صحيفة المثقف

حرب مفتوحة على كل الاحتمالات

بسام فاضلبعد زمن من اندلاع الحرب في اليمن التي تتصدر عناوينها الحركة الحوثية كقطب أساسي وما جمعته حولها من أنصار كان أبرزهم الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح وبعض من تيارات هامشية يقتصر تماسها على حراك سياسي لم يبدى حتى ينتهي وفي الجانب الآخر الشرعية التي حازت على اعتراف أممي ناقص بعد أن استشعر مركز الجزيرة العربية الضرورة لمجابهة طموح الحركة الحوثية في مشروعها الذي أتضح إن قوى مناهضة للملكة العربية السعودية متمثلة في الجمهورية الاسلامية الايرانية هي من تشكل داعما لتلك العنجهيه الحوثية التي أبت أن تخمد نارها على مدى عقدين من الزمن .

شرعية يقودها الرئيس اليمني عبدربه هادي وما استطاعت أن تألبه السعودية من تحالف كان للإمارات الدور الأبرز فيه وقوى أخرى ارتأت مشاركتها في الحرب منها ما هو ضرورة دون التفكير في النتائج المتوخاة من هذه الحرب أو أن يكون لها مؤشر ولو طفيف لإبراز استراتيجيتها وهدفها الذي قاتلت من أجله كالمقاومة والحراك الجنوبي ومنها ما دعته حمية العقيدة على تقديم نفسه من دون سابق معرفة أو دعوة صريحة .

اعتراف أممي بشرعية هادي وقرارين لمجلس الأمن غير أن ذلك الاعتراف يسير في توازي مع سلامة أن تضل جذور الطرف المئلب عليه دوليا واقليميا كقوة سياسية احيانا وعسكرية لابد من التسليم بوجودها على غرار حزب الله المتواجد في الجنوب اللبناني .

مراوحة أتضحت منذ بداية تفجر الحرب رغم الضربات المميتة التي تلقتها البنية العسكرية للحوثيين والتي تتلاشى مع استفحال الجانب الإنساني الذي يطغى في كل مرة نتيجة الأخطاء القاتلة التي يرتكبها التحالف العربي وإمكانية تعامل الحوثيين مع هذه الأوضاع  .

بالمقابل فإن تضعضع قيادات الجيش اليمني أبرز المجالات التي ذكرت أعلاه وخاصة منها القيادات ذات التوجه الشمالي الطاغي بقوة السيطرة على الجنوب والخوف من أرادته في التحرر ومن المؤكد أن رويتها - أي هذه القيادات -  ترى في عدم التعمق في أراقة الدماء مع دخول المعارك مرحلة الحسم في المواجهات في قلب المدن الرئيسية كصنعاء وتعز والحديدة وما يربطها من روابط قبلية واسرية ومذهبية لا تتورع  في المحافظة عليها ومحاولة الخروج من الأزمة بحل سياسي ليس في حساباتها وإنما قد يأتي من عباءة التحالف العربي  نفسه بعد أن تترك الحرب أثرها فيه نفسيا وماديا وعسكريا ,وهذا ناتج لخبرة وتمرس من اليمنيين طيلة سنوات المواجهات ابتداء من حرب السبتمبريين ضد الملكيين والسبتمبريين فيما بينهم البين كذلك عقد من الحرب الضروس التي شهدها النظام بقيادة صالح في صعدة .

من خلال ستة حروب فائتة يتقن المتابع أن الحوثيين أيضا متمرسين في حروبهم ليس على أساس تحقيق النصر في الميدان وإنما في الوصول من الحرب إلى غايتهم التي مكنتهم من السيطرة على صنعاء وتشمير سواعدهم في توجيه ضربة استباقية للجنوب وقد ساعدهم ليس النظام وما كان لهم فيه من أعوان فحسب وإنما توصلهم إلى قناعة تامة أن هناك إرادة دولية وإقليمه تهدف إلى أهمية ازدهار دعوتهم وتثبيت تواجدهم وربما الخلاف عن النسبة التي يقتضي تواجدهم فيها على الأرض اليمنية .

كانت تصريحات المبعوث الأممي واضحة لا يشوبها غبار في تذليل كل الصعوبات التي وضعها الحوثيين بدء بالتهيئة للحوارات والمفاوضات والمعوقات الإنسانية وقضية أهمية تحييد الحديدة من الصراع  ومع الأزمة السعودية الامريكية الأخيرة التي ترتبت على مقتل الصحفي جمال خاشقجي حيث لمّحت الدبلوماسية السعودية إلى ما قد يترتب عليه من تبديل سياستها تجاه العدوة الدودة إيران كما أن الخارجية اليمنية الشرعية تؤكد أن لا ضير في التعامل والابقاء على الحركة الحوثية كحركة سياسية في تناغم مع المشهد السياسي اليمني والعسكري وتوجه التحالف والرئيس اليمني الذي يتكرر في كل الادبيات من التوصل الى اهمية اجتثاث النزق الحوثي .

هذه الإرادة الإقليمية والدولية التي تقتضي أهمية تحويل الفكر السلالي البدائي الحوثي من همجي نزغ الى صراع وجود من خلال المترتبات التي تعاملت معها أطراف عديدة في الحرب اليمنية وقضية الجنوب والتي اظهرت ربما عدة مشاريع يستمد كل منها بقائه من الأخر .

بين كل هذه المشاريع يتلاشى المشروع اليمني الوحدوي والجنوبي اليمني فيما ينسل الملف اليمني كلا عربيا ليتجه نحو التدويل بعد العزم التي تبديه قوى عالمية كبرى في رويتها إلى عجز التحالف العربي عن التعامل مع الأزمة اليمنية عسكريا وفي مجالات أخرى ليس آخرها المجال الإنساني الذي يتفاقم يوما بعد يوم .

 

بسام فاضل

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم