صحيفة المثقف

عصيات كوخ

عقيل العبودالرجل الناحل، زوجته تراها تحضر إبريق الشاي الساخن كل يوم مع شئ من الحساء، لعل ذلك يخفف بعض الإختناق الذي يصاحب تلك النوبات المتكررة من السعال،  تلك التي ما انفكت تجرجر أقدامه صوب نهايات تنذر بالوداع.

الليل لم يكن يمضي كما عادته هذه الأيام، رغم انتشار بعض النجوم التي تطلق ضوءها عبر منعطفات ذلك البساط الهائل من الظلام، اما النهار فقد كان يتحرك بطريقة سريعة.

عقارب الساعة، تلك التي تفصل بين غروب الشمس وشروقها، حركتها المليئة بماض بعيد، كأنها مشحونة بالخوف.

 اما القلق فأمر لا يمكن ايقافه، اوتفاديه، الا من خلال بعض التمارين التي هي عبارة عن طقوس تحتاج الى إصغاء، وضبط نفس على شاكلة ما يسمى باليوكا، أو التأمل.  

النافذة  التي كانت تطل على نخلة يمتد عمرها الى عشرات السنين، أوصالها كأنها احست بالإنكماش، الريح كانت شديدة خارج المنزل، اما السحب المنتشرة في أقصى ذلك الامتداد، فقد قررت الانسحاب عن المطر، إستجابة لإنذار عاصفة ثلجية قادمة من جهة الشمال. 

حرارته، كما احس بها ارتفعت الى أقصى ما يرام، لذلك عروقه كأنما داهمها الإعياء. 

ومثل ذلك، إبريق الشاي راح ينتابه البرد، لذلك رويدا رويدا، النبضات احاط بها وجع مسكون بالصمت، الانكماش أشبه بحالة سريان في أقصى نقطة من الجسد. 

السماء فجأة قررت ان تلبي دعوة سحابة انتزعت نفسها عن تلك الكتل التي كانت تصطف على مقربة منها. 

هنالك عند أقصى نداء بيت طاعن في السن، ثمة بقعة هوائية منجمدة راحت تتسلل الى داخل ذلك الفضاء العاجز، اما المطر، فقد راح يتفاعل مع الوجع. 

الصراخ، ذلك البكاء  انطلق مع  انذار سيارة اسعاف ، اما السكون فقد قرر ان يتوقف تعاضدا مع رغبة غيمة داهمها الموت.

 

عقيل العبود

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم