صحيفة المثقف

تواصل أنشطة الملتقى الدولي الرابع للفنون: لقاء المكان الدولي لفن الحاضر

القيروان .. المدينة الاستثناء بين توهج التواريخ والبذخ الكامن في طيات كتبها من لغة وشعر وأدب وفنون وعلوم وفقه وجمال مبثوث في .. المكان .. نعم المكان هنا فسحة ممكنة للابتكارو الحوار والمواجهة العارمة للسقوط والضجيج والتداعيات المريبة حيث النعومة والعذوبة وما به يمكن للكائن أن يستعيد كيانه وانسانيته زمن الكذب والتوحش .. انها لعبة الفن تجاه المكان كحاضنة لفن الحاضر .. فن الأن وهنا ..

394 شمس الدين العوني

من هنا لمعت فكرة هذه الدورة الرابعة لملتقى المكان لفن الحاضر .. الدورة الرابعة وجمع من فناني جهات العالم حيث العمل اللوني الفني مجال والمكان خلية لهو طفولي و.. والقيروان .. علبة تلوين .. ولا مجال اذن لغير الفن كترجمان بهاء نادر زمن الأفول .. وسقوط القيم ومنها قيم الفن والابداع ..

هكذا هي القيروان الأن .. حيث يشهد المركب الثقافي أسد بن الفرات بها فعالية دولية ن لافتة بينة هي "لقاء المكان الدولي لفن الحاضر" بحضور وفعل من قبل فنانين تشكيليين من العالم .. كل ذلك في فترة من 3 الى 13 أكتوبر .. تحل بالقيروان فيأخذك عطر من الحنين وتمضي في أزقتها لتنشرح دواخلك وتدندن أغنية من زمن هو بين ماض وحاضر لتباغتك معالمها .. جامع عقبة الشامخ ومتحف رقادة الغني والفسقية العجيبة وتتضمن التظاهرة عدة ندوات وأمسيات شعرية وموسيقية مع ورشات مؤطرة للأطفال و.. .ما الى ذلك من بهاء مبثوث في الأرجاء .. القيروان الشاعرة تمنح فتيتها من جهات الكون شيئا من الحلم .. .نعم وفقط .. فالحلم هو الفن .. والفن هو الحلم .. وهذا ما عاشه واحسه الفنان الأمهر بول كلي وهو على عتبات القيروان ذات يوم من أيام 1914 ..

من الكونتينونتال الى الفضاء الرائق بالمركب الثقافي الذي يديره طفل جميل وأنيق ثقافيا وانسانيا هو القيرواني المولدي العنيزي الذي فتحنا على شيء من دأبه الثقافي بالمؤسسة الي لم يقنع في ادارته لها بغير الابتكار والجديد وفسح المجال للمبدعين والكفاءات الثقافية والشرائح الاجتماعية مجتمعة ضمن عنوان لافت هو الجديد والرائق في الثقافة والفنون ..

الفنان عمر الغدامسي وهيئة جمعية المكان والحرص والدأب لأجل راحة وابداع الضيوف من الفنانين في حوارهم مع لوحاتهم في الورشات ..

ها هو الطفل الكبير والفنان الأمهر حمادي بن سعد وعلى كرسيه المتحرك (شفاه الله) يعالج عملين مهمين وفق شغله الجمالي الذي عرفناه به .. الأوراق والألوان والاحاطة باللوحة في عناد جميل هو من شيم حمادي الفنية .. لوحة مميزة اكتملت في حجم 2/3 متر ولوحة ثانية بصدد الاكتمال .. حمادي كان محط تقدير من الجميع من فنانين تونسيين وأجانب .. نعم التجربة والطبيعة الانسانية وأخلاق بن سعد العالية .. فنان يتعب ويكد وله تواضع الكبار .. حمادي أودع لوحته الأولى شيئا من اللوعة والحرقة تجاه معاناة المهاجرين ومألاتهم .. هي رسالته في هذه الدورة بفنه المخصوص لتبدة القماشة بلونها الملتاع ووجوه يهزها الرعب والخوف والحيرة الكبرى .. .عمل فني ببصمة حمادي بن سعد الجمالية والتعبيرية من على كرسيه المكلل بالبهجة مثل أطفال جدد وبلا ذاكرة .. برافو ماتر "حمادوش" .. وفي الجهة الأخرى من المكان بمركب ابن الفرات .. الفنان حسين مصدق في حالة بين الفن والفكرة في رحلة يراكم فيها ما طبع حاله من سؤال الجمال تجاه المدينة والأنثى في شئ من القول بالسفر المقيم في الدواخل حيث الذات في شجنها ونواحها الخافت أمام ما يحدث كل ذلك في ضرب من نحت القيمة وعظمة الحيرة والأسئلة .. فنان مثقف يلهو بالتفاصيل على القماشة يحاولها ويحاورها بكثير من جمال اللحظة وممكناتها في المكان وتجلياته ومشتقاته الشتى ...

الفنان السنيغالي فيي ديبا وتجربة مميزة من التعاطي الفني التشكيلي مع العناصر والأشياء حيث افريقيا بقلبها النابض تلهم المكان ببهاء خاص فيه عطور القارة السمراء وفنونها المعتقة المتجددة ..

الفاخري القذافي هذا القادم من أعماق ذاته .. بضحكته العارمة يحيلك الى حميمية نادرة هي من تلوينات الفنان الماسك بناصية الحلم في عناد جميل هو من قبيل الفن الخالص .. طفل أخر لا تملك الا أن تنصت اليه وهو يحدثك عن الحياة والناس وخبرات الزمن .. فسحته في هذا المكان بين عوالم الأطفال الباذخة بالبراءة وما عهد عنه من صلة جمالية مخصوصة تجاه اللوحة .. التجربة والامتاع والابداع .. اسم من ليبيا يتوزع بفنه في /على الأكوان .. فنان يحبه التوانسة مثل حبهم لليبيا (أعاد الله بهاءها وسلامتها وشجنها الجميل .. وحماها من المكروه والأشرار) .. الفاخري أضفى على المكان أمكنة أخرى من غرف القلب .. نعم يمنح الفن المكان قلبا نابضا .. حدثني عن ليبيا في طفولة حالمة واستذكرت معه علاقاتي بالأصدقاء من الشعراء والكتاب والساردين ولقاءاتنا بجهات تونس في اللقاءات الثقافية والأدبية وبتراب ليبيا في سياق شعري وثقافي منذ الثمانينات .. نتمنى لهم السلامة والخير والعودة لنهر خيالهم وابداعهم ..

هيلدا حياري من الأردن .. الفنانة التي تمضي في لوحتيها بالمكان رغم ألم الوشواشة والناموس الى الوجوه كعنوان جمالي للقول بالحالة .. ان الفن ذهاب لتخليص الكائن من واقع الألة الة حالة الحلم .. لها تلوين مخصوص وفق جدل تجاه القماشة حيث الوجه مجال سؤال ولوعة .. .و حلم .. نعم القتامة في بعض تجلياتها مجال فرح ونشيد وأمل .. فنانة من الأردن الشقيق الصديق حدثتني عن الأصدقاء المشتركين هناك من شعراء واعلاميين وعن علاقتها الثقافية والابداعية بالراحل الشعر محمود درويش الذي كانت تتكرر زياراته للأردن قصد الراحة ولقاء الأصدقاء وخاصة عند عودته من باريس .. هيلدا بكل ما في الساحة الهاشمية من حركية ومشاهد رائقة وبهاء تمنح اللون شيئا من شواسع العبارة لديها للقول بالفن تجاه المكان المتجدد .. المبتكر .. وهناك في زاوية الورشة الفنان فاتيح الرحمة الزبير يدعك طينه ليقدم منحوتة من توهج افريقيا في نقطة مشعة هي السودان .. على ايقاع الممبو السوداني تنهض حكاية النحت عند الفتى الفنان فاتيح بكثير من الامتاع الجمالي .. وعثرنا على هنري ساقنا هذا الفنان السينغالي يقف بدلال هائل أمام اللوحة يمنحها جمالا من اللون والعلامات في ضرب من الديكور والأمبريسيون .. فنون متنوعة .. منها الحالة الجمالية المبتكرة ضمن فن الأر-فيديو حيث الفنانة والأكاديمية عفاف النوالي ضمن تجربة لافتة وحرية بالمتابعة والدراسة ونعني العمل المقدم "ليل الأزمنة" .. شفقت أفدوش اميني .. فنان يحاور القماشة في أناقة فنية وفق تجريدية فائقة ليشير الى تونس بتلوينات فيها الجمال المفتوح على الدهشة .. هكذا هي الأيام الأولى للملتقى .. نعم فكرة المكان في القيروان بدت ثرية لخفة المكان ولروح ناسه المرحة .. .و تجارب وأسماء أخرى نعود لأعمالها لاحقا .. المجد للفن يبتكر نشيده الخالص .. اذن الفعاليات فيها تفاعلات وتعاون وتبادل خبرات وفنون وتواصل بين المدعوين من الفنانين ونشطاء الفنون التشكيلية من عدة دول عربية وأجنبية قولابالتعدد والتنوع تحت لافتة الفن الجامعة للأنواع والأنماط والأشكال .. إنها لعبة الفن في إدارة الاختلاف ودعم الوجدانيات والانسانيات في عالم يسير نحوكونه يتحول الى متحف مهجور والانسان الى رقم ولكن للفن فكرة أخرى وهي الحياة للجميع والمجد للتنوع والكائن هوابداع وأفكار وبناء وليس الجماد والأرقام .. انه البعد الجمالي والقيّم في تصنيع الحاضر الجميل نحتا للكيان وقتلا للسقوط .. انه الفن زمن الكوابيس ..

 

شمس الدين العوني

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم