صحيفة المثقف

وأقبل الخريف مبكرا

قصي الشيخ عسكر"لمسة إصبع واحدة قد تحرق العالم"

إذن أنا أجوس الشوارع النحيفة المنسابة بين القبور  وأنت هناك ياسيد يوهان ترقد في فراشك تتطلع إلى السقف أو لعلك تغفو وقد تحملك رجلاك لتخطو نحو الشباك فتلقي عليّ نظرة من علو أو إلى ذلك المكان  الذي يرقد وسط حصن متين كدرع سلحفاة صلب.كم مررت بهذه المقبرة أحث خطاي على الرصيف لأمر ما ولم ألتفت إليها...كان الزمن ومشاغل الحياة ومايدور برأسي يبعدني تماما عنها.. لايهمني اسمها أم في القرن الثامن عشر تم بناؤها أو القرن الذي يليه..يمكن أن أسميها المدينة المقبرة السفينة...السلحفاة المدرعة.أقوى مقبرة في العالم. كيف تدب القوة في عظام نخرة وتتدرع جثث هامدة ذابت في التراب. في زمن الحرب يمكن لأي مغامر أن يضع مادة شديدة الانفجار في جثة فتنطق بعد حين عن دمار وخراب و في زمن غير زمن الحرب الرديء المحمل بالكوارث  يمكن أن تحاط الجثث بالنكبات..الحق تعجبني ابتسامتك،ولثتك الخالية من الأسنان. إنها تذكرني بلثة عبد الله أيام المدرسة الثانويّة،نحكي النكات من أجل أن نضحكه أو نجعله على الأقل يبتسم فيكشف عن صفحة فم سوداء نخرة خالية من الأسنان..لهذا السبب أطلقنا عليه لقب عبد الله اللوريني تيمنا بالممثلة الشهيرة صوفيا لورين الرقيقة ذات الابتسامة الدافئة..عذرا إذا قلت ذلك عنك في غيابك حين اجتيازي باب هذه المقبرة التي دخلتها قبل جثمانك المفترض.كم مرة مررت بها على الرصيف من دون أن أشعر بوجودها ،وربما جلست على بعد خطوات منها في المقهى المطل على البحيرة أحتسي الشاي وأتطلّع في البجعات والأورز والحمام والغربان، ،وفي بعض الأحيان أذهب إلى المكتبة على الرصيف الآخر فأعيش مع الكتب وأنسى أنها قريبة مني.

تقابلني تماما ولا اشعر بها.

الموت على بعد خطوات مني فلا أنتبه له على الرغم من أنه يقع وسط الأرض كلها بين الشرق والغرب!

الإتحاد السوفيتي الولايات المتحدة الأمريكية.. الشرق والغرب.

كلّ ذلك كان قبل لقائي بالآنسة تيرينا حفيدتك!!

إذ قبل هذا اليوم ياسيدي كنت أعيش عائلا على غيري. لقد خرجت إلى عالم لا حدود له وتماهيت غارقا بفرح ونشوة.قلت مع نفسي أول يوم استلمت فيه الشغل: شيء أحسن من لاشيء.. عشرون ساعة من العمل تجعلني أتحرر إلى درجة ما من نظام المساعدات الاجتماعية.. العمل معك جعل النصاب يكتمل تقريبا.. أكون مستقلا تماما.أنت قربتني خطوة نحو الكمال..سوف أتخلص من المساعدات الاجتماعية ومن وصاية المشرفين والمشرفات فأكون حرا من كل قيد،أنا هو أنفق على نفسي من تعب جبيني.. أستطيع السفر متى أشاء قراري بيدي.. أتخلص من فضول النظرات. سنتين كامليتن عشتهما على الضمان الاجتماعي..عشرات الأسئلة أتجرعها كل يوم.كل لحظة تتلون أمامي مقولة حفظتها عن ظهر قلب:Time is money نقود نقود .. mange penge  إنه ليس حرف ج كما في اللغة الإنكليزية كً كَ mange penge الدنماركيون يدفعهم فضول ظاهر مخفي لسؤال أي شخص غريب الملامح عن مصدر رزقه.إنهم يعرفون كيف يستفزونك من غير أن تلوح على طريقتهم بوادر عنصرية ملحوظة واضحة المعاني. الكناري الجميل .. الطير الأليف هكذا كان يقول هتلر عن الدنمارك ..كانت كوبنهاغن بعد كل تلك السنوات الطويلة تستقبل أي غريب بالسؤال الأزلي الشهير:

من أي بلد أنت؟

العراق

إيران؟

ما هو العداء المستفحل لحرف الكاف.لم َ يتذكر الأوروبيون النون في نهاية الكلمة. الآن نحن في حرب . بلدان هما العراق وإيران يتحاربان لكنهم لايميزون مؤخرة أحدهما من الآخر:

العراق ياسيدي.

أووه عراق

ألف ليلة وليلة.. بغداد ..السندباد..

هل قرأتها؟

الفرق هو حرف النون وعليك أن تنطقها بوضوح. هذان المجنونان اللذان يحارب كل منهما الآخر ب. أنا أسأل إن كانوا قرؤوا ألف ليلة وليلة وتابعوا السندباد وكوبنهاغن لا تسألني عن الحرب إلا عرضا بل عن شغلي:

ماذا تعمل؟

عاطل. أستلم معونتي الشهرية من المشرفة ..هي تدفع إيجار الشقة الصغيرة ..ضمان اجتماعي.. مساعدات  .. فندق بالمجان..الدول الاسكندنافية فنادق سياحية ..نقود كثيرة mange penge أكلك وشربك ومنامك ومتعة عضوك التناسلي على نفقتهم الخاصة.. وأنتم ألم تكونوا لاجئين زمن الاحتلال النازي؟ ألم تسموا أمريكا أرض الحليب والذهب والغنى فتستقلوا البواخر إليها قبل غزو هتلر لكم بقرون..نصف مليون دنماركي في الخارج هاربون من الضباب في بلدان الشموس ..أما نحن يقال والله أعلم إنها نقود البترول التي يسرقها الغرب منا فيرجع النزر اليسير منها إلينا :

أدرس كورس رعاية لكبار السن!

لايكفي أن ترى وتسمع وتتذوق.. سوف تجد هؤلاء الشقر ذوي العيون الزرق يختلفون عنك تماما.. إنك تتحدث مع أساتذة جامعات.. أطباء.. وعمال وموظفين وترى سحاقيات ولوطيين ومدمني مخدرات. وتقابل من يحترمك ويحتقرك كل يفهم الحياة بطريقته الخاصة فعليك أن تفهمهم كي يفهموك..integration..integration بإمكاني أن أتجاهل كل ذلك يمكن أن أكون مجنونا..شخصا تافها. يتحدث معي المشرف الاجتماعي فأجيب بانفعال أصعد على المنضدة أمامه وأزعق بأعلى صوتي....أكسر جهاز الفيديو.. ألعب في نادي مكتب اللاجئين بجهاز البلاي ستيشن ثم أرمي الموجه الألكتروني تجاه الحائط.. أزعق مثل طرزان.. أي تصرف مريب يجعلني أتمتع بحقوق مريض نفسي.. مجنون.. لاسؤال ..لامتابعة..لاتوقيع.لاأحد يسألني أين كنت ومتى أجد عملا أو أذهب لأدرس اللغة.. لاأخضع لقانون الدمج الاجتماعي.. لكني أخجل ولاتؤاتيني الجرأة في أن أمثل دور مريض نفسي وكأنني وضعت في حسباني الدراسة والعمل فأجد بعد سنتين أن هاجس ارتياح يلوح داخلي من خلف ابتسامتك الدرداء فأنت ياسيد يوهان لاتدري كيف حدث الأمر معي..مريض مثلك نادرا مايغادر غرفته بل يطلّ إن سنحت له الفرصة من كوّة شباكه على مقبرة تؤويه بعد بضعة أشهر ربّما..شخص مثل هذا يعي أن هناك قادما جديدا سيطل عليه ليكون في خدمته كما أخبرتني دائرة البلدية:

- هناك رجل عاجز مصاب بتليف الرأتين يسكن في شقته وحيدا مارأيك أن تشتغل في خدمته؟

شيء أفضل من لاشيء . على أية حال هذا عمل أنظف بكثير من العمل الذي مارسته  مع كبار السن في دور العجزة خلال فترة التطبيق.. أو مازلت أمارسه الآن كل يوم..أغسل الخراء .. أمسح البول..أقابل من شخص  ابتسامة حلوة وبعد لحظات تأتيني من الشخص ذاته ركلة وسباب.. تجاهلت أني قد اصاب بجرثومة ما.. فايروس.. حين دخلت دار العجزة لفحت أنفي رائحة البول والمطهر..لا أظن أني سوف أخفق معك ..لم أعلم أنّ موتك قريب..أنا نفسي لم يخطر على بالي عمل مساعد لعاجز قط.كنت قد استلمت رسالة حول الموضوع من البلديّة،هناك سجّلت اسمي وفي الموعد المحدد أخبرني مسؤول الشغل عنك. ثم بعد بضعة أيام في المبنى نفسه قابلت فتاة رائعة عرفت فيما بعد أنها حفيدتك.إنّي أذكر هذا لأقول إنّ عبد الله الطيب ذكرني بضحكتك.مع فرق شاسع بين لثتك البيضاء المحمرة ولثته السوداء النخرة التي استحق عنها لقبه بجدارة لانظير لها..لوشاهدني جالسا هنا أمام المشرفة الاجتماعية وهي تزجي إلي بكل لطف وهدوء نصائحها لأطلق ابتسامته الشهيرة، وهتف بي : ما أسعدك أيها المغترب اللاجيء وأمامك فتاة رائعة الجمال مسؤولة عنك تجلس تضع ساقا على ساق فيبين باطن فخذيها وتقول بوجه سماوي بشوش:

- مارأيك أن تسجل في دورة رعاية لتعمل بعد التخرج في رعاية كبار السن؟

- لاأمانع  هل هناك من دورات أخرى؟

- مثل ماذا ؟

- سائق باص مثلا .. بائع في سوبر ماركت؟

- موجودة لكن حقل الرعاية أكثر الحقول حاجة إلى العاملين.

- لامانع لدي أي شغل تختارينة وإن كان شاقا أفضل من اعتمادي عل المساعدات.

- شغلتك حساسة.. السر في العمل.. الصمت.. مراعاة العاجز.. المواعيد بدقة ولاتنس الصبر!

ماذا عن الأمراض والفيروسات.. كل ذلك يهون مقابل أن أتحرر من البطالة والضياع.. سوف أقابل عجوزا أكل أنفها السرطان.. وأسوق الكرسي الكهربائي إلى المرحاض.أنت غبي والله..تستطيع أن تحصل على تقاعد مبكر. بدلا من أن تغسل البول والخراء.. غيرك العشرات ممن ادعوا الجنون والخرف. مصائب الدول العربية كثيرة تنسي اللاجيء اسمه واسم أبويه وأسماء أخوانه وأخواته..ضعف الذاكرة أليس هذا العائق بكاف؟ كثيرون هم ممن على شاكلة عبد الله لورين من اللاجئين معك يقولون إن خبراء الغرب يعدوننا مرضى نفسيين ومجانيين لم لاتعود إلى الوراء قليلا سنتين لا أكثر بدلا من أن تدرس اللغة ثم  تختص في موضوع ما سنة أخرى.إنس بعض الكلمات إذا سألتك المشرفة عن اسمك وعائلتك قل لها إن مشكلتك النسيان ..لا أركز نسيت كل شيء بسبب الصفعات على رأسي. ضابط الأمن ضربني على هامتي.. شرطي المحلة.. مسؤول الأمن وإذا اقتضت الضرورة ادعِ أن أحد المارقين اغتصبك وأنت طفل.. ابتسم يالورين..واكشف عن  صفحة لثتك اليمنى الدرداء،اجعلني أهتف أنا ومن يحيط بي جملتنا المعهودة "الله ابتسمت صوفيا لورين " لقد عرفت واجبي تجاهك:السريّة والكتمان شروط لأيّ شغل نمارسه.. الصبر أنا مثل أيوب .. كالجمل لاأتعب..لاأجوع ولاأعطش..الأمانة لن أكون مثل الممرضة العاملة المساعدة التي سحبت من رصيد مخدومتها العجوز أموالا،ولست سائق حافلة محملة بالعجزة تجمح نحو إحدى القنوات فتحوم حولي شبهة ما. عامل في دار لكبار السن أقضي مع أناس فقدوا لذة الحياة والذكرى والحرية خمسة وعشرين ساعة في الاسبوع. بعضهم يعرفني اليوم وينكرني غدا وقد آتي اليوم التالي فلا أجد شخصا في سريرة. الدار حالها حال الدنيا ناس تأتي وناس تذهب:

- أنت الآن عندك خمس وعشرين ساعة عمل مارأيك أن تشتغل مع عجوز في شقته خمس ساعات في الاسبوع؟

- أهو في مكان بعيد.

- في الأسترت بورت!

- جيد،مكان قريب من سكني ومن عملي في دار الرعاية.

مشاكل في الرئتين.. تليف.. التهاب في مجرى التنفس ربما يموت بعد ستة اشهر أو سنة  لكنه يستطيع الاعتماد على نفسه في كثير من الأمور ولكونك أثبت جدارة في عملك بدار الرعاية فقد رشحتك للعمل عنده  شخص مثل هذا لاينفع أسهل على الله أن يخلق واحدا جديدا غيره سوف يوفر عليه الجهد والوقت.أقول هذه النكتة السخيفة المعجونة ببعض الكفر لنضحك نتصنعها لنجعل اللوريني يبتسم وابتسامتي هذه المرة تأخذ طابع الجد والاهتمام:

- لاماناع عندي.

- في حال موافقته عليك سوف تنتهي علاقتك بدائرتنا التي  تكمل لك مساعدة نقص الساعات  عندذاك يتم ترحيل ملفك إلى مكتب العمل!

تلك الليلة ياسيدي يختلف طعمها في ريقي عن جميع الليالي..إني ألتقط الزمن ذرة ذرة.. دقيقة دقيقة مثل طفل يجمع أجزاء صورة متفرقة فتكتمل اللوحة لديه في النهاية. أنت أكملت مشواري الطويل ساعدتني على أن أفلت من قيد المراقبة. خذ خمسين فلسا .. هذا مصروفك اليومي . أمي هل عندك بعض النقود؟ والمشرفة الجالسة خلف المكتب تقول:القانون يمنحك حق الدراسة .. كل شيء بالمجان مادمت عاطلا.. سوف أدفع لك  إيجار السكن وأبعث على رقم حسابك بداية كل شهر مبلغ المساعدات..من حقي أن أتنفس الصعداء. لقد فلت تماما من شدق غول مخيف يدعى المساعدات. لافرق بيني وبين طفل رضيع يضطجع في عربة وفي فمه رضاعة أو أكون دجاجة تنتظر يدا ما تنثر لها علفا.. الوضع تغير تماما كان أجدادنا يقصدون الآلهة بالنذور كي ترزقهم ثم أوصونا  أن نرحل إلى مدن الشمال.الى آلهة جديدة  توفر الطعام والشراب والسكن والعلاج. آلهة شقراء ذوو عيون زرق يأكلون ويشربون ويتناسلون فيتنعمون علينا بما يتلذذون به. كان يمكن أن أظل طول عمري إلى سن الشيخوخة أتلقى مساعدات وأعيش مثل اللص أسترق الزمن أتحين الفرص وفي عيون الاسكندنافيين حيرة وتساؤل: كيف يعيش هؤلاء بهذه المساعدات القليلة، ومايراه هم قليلا نراه نحن كثيرا نستطيع أن نوفر منه بعض المال فنختلس غفلة من غول الزمن ونفلت من الرقابة بضعة أيام نقضيها في دمشق أو مكة أوبيروت . مازلنا نحن إلى الشرق. مثل القطة التي ترغب بمخالب تنغرز في عنقها. جلد الذات..كل ذلك خلفته ورائي.والدنماركيون بدأوا يصرخون: هانحن نعمل ونشقى فندفع ضرائب عالية يتمتع بها اللاجؤن..العمال.. الموظفون .. معامل البيرة..حزب الخطوة إلى الأمام يعادينا جهارا وعصابات الملائكة أصحاب الدراجات الهوائية ينقلبون علينا بمرور الوقت حتى المومسات يدفعن من عمل فروجهن ضرائب تصب في جيوبنا..ونحن نظن أن جزءا من نفطنا رجع إلينا..هؤلاء خبثاء يدعون الحياد في الوقت نفسه يصدرون السلاح المتطور لإيران والعراق.. مائتا مليون دولار ينفقونها على طعام الكلاب كل سنة..لاأحب الجدال ولا أفضل الدخول في نقاش لمقال منشور على صفحات جريدة البولتكن.. أو برلينسكة تيذنه سنتين قضيتما على المساعدات ولايهمني أن أناقش داخل الدرس في موضوع التعبير والإنشاء مقالا بالجريدة عن طعام الكلاب ولاخبرا يبثه التلفزيون عن حرب العراق وايران. أخذت العبرة من غيري فتحاشيت أي نقاش  منذ رأيت المعلمة الهادئة الطيبة تحتد مع طالب شرقي قال إن وسائل الإعلام تتحدث عن أنظمة كومبيوتر حربية تصدرها الدنمارك للعراق وإيران . للمرة الأولى احتدت المعلمة وادعت إنها شركات ليس للدولة من سلطان لها عليها . الدنماركيون أصحاب مباديء هذا مايجب على اللاجيء وكل غريب أن يفهمه..منذ القديم.. وقفوا مع فرنسا الكاثوليكية .بروتستانت من أجل المباديء أعلنوا عداءهم لبريطانيا البروتستانتية التي كانت تستورد منهم اللحوم فجاءت بوارجها ودكت كوبنهاغن.. ساعتها تحاشيت النقاش. قلت لنفسي:ليذهب غيري إلى دمشق وعمان وليحج آخرون من ضرائب تفرض على فروج البغايا.. لتمتنع بريطانيا عن لحوم الدنمارك وليناقش الطلاب موضوع تصدير السلاح  غدا ألتقي تيرينا والسيد يوهان.. منذ هذه الليلة أركن جانبا كل ما يستفزني. أو أحاول أن أتجاهل.سنة قضيتها  في مدرسة اللغة كان الشرق يقفز إلي خلالها من نافذة الصف شتاء صيفا.. يتابعني..من أي بلد أنت؟ هل أبوك حي؟ كيف هربت؟أخبار الحرب.. جنوب لبنان.. فلسطين.. المصيبة الكبرى حرب العراق وإيران.. ؟what is your name سيدي أنا أتكلم الدنماركية..ظننتك لاجيء جديد..نافذة مفتوحة وأعصابي يجب أن تجمد..ستة أشهر في دورة تدريب عامل رعاية .. خادما لكبار السن وثلاثة أشهر أخرى  في التطبيق العملي أخرج بعد كل هذه الاشهر من الوصاية عليّ إلى  عصر ماقبل الوصاية.. لماذا كل هذا الشقاء.. أعلن عن جنونك وتمتع بامتيازات.. أمن أجل أن تكون حرا؟  لا أم تزرر كل صباح  قميصك وتعتني بسروالك قبل الذهاب إلى المدرسة، ولا أخت تمسح أنفك من المخاط كأنك آدم أبو البشر لاتطلب مصروفا من أب .. أنت تخلق نفسك.. حر..تعرض عن أن تذهب إلى معمل الآجر تساعد والدك وتخضع لأوامره، ولا تنصاع لعريف الجيش وتقول لأخيك الأكبر  إنك تستطيع أن تغلبه ولاتخاف منه وتجادل أباك.. أقدر أن أقطع مابيني والماضي وجهي يمكن أن يصبح عجينة بالتمرين يكبح جماح الفرح والغضب فلايبينان عليه ..فهل يجعلني العمل وتعبه ومشاغله أنسى الشرق البعيد؟

سوف أعرف حقيقة الأمر  في غد.

 

د. قصي الشيخ عسكر

...................

وأقبل الخريف مبكرا هذا العام، رواية مهجرية.

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم