صحيفة المثقف

المقبرة المدرّعة

قصي الشيخ عسكر"ساعتها رحت اندفع قرب الرماد مثل فراش يتهافت على النار"

لم أذهب إلى البيت مباشرة حالما غادرت شقة السيد يوهان ..

 رغبة ما ألحت علي أن أتوغل في عمق المقبرة على الرغم من لفحة الريح وبرودة الجو.شيء طبيعي أن أكره الموت لكنني في تلك اللحظة هبطت إلى الشارع لأطوّف بين القبور التي من المفترض أن يدفن في واحد منها صديقي الجديد يوهان.

شيء ما يجثم في إعماقي أكون مخطئا إذا قلت إنه فضول ..

 شيء أتحسسه ولاأعي كنهه قط ..

مع ذلك شعرت أني مراقب .. السفارة الأمريكية .. آلات التصوير .. مجسات الإنذار قد يكون يوهان نفسه مازال ينظر من النافذة فمن اللائق أن لايراني أقتحم عليه خلوته الأبدية .. نوع من التحدي أم الفضول .. كلّ مرة لايساورني الارتباك حين أمر من هنا .. أبدو طبيعيا ..اجتزت إلى الرصيف المقابل وتجاوزت السفارة الأمريكية كما لو أني أقطع شارع أستر بورت متجها إلى المحطة .. أعرضت عن باب المقبرة كأنني لا ارغب في أن يراني أحد أو تراقب حركتي أية آلة تصوير. انحرفت عند التقاطع إلى شارع كريستيانيا كورد مع المنعطف المحاذي للسفارة الروسية وملت باتجاه الطريق الطويل الضيق من أسفل الرصيف إلى باب المقبرة الخلفي .. واجهني حاجز حديديّ ملتوٍ حيث رأيت على بعد خطوات من الطريق المفضي إلى محطة نورد هاون العلم الإنكليزيّ فوق بناية ضخمة ثمّ عبر ممر ضيق من جهة الشمال بموازاة محطة سفينة مولن كان العلم الإسبانيّ!

المقبرة المدرّعة ..

ليس من باب المصادفة أن تقع مقبرة بين سفارات أقوى دول العالم القديم والحديث. كان ماردا البحر العملاقان قبل مئات السنين الإنكليز والأسبان يتناطحان في البحر وعلى البر يجثمان الآن متقابلين كتمساحين متعبين وفي بداية المربع عند شارع الأستر بورت مقابل شقة يوهان بامتداد مستقيم يتواجه على الرصيف العريض عملاقا الفضاء الروس والأمريكان وليس ثمة عجب أن يقع بصرك على طيور الشواهين وغربان منهمكة بالبحث عن دود الأرض ترفع بين حين وآخر مناقيرها فتلقي عليك نظرات مبهمة أو ليس غريبا أن يرفع غراب ما فجأة رأسه نحو السماء زاعقا أو تنطق بوم بين أغصان الاشجار فيحدث للعالم ماحدث لي على الدراجة. ضغطة واحدة على الزر من قبل السيد بريجينيف أو كارتر Tyrk pÅ knappen .. kun lidt Øjeblik فيتحول العالم كله إلى قاع صفصف لاتنعب فيها الغربان والبوم .. ولاتغرد فيه الطيور. من قبل دخلت مقابر وارتحت لمناظرها .. فصل الصيف عند اشتداد الحر وسطوع أشعة الشمس الذهبية الدافئة اللينة فوق الحشائش الناعمة أجد فتيات يكشفن وهنّ يستلقين بين القبور عن أثدائهنّ وسيقانهنّ مستمتعات بالشمس .. عبد الله يسخر مني بابتسامته اللورنية المعهودة:

- أليس هناك من احترام للموتى عند شعوب الشمال؟

- ومن أخبرك أن الموتى لايحبون هذه المناظر؟!

كدت أغبط الموتى .. هناك بين قبور أهلنا في الشرق تجول الأفاعي، وتهجم العقارب على الجماجم .قد تكون بداية الفصل من هنا .. أنا هذه المرة أجول في مقابر تزدحم بالورود والطيور وتتزاحم بصور وشواهد وهدوء تام يقطعه في بعض الأحيان تغريد حسون أو مناجاة حمام يختبيء بين أغصان السرو وأدخل مثل اللص مقبرة تنتصب حولها آلات تصوير سوفيتية وأمريكية تراقبني ..

أنت مطارد حيّا أم ميتا، فاشغل نفسك بالحرب أم تراني لا أدري أين أنت الآن؟في قاطع أربيل .. السليمانية أم سيف سعد .. قوس الزين .. يامدرس التاريخ أنتم خسرتم أرضا واسعة مع الألمان في القرن التاسع عشر .. الألمان اخترعوا بنادق جديدة أحدث من التي عندكم .. أيها السويدي تعال واسترجع جزيرة بونهولم إنها ليست دنماركية .. فوضى .. العالم فوضى .. نحن نقاتل من أجل جزر ثلاث وحفنة تراب على الحدود، والسويد تعلن الحرب على الدنمارك لتستعيد بونهولم .. ورئيس الوزراء باولة شلوته يسترجع بجيشه الصغير الرائع جنوب الدنمارك. إنها فوضى ناعمة .. أما صديقك القديم من أيام المدرسة الذي كان يضحكك مع الآخرين ليرى ابتسامتك الرهيبة فإنه يغبط هؤلاء الموتى الذين ينعمون بالرقاد جنب أجساد الجميلات، في الوقت ذاته العالم يسير سيرا حثيثا نحو الفناء .. يوهان اشترى قبرا عام 1960 بألف كرونة .. القبر الآن بعشرة آلاف كرونة .. أنت محاصر .. إنها أوروبا .. كل شيء بنقود ولو لم يكن لديك عمل تتولى البلدية دفنك .. المشرفة التي ترسل لك مساعدة على رقم حسابك كل شهر هي ذاتها التي توقع قرار دفنك في مكان أنيق هاديء مزركش بالشواهد والممرات حولك تشمخ أشجار البلوط والكستناء البري .. كان لابد أن أعيش ذلك التناقض .. أدخل المقبرة من بابها الخلفي متحاشيا كما يخيل إلي آلات التصوير .. هنا أحياء يعيشون مستمتعين بالشمس وهناك ميت يعيش في شقة، ليس من باب المصادفة كلّ ماأراه، من الآن فصاعدا سأسمّي المصادفة تناقضا لأنني لو اعتمدت على المصادفة وحدها لبدت كوبنهاغن أضحوكة ولصار العالم نكتة قريبة الشبة بابتسامة عبد الله لورين الذي لن يتردد لحظة في أن يضغط على زر الفناء لو كان محل بريجينيف أو كارتر لكنني كنت أقف أجيل البصر في هذه الجنّة الرائعة ذات الزهور والأشجار، وأقرؤ شواهد القبور:

يورغن .. 1/6/ 1879-13/4/ 1943 ..بنت 12/9/ 1898 – 3/5/1950 ..أنيتا 1949- 1973 .. جون 1968 ..أندرسون .. 1935بلي .. 1981 ستين .. وليم .. يانس ... مبغت ..كيليرت .. ماس ... أمه ... لينا .. أوفه .. يوهان .. أسماء وشواهد تنطق عن قرنٍ ماضٍ وحاضر وتفتح ذراعيها لسنوات قادمة.شاهدة واحدة لاتحمل اسما ولاتاريخ موت .. هناك من يعبث بالموت نفسه، ولايقرّ ه أو يقيده بزمان فيترفع عن ذكر اسمه وسنة ميلاده وموته لكنه يظلّ واحدا مجهولا وسط كلّ هؤلاء المعروفين.المهم أني رأيت قبر يوهان قبل أن ينزل فيه .. سبقت شاهدة له مازالت في الحانوت بين عشرات الشواهد شاهدة صغيرة لها ارتمت على جانب القبر الخاوي إلا من بعض الرماد:

بيكت راغسموسن

6/12/1920 - 11/4/1979

امرأة انشقت نصفين رمادها هنا وبعض منه في قارورة .. ربما لوكنت في العراق الآن لكنت مثلها بالضبط .. قذيفة واحة تحيلني إلى رماد يتناثر في الهواء .. كل أصدقائي ورفاق المدرسة في الخدمة الإلزامية .. كيف يبتسم عبد الله وسط اشتداد النار وغليان المعركة .. هل يتذكرون مدرس العلوم الذي كنا نكرهه قال عبد الله لورين سيكتبون على قبره اسمه واختصاصه" بكلوريوس علوم " فضحكنا كلنا وبقي صاحب النكتة محتفظا بابتسامته المميزة لمناسبة أخرى.أظن أن بعضا منهم هربوا أو أسروا أو قتلوا. نكتة الموت التي ضحكنا منها أصبحت واقعا أتحسسه في هذه الساعة مثلما يعتاشه أصدقاء الدراسة .. مر الوقت دون أن أعي أني كنت الوحيد في هذه المقبرة الواسعة العريضة.هل يثير وجودي الشك؟تذكرت أني محاصر وأن علي أن أعود من حيث أتيت فقد كفاني أني عرفت مكان بيكت راسموسن والمكان الفارغ جنبها لكني لم أستسلم تماما .. درت مع الممر الطويل نحو الباب الخلفي إلى غرفة البستاني. ألقيت عليه التحية وقلت من دون تردد:

- هل لي أن اسالك؟

- بالتأكيد بكل سرور!

- كم هو سعر القبر!

- منذ عام أمتلأت المقبرة اكتملت وأغلق البيعّ!

مساحات الفراغات المتانثرة بين القبور التي حجزها أحياء لمستقبلهم بدت مثل فراغات ضيقة في دفتر مخطط الأوراق. كنت غافلا :

- مجرد سؤال؟

ابتسم بلطف كأنه تردد مرات:

- من أي بلد أنت؟

- العراق!

فرت طيور نحو الأفق تلاها نعيق حاد لكني سمعته يقول بوضوح:

- أووه العراق حرب الآن وعقب من دون توقف:

لاجيء؟

هؤلاء القريبون من الموتى والذين على وشك الموت لاأحد فيهم يخلط بين نون إيران وكاف العراق:

- كنت. الآن أعمل في أحد دور الرعاية لكبار السن!

- أتظن أن الحرب ستتوقف؟

سؤال لايعلمه إلا الله أي ذكر للعراق يقترن بالحرب، وهاهي سنتان تمران والحرب لما تزل مستعرة وشعوب الشمال تتوقع قدوم المزيد من العراقيين:

- ربما اليوم أو غدا الله أعلم.

فقال كأنه ينطق عن بديهية لاتحتمل أي نقاش:

- الأمر بيد الدول العظمى !

فغيرت مجرى الحديث وعدت إلى سؤالي السابق:

- من الأفضل أن يموت الإنسان بعد عمر طويل في قبر يختاره بنفسه لكني لن أشتري الآن.

- أعتقد أن القبر يساوي الآن عشرة آلاف كرونة .

- سعر موحد لكل المقابر؟

- لا قطعا هناك مقابر فيها الاسعار أقل لاسيما التي تضم قبورا فارغة كثيرة أما مقابر المركز مثل مقبرة الأستر بورت هذه ومقبرة اسستان كيركه كورد في نيرو برو فقد توقف البيع فيها!

ثم التقط أنفاسه وقال شبه متردد:

- آسف حين اسألك سؤالا يخص الدين هل أنت مسيحي؟

- أنا مسلم!

- عليك أن تبحث فيما إذا كان هناك تعاونية إسلامية للباكستانيين والأتراك الذين جاؤوا في الستينات بطلب من الحكومة والمؤسسات للعمل في الحقول والمصانع فربما يشملهم مثل مقابر اليهود نوع من التخفيض أو امتياز ما لا أدري إن كانت هناك ..

- ياسيدي الإنسان حين يموت لايهمه المكان ليكن في مقبرة مسيحية أو غيرها المهم رقعة الأرض غير أن الوقت يبقى طويلا أمامي على ما أظن!

عشرة آلف كرونة مبلغ كبير .. سوف أحتاج إلى قبر في يوم ما .. لا أظن الوضع في العراق يتغير عما قريب .. الحرب مستمرة والحكومة قوية كسبت أصدقاء جددا من العرب ودول أخرى ثم كيف يكون العراق بعد ثلاثين سنة أو أربعين .. عندها يصبح عمري ستين عاما ونيف يبدو أني هربت من موت متوحش يحصد كل يوم من غير شفقة مئات الأرواح إلى آخر أليف مسالم مثل الحمام يسعى إليه أهل الشمال الذين يعيشون الرفاة والازدهار فإن تأخر عنهم سارعوا إليه منتحرين وحسبي أني الآن أتعامل معه فلا أخافه . صافحت الرجل قبل أن أغادر هذه المرة من الباب الرئيس وإحساس يخامرني أني لست محاصرا وإن المقبرة ذاتها هي التي تحاصر كل تلك الأعلام التي تحيطها!

5

"لاجرم فبعض الاشياء المخفية يفضحها عطره ا"

يومان من كل أسبوع أ تردد فيما على شقة السيد يوهان.

كنت أنظف النوافذ والمطبخ أو أنزل إلى قبو العمارة حيث غسالات الملابس، وربما أرافقه وهو في العربة.عملي معه جعلني أعيش أجواء دنماركية حقيقية غير الأجواء التي عشتها في المدرسة أو التي أعايشها في دار الرعاية. كنت يايوهان إنسانا يتمتع بالطيبة وحب الخير. شخص يأسره الماضي، أنا هربت من حاضر بائس مشوه الملامح باحثا في دول الشمال والضباب عن مستقبل رخو أكثر إشراقا وأنت تهاجر إلى التاريخ. وتستقوي على المرض.كنت مشغولا بترتيب المطبخ فقد اتفقنا أن نذهب إلى المقبرة بعد تنظيف البيت فاليوم مناسبة زواجه وقد اعتاد أن يضع بعض الزهور على قبر زوجته حين سمعته يسعل بحدة ويتمتم بصوت متحشرج: إنه الجحيم فأسرعت إليه متسائلا:

- هل أنت بخير؟

تلك اللحظات بدا وجهه محمرا وعيناه دامعتين من حدة السعال، فرد بعد أن ازدرد بعض الحبوب، وتنفس بعمق:

- الآن لا بأس.

- أتصل بالإسعاف؟

- لاداعي تعودت على ذلك!

- أمتأكد أنت من قدرتك على الخروج؟

- لا تخف هذا المعطف يمنع عني البرد لو لم أكن قادرا لامتنعت عن النزول في الوقت نفسه أنا بحاجة إلى بعض الهواء النقي، وجسمي يحتاج الى الحركة!

- كما تحب!

- أرجوك لا تذكر لتيرينا أني كنت أمر بأزمة.

- لاحظت من خلال وجودها معنا هنا أكثر من مرة في الشقة أنك تتجاهل الموت أمامها وربما ترسم له صورة مشرقة، وها أنت تهتف إنّه الجحيم؟

- الحقّ إنّه الجحيم ولم أرد أن أخيفها ومن حسن حظي أنها لم تشهد معظم أزماتي الصحية!

كنت قبل أسبوع في غرفة عاجز يهذي حين طلبه على الهاتف أحد أقاربه فأجبت إنه ينعم بنوم لذيذ، وها أنا أقف الموقف ذاته مع يوهان:

- لاداعي لأن أذكرك أننا لانذكر خصوصية أي "كاد لساني يزل فأقول .. عاجز .. مريض .. فتداركت " شخص حتى أمام أقرب الناس إليه.

وقبل أن نغادر رن جرس الهاتف فالتزمت مكاني عند باب الشقة وخطا نحو الهاتف. تحدث مع حفيدته بعض الوقت وكان يذكر اسمي خلال الحديث، ثم وضع السماعة وقال:

- وجدت لك عملا ساعتين في منزل ميريته هولم.

- من ميريته هولم ؟

- خالة زوجتي ألم تلمح لك عن الأمر في بداية عملك معي!

- نعم تذكرت أخبرتني أنها ستتحدث عن قريبة لها حول عملي بعض الساعات عندها.

إجتاحتني نشوة ما .. لحظة فرح أخرى.ما أصعب حيازة العمل في الدول الإسكندنافية للاجيء يحط رحله على تلك الأرض في عقد الثمانينيات .. نصاب عملي يكتمل، والحق إن الذي شجع تيرينا على الحديث مع خالة أمها مارأته من اهتمامي بجدها فلم أتعامل معه وفق نظام الساعات قط. كانت هناك علاقة حميمة تربطني به فأظل أحيانا أتحدث معه ولاأغادر الشقة حال انتهائي من العمل عنده، ولم يكن من واجبي أن أذهب معه إلى المقبرة ، بدوره كان يوهان يملأ علي فراغا أي فراغ.ماذا أفعل في البيت بعد ساعات العمل ؟ أقرؤ كتابا؟ أشاهد التلفزيون أم أخرج الى الشارع أتيه في جو ضبابي لاحدود له؟ الجنس نفسه كرهته وعافت نفسي الذهاب إلى الدسكو ومعاشرة أية فتاة .. في أي مكان اذهب إليه أجد منشورا يحذر من تفشي وباء الإيدز الجديد في مكاتب البلديات والمدارس نماذج من مانعات الاتصال تقدم هدايا لمن يرغب بممارسة الجنس. كانت الحرب تفتك بالناس في العراق وإيران وفي أوروبا الوحش المخيف البشع الذي حذرتنا منه مكاتب البلديات ودور السينما. عبد الله لورين مازال يسخر مني وهو يرى فراغا يمتد أمامي لاتملأه علي صديقة ولا العمل وهاهي عوالم جديدة أكتشفها مع يوهان وربما أحتك بعالم آخر حين أبدأ مع مريته هولم:

قال لي والمصعد يهبط بنا:

- مريته أمرأه عجيبة ظريفة كنا نسميها المتمردة امرأة خرجت على التقاليد المحافظة وزواج العوائل الأرستقراطية وهربت من أهلها مجرد أن بلغت الثامنة عشرة من عمرها!

- متى ولدت؟

- عام 1905

- أووه عمرها الآن 77 عاما!

- لكنها أكثر نشاطا وحيوية من عمر شاب في الثلاثين !

- وأين ذهبت؟

- كانت تبيت في مقر حزب يساري أظنه الحزب الشيوعي!

واجتزنا السفارة الأمريكية فقلت من باب المباهاة:

- يبدو أن المجتمع في العشرينيان كان محافظا مثل مجتمعاتنا العربية فقد رأيت الشرطة الدنماركية تلقي القبض على البطلة الحامل من صديقها في فلم بيليه أوروبرا !

واستدرت معه حالما عبرنا الباب إلى جهة أشجار البلوط عند الممر القريب من السفارة الروسية. كنت أعرف المكان تماما فعلى بعد خطوات منه وقفت أتحدث في زيارتي الأولى للمقبرة مع البستاني الحارس لكني أسرفت في مجاملته فتمعنت في المشهد كأنني أرى المكان للمرة الأولى .. ألقى بباقة الورد على الأرض ووقف يتأمل لحظات لم ينغصها زعيق غراب أو نواح ينبثق من بين أغصان الاشجار العملاقة ثم قال:

- هيا لنذهب.

 لكنه لم يتجه نحو الباب الكبير المطل على شارع الأستر بورت، وما هي لحظات حتى اقتربنا من غرفة البستاني فوجدناه في الخارج يعدل تراب الممر الخلفي، فهتف بي:

- أنت مع السيد يوهان!

- نعم أعمل عنده!

فمال يوهان نحوي يتساءل:

 هل تعرفان بعضكما بعضا؟

جئت يوما أسأله عن قبر!

فقط أود أن أخبرك أني أفضل أن تزرع هناك في بقعتنا بعض اللوبيليا.

وحالما تركنا الرجل منهمكا في عمله قال لي يوهان:

ظريف هو السيد بنت أعرفه منذ عام 1960 كل سنة يسافر إلى الشرق رأى اليابان وكوريا وزار تايلند والصين وقبل عشر سنوات كان في الهند فقرأ عن الدين البوذي واحتك برهبانها عن كثب فعرف أنه دين يحرم القتل حتى البعوض يطردونه بمكشة عندها غير دينه إلى البوذية وهو منذ ذلك اليوم لا يسافر إلا للهند!

فقلت مجاملا:

الهند قارة يقال إنها أم العالم كله!

6

"جمعني بك شيئان متناقضان القرب والبعد"

ارتحت للعمل مع السيدة مريته هولم. كانت امرأة نشطة لايبدو عليها أنها في السابعة والسبعين من عمرها لكن علاقتي بها لم تتطور إلى أبعد من ساعات العمل الثلاث من كل أسبوع. كانت تهتم بنظافة شقتها إلى درجة أنها تظل تشرف علي وأنا أنظف النوافذ وأمسح المناضد حتى خيل إلي أنها تعاني من هوس فتبالغ في اجتناب مايسبب ضررا لصحتها وقد اعتادت أن تتـأنق وتهتم بملابسها تأنق شابة مقبلة على الحياة. كنت أراها مثل صورة قديمة لها على الحائط .. شابة في الثلاثين تتحدث بلباقة وتمشي بخفة تتدخل في كل شيء كأن الدنيا تعنيها وحدها لكنها تحب الخير .. مازالت وهي في هذه السن المتقدمة من العمر تحتفظ بروح التمرد وفي ذات يوم خرجت معي عن المألوف فسألتني حالما انتهيت:

- هل ترغب في الجلوس والتحدث معي؟

- تحت أمرك!

- كيف هو السيد يوهان؟

لاأخفيك أنه متعب وأراه أحيانا يبدي قلقا على حفيدته.

- تيرينا مشغولة اليوم باختبار عرض الأزياء.

- لم ألتقها منذ صحبتني إليك في آخر لقاء ولم أسمع منها عن هذا الأمر.

- الحقيقة أنا خائفة عليها لأنها فتاة حساسة رقيقة وربما يسبب لها الإخفاق بعض المعاناة والألم!

لابد أن أتصنع الاهتمام أو هكذا يجب علي أن ابدو . قبل أن آتي إلى الدنمارك تناهى إلي أنهم يعيشون حياة رفاهية. يسكنون شققا مريحة. يعالجون في أرقى المشفيات .. يتمتعون بضمان اجتماعي. الجنس طبيعي .. ديمقراطية رائعة .. كنت أظن أن هذه هي الحياة الحقة فإذا ماتوفرت اختفت المشاكل، قد يبدو التافه في مجتمعنا عظيما عندهم .. ذات يوم افتخرت أمام يوهان بالهند أمّا للعالم. قارة الفقر والجوع والسحر وهناك عدد هائل من البيوت لاتعرف دورات المياه. يقال الشقق في شارع النيرو برو قبل الحرب العالمية الثانية كانت مثل الهند في هذه الحال يضع الدنماركي خراءه في كيس يحكم ربطه ثم يرميه من النافذة إلى الرصيف .. لكننا الآن في ثمانينيات القرن العشرين .. ربما سخرت من نفسي ومن الشرق كله .. إحباط ويأس .. لو كان يوهان في الشرق لسكنت حفيدته معه ولما تجرأت ابنته على التمرد .. بعض الأفكار سخيفة لايتحملها عقلي وإن عشت ألف سنة هنا. قلت:

- طولها رائع .. قوامها ممشوق وجهها ملائكي.

- عمرها تحلم أن تصبح عارضة ازياء.

- وماذا عن عملها الحالي" ثم استدركت" لتجرب المرة القادمة.

عرض الأزياء مهنة اجتماعية تخرج تيرينا من عزلتها أتعرف أن جدها دائم القلق عليها؟

- لكن لم لاتتصل بأمها؟

- لاترغب. ترفض قط أي لقاء معها وقد اتصلت بي أمها بصفتي مقام الجدة لكن نفوذي لم ينجح فالبنت ترفض إقامة أي لقاء مع الأم.

- وماذا عن أبيها؟

- والدها يسكن في تايلند مع زوجته والعلاقة بينهما طبيعية فربما يكلمها كل ثلاثة أشهر أو أربع.

- أنت الآن أقرب إنسان إليها بعد جدها هنا في الدنمارك أنت مثل جدتها بالضبط ألا تشكو لك همومها!

- معظم حديثنا عبر الهاتف ولاتراني إلا في المناسبات وحين تتحدث معي تتحدث بحدود وهكذا هي مع جدها.

- لكنها هي التي كلمتك عني؟

- هذا لايعني أننا صديقتان تتبادلان الأفكار والمشاعر كلانا من جيل مختلف!

لِـمَ يأتي مثل هذا التلميح من مريته هولم تلك المرأة المشاكسة التي رفضت الأهل في العشرينيات؟ ماعلاقتي بالأمر. منذ اليوم الأول للقائنا قلت عن تيرينا إنها فتاة رائعة الجمال طيبة القلب لكنني في الوقت نفسه أحسست أنه جمال موغل في البعد .. معك وليست معك. كأنها تنظر إلى أفق بعيد لانهاية له. ظننتها لمحتني من بعيد وثبتت نظراتها علي، فلوحت بيدي وانقلبت فجأة .. اختل توازني وكادت تحدث كارثة ربما كانت تنظر ولاتراني أو لم تلمح إشارتي كما ظننت:

- لاأظن أن هذا سبب يجعل السيد يوهان يقلق على حفيدته وتيرينا الآن معتمدة على نفسها.

- المشكلة أبعد من هذا الفتاة بلغت سن الثامنة عشرة وليس ثمة من صديق لها إنها ماتزال عذراء!

أعماقي تفيض سخرية عالية .. عبد الله السفيه لايتركني .. هو الآن مشغول بالحرب وإطلاق النار وسوف يأتي يوم يحاول أن يهرب مني فأبدأ ملاحقته، لعله تلميح آخر من خالة الأم المتمردة إلي كي أتحرك:

- وما الغرابة في ذلك؟

- هذا يعني أنها تعاني من شيء إما معقدة أو ربما .. أووه لاأحتمل ذلك .. ستكون صدمة لجدها حقا!

- وماذا ترين أنت؟

- أنا في سني تمردت .. رفضت ارستقراطية أهلي .. تعلقت بشاب ربما لم أكن أحبه لكن اخترته تحديا .. مجرد التحدي في زماننا كان هناك اعتبار للعذرية فمنحته نفسي قبل أن أهرب من أهلي " وأضافت وهي ترتشف جرعة ماء" كان مؤلما بعض الشيء ويبدو أن دما كثيفا نزل مني!

وبدافع فضولي:

- كم دام زواجكما؟

- أربع سنوات فقط

- ولم انفصلتما؟

- لم يكن رجلا جريئا ولاصاحب قرار كان متذبذب الرأي يهرب من المواجهة فتركته باي باي

لوحت بيدها ضاحكة فقلت:

- هل زوجك الأول مازال على قيد الحياة؟

- لقيته مصادفة قبل خمس سنوات في شارع النيرو بيرو .كان أكبر مني بثلاث سنوات، وقد بدا متعبا .. قال لي بصوت مؤثر: أيتها المجنونة أنا مازلت أحبك !

- المهم شعورك أنت وليس هو!

- بعد سنة اقترنت بأمريكي من أصول إفريقية ثم بعد طلاقي منه ألغيت فكرة الزواج تماما .

فتدخلت مستحضرا معلومات عامة قرأتها في المدرسة شأني كلما جلست مع دنماركيين محاولا أن اثبت لهم أني على علم ببعض الأمور:

- الوضع كان صعبا لامرأة تطلق مرتين .. الطلاق والإجهاض كانا إلى الستينيات غير مرغوب فيهما.

فردت على تعليقي كأنها تتنمر:

- أنا لايهمني المجتمع ولا أي شيء !

- غريب؟

ماالغرابة في ذلك؟

فاستطردت ممازحا:

- ماذا تقولين لو تقدم لك عاشق الآن؟

قالت بهزة من كتفيها:

- إن أعجبني لِـمَ لا.

فابتسمت ابتسامة واسعة لم تبلغ بي حد القهقهة:

لكن تيرينا هادئة تبدو باردة الأعصاب غير مبالية.

لهذا أقول لجدها الحق في أن يقلق على مستقبلها!

استأذنتها ونهضت مودعا وكنت أفكر طول الطريق إلى البيت بكلماتها وأسال نفسي: هل هي دعوة لي من تلك المتمردة أن أقترب أكثر من تيرينا؟

ربما ..

7

" الموت وحده لايبعث فينا القلق"

ليست فراسة ولا هي قراءة للمستقبل حين أرى شيئا ما غامضا واضح الملامح يحدث في الأيام القادمة غير وفاة يوهان القريبة المرتقبة .. لقد خامرني إحساس غريب بعد حديث السيدة مريته هولم عن تيرينا.إنها تثق بي وتتردد .. خيل إلي أنها تقترب مني وتبتعد عني .. في الوقت نفسه لم يخف السيد يوهان هواجسه حول حفيدته لاسيما أنه يدرك موته القريب.ذلك اليوم كنت معه في البيت . وجدته رائق المزاج وقد لمست من خلال خدمتي له أنه يرتاح للحديث عن تيرينا فكنت دائما أبدأ أحاديثي معه بذكرها:

- ماذا كانت نتيجة الاختبار أمس؟

- للأسف أخفقت!

- معقول إنها جميلة ورائعة لاعيب فيها!

- ينقصها سنتمتران في الطول فقط!

مقياس لاأفهمه ولاأعرفه سوى أني رأيتها فارعة الطول أكثر طولا مني. عبد الله يطل عليّ من جديد ويصمني بنعوت قاسية.تغير تماما .. الحرب مسخته إلى إنسان جدي حزين يضن علي بابتسامة ما. قلت له: أيها الوحش سنتمتران يمكن أن يثيرا عندنا في الشرق حربا بين دولتين فيدخلان في السياسة والكرامة والوطن والشرف من أجل بضعة سنتمترات خضنا حربا لاندري متى ستنتهي، سيف سعد .. قوس الزين قرى لاتتعدى مساحتها على الخريطة كعب حذاء تغطي به سيدة قصيرة عيب قامتها وإذا انتهت الحرب فمن يضمن ألاّ نفتعل حربا أخرى بسبب بضعة سنتمترات تقفز إلينا من عمق التاريخ .. ياعبد الله الدنماركيون جبناء لم يطالبوا بحقهم حالما انتهت الحرب العالمية الثانية والسويدون لاغيرة لهم لكني أنا الآن مشغول مع يوهان أفكر بإخفاق تيرينا:

- المهم لديها عمل الآن، وهي مازالت صبية يمكن أن تجد فرصة عمل أفضل في المستقبل!

فكرر ماقالته الجدة يوم أمس:

- حلمها أن تصبح عارضة أزياء وهي طفلة كانت تقف طويلا أمام المرآة في الصالون هذه التي مسحتها قبل دقائق تقف أمامها وتهتف جدتي هل أصلح عارضة أزياء، تصور سنتمتران فقط حرماها من أجمل حلم.

السنتمتران ياسيد يوهان يامن ترى نهايتك من النافذة كل يوم تعني دولا تتصارع وجنودا تموت على الحدود. أكل ذلك من أجل طولك ياترينا العذراء .. خشيت أن يتعكر مزاجه فعقبت:

ياسيدي المهم أن تراعي صحتك أنت فحفيدتك أمامها الكثير من الفرص!

- أنا لست قلقا من الموت بل على تيرينا.

- لديها أمها!

- أبدا كانت علاقتها منذ الطفولة بجدتها منذ نفرت والدتها من أبيها وتعلقت بدبلوماسي هو زوجها الآن.

قلت مندهشا أو محتجا على شيء بدهيّ:

- لم تركت زوجها الأول أقصد والد تيرينا؟

قال غير مبال بدهشتي:

- لأنها تعلقت بزوجها الحالي.

هل يطلّ عليّ عبد الله اللوريني بابتسامته الدرداء، ويقول ساخرا: She fell in love with لست أدري كيف ينطقها، وكان يوهان الميت يقولها باللغة الإنكليزية هذه المرة.لقد أصبحت أكره صمت عبد الله وغيابه المفاجيء .. هل قتل في الحرب، فأحتال عليه وأهرب إلى تيرينا فاسألها عن أبيها الذي انقطعت أخباره عنها، أم أهرع إلى جدها. كنت قبل مجييء إلى الشمال أظن الدنماركيين لايعانون .. لايحزنون .. ينسون سريعا .. لا يبالون بالموت وإذا بي أفاجأ بصورة أخرى غريبة عني أظل أجري وراءها سنوات وسنوات فلا أفهمها. الحفيدة تتربى في بيت الجد .. بلا أم أو أب .. الجد مريض بتليف الرئتين على وشك الموت والحفيدة شأنها شأن أية أوروبية تستقل وتهجر جدها حالما تبلغ سن الرشد .. إن لم تتجرد من عذريتها فليس ببعيد أنها مثلية .. معادلة صارعتها سنتين وربما أظل أصارعها إلى الأبد، وفي تلك اللحظات الصامتة ينكث عبد الله اللوريني ويختفي فيتركني وحدي للصمت وصوت الجد المتهدج:

- كانت تحكي كلّ مشاكلها وأسرارها لجدتها وقد عرفت منها قبل وفاتها بعام أن تيرينا لم يكن لها صديق وأنها مازالت عذراء بعيدة عن أن تمارس الجنس مع أحد.

خبر أشبه بالمحال أسمعه عن عذرية فتاة هنا في هذا الزمن .. محال أشبه بوجود سكران وقت الحج متعلق بالحجر الأسود أو أن تبتلع دجاجة نمرا كاسرا ويوهان الرقيق الحنون ينسى الإيدز ذلك الوحش المرعب الذي جعلني أنا المهاجر من بلاد الكبت والتقاليد المحافظه والحرمان ودفع الكثيرين من اللاجئين مثلي أن نهم فنتردد في إقامة أية علاقة لايهمه سوى أن تتخلص حفيدته من عذريتها:

- لاتقلق ربما لم تجد الصديق المناسب.

مازال عبد الله ممانعا لابد لي من أن أبتسم بدلا عنه وإن كانت أسناني سليمة . كان جدي وجدك وجد أي واحد منا يفتخر أنه أستطاع أن يفجر شلال دم من جدتك، لعلها علامات خرف الشيخوخة جعلت السيدة مريته هولم تحدثني عن حفيدتها، ومعلمة المدرسة لونا مارتن لاتجد حرجا في الحديث عن العذرية معظم البنات يمارسن الجنس في المرحلة المتوسطة وليس هناك من عذراء ولولا بعض الخجل يتقحمني لسألتها عن السن الذي فقدت فيه عذريتها، أما السيد يوهان فهو مدرك تماما لما يقول مريض واع يحاول أن يصارع الموت بحفيدته فهل يلمح لي أن أتحرك وأقترب منها أكثر:

- أنا أرى أنه أمر طبيعي

- ليس الامر طبيعيا.

- حدثنا معلم المجتمع العالم الماضي عن قرية في الدنمارك فتياتها عذراوات!

- ربما هي مجموعة دينية تعتبر الأمر حراما أما أن تتجاوز فتاة سنّ الثامنة عشرة دون أن تكون لها تجارب جنسية فهذا أمر يبعث على القلق ويثير الكثير من علامات الاستفهام.

أتظنها تنتمي إلى جماعة دينية تحرم الجنس من دون علاقة زواج مثل مجموعة يهوه .

- كنت سأعرف إذن فأمر مثل هذا شأن خاص بها.

كأني تذكرت شيئا ما:

- صبرك علي كان عمرها تيرينا عام 1979 حين توفيت الجدة خمسة عشر عاما ولعلها كانت تتردد أو تخاف ..

- لا أبدا الفتيات والفتيان في المدارس يبدؤون بممارسة الجنس في الصف السابع عندما يبلغون الثالثة عشرة من أعمارهم والفتيات يستشرن امهاتهن كيف يتحاشين الحمل فلن تجد في أية مدرسة في هذه السن أية تلميذة عذراء وذلك أمر تجنبت الحديث فيه تيرينا مع جدتها.

- دع الأمر للزمن .

وفاجأني كأنه تعمد أن يغير الموضوع:

- لا أخفيك سرا إذا قلت إني كنت أتردد باديء ذي بدء في قبول رجل في الشغل عندي لاجيء من أصل شرقي لكن تيرينا طلبت أن أمنحك فرصة فلم أرد أن أعارضها لأنها حساسة ولعلني قرأت إصرارا في عينيها على أن أمنحك فرصة قبل أن أواجه الطلب بالرفض وها أنا أكتشف أنها على حق.

قلت بانزعاج خفيّ:

- وما سبب إصرارها؟

- أظنّها تعتقد أن جميع الرجال ضحية أضف إلى ذلك كونك لاجئا فتعاطفت معك وأرجو ألا يزعجك هذا.

ماذا يعني هذا؟ أنها أشفقت عليّ.عدتني ضحية حرب وقعت بين إيران والعراق فضمدت جرح ركبتي وساقي وقبلت خدمتي لجدها، ولكونها رقيقة لم تسألني يوما عن الحرب والموت وأهلي.تبدو تتجاهل وهي في الحقيقة تهتم وتتأمل وكلما حاولت أن أقترب منها اقتربت وابتعدت، وهاهي مريته هولم جدتها المفترضة والسيد يوهان يلمحان من طرف خفي واضح لي عن تيرينا ومستقبلها فأغتنم لحظة مزاج رائق خطرت على جبين الجد بعد تناول جرعة من الحبوب لأغير مجرى الحديث:

- سألت تيرينا ذات يوم عن قصة الصورة القديمة فارتأت أن أسمعها مباشرة منك لأنك عايشت تلك الأحداث أنت والجدة ساعة حدوثها.

- ليس هذا فحسب الحقيقة إنها رقيقة لاتحبّ الحديث عن الحرب ومشاكلها .

- يبدو أنك رائق المزاج هذا اليوم مارأيك أن أسمع منك القصة بكلّ تفاصيلها.

- لديّ اقتراح مارأيك أن تنام عندي في الشقة هذه الليلة إذ قد لا أكون في مثل هذا الوضع الرائق في المستقبل.

ربما اثقل عليك؟

 أبدا تستطيع أن تستخدم الغرفة الأخرى.

 

د. قصي الشيخ عسكر

....................................

حلقة من رواية: وعاد الخريف مبكرا هذا العام

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم