترهيب !!

هل لو بحثنا قليلاً وتعلمنا التفريق بين الغث والسمين،  سنتحلى ولو ببعض الإحترام لهذه الأمة الظالمة؟ ربما لن نمقت المواطن الأمريكي البسيط لأنه هو الآخر ضحية لعملية غسيل للمخ مستمرة بكل الوسائل المتاحة.. لكننا بالتأكيد سنتعلم كيف أن ساستهم وشركاتهم من أجل بيع السلاح يختلقون الحروب.. ويتسببون في مجازر وأهوال.. ولا يترددون في القضاء على شعوب بأكملها ليجنوا بعض المكاسب المادية.. وأفغانستان والعراق وسوريا وفيتنام وكوريا وكوبا ونيكاراغوا وغواتيمالا وبنما لخير دليل حديث وقديم على غيهم.. وحتى طائرتهم التي فجروها فوق "لوكربي" لدليل يفضح سياستهم المقيتة التي أرادوها لكسب الرأي العام في أمريكا للهجوم على "ليبيا القذافي".. بل تكفينا مسألة الوقوف الفاضح مع الدولة العبرية والسكوت عن الجرائم ضد شعب فلسطين منذ أكثر من سبعين سنة.. ولا يزالون يتساءلون عن سبب كراهية شعوب العالم المضطهدة لهم.. لا يزالون يتلاعبون بالأمم ويوسمون كل من يخالفهم ويقف في وجههم بنعوت الإرهاب.. ولا للحظة يراجعون أفعالهم وجرائمهم ومواقفهم اللاانسانية حول العالم !!

 

د. محمد العباسي - أكاديمي بحريني

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم