صحيفة المثقف

قارئ المقاييس

رسمية محيبسكنت أرغب أن اكتب عنك يا  أبي لكن لا ادري ما الذي أخرني مع اني بحبك غير عاطلة، الشخص الوحيد في حياتي الذي مرت علاقتي معه دون خسائر هو انت، أما باقي علاقاتي فهي عرصة للخراب وتقلبات الامزجة .

محيبس زاير كيدماني  البدعة قارئ مقاييس  المياه في نهر الغراف . كان يرافق مهدس ري البدعة ويقرأ درجة منسوب الماء وكانت مواسم الفيضان تتكرر والسمك تراه الاعين من على الجسر وكبرت ليس كثيرا لأجد ان ذلك الشخص الأول والأخير في حياتي مريضا .

كنت في الثالث متوسط وكان يصارع الموت وقد سألت امي يومها يمة اروح للمدرسة اليوم ؟ اي يمة روحي ابوج بخير

وذهبت دون ان اعانقك وبقيت أصابعي باردة الى الآن وبجوانحي نار  لم تنطفئ ، لأنك لم تأخذني بأحضانك دون أن أرى عينيك اللتين تحتويان حنان العالم وأمطاره ومواسم فيضانه .

يا لخسارتي فقد عدت لاجد البيت فارغا من انفاسك ورائحتك وعينيك، وجدت الشفقة في عيون الآخرين ولم اجدك وكانت من افدح الخسائر في حياتي حتى هذا اليوم

كان ينتظرني بباب اعدادية الشطرة للبنات ونعود معا راكضين واحيانا يحملني حين تمطر السماء واحس أني ثقيلة عليه

(بوية اليوم ما مرتاحة )

واحتضنتنيى عينان بوسع الكون :ليش يا ستار !

هذه المدرسة ليست  كمدرستي الابتدائية المدرسات لسن كمعلم جليل الصفار واستاذ طالب عبد حميدي  وعلي هداد قاسيات والبنات حتى البنات يختلفن عن زملائي التلاميذ ابناء القرية بملابسهم المخططة وخطواتهم الرشيقة وعيونهم الحزينة 

 باجر تخلصين وتصيرين معلمة كبيرة بس لا تضربين الاولاد بنتي

صار بوية 

قد أكون لم التزم بالوصية   وربما قسوت عليهم لكني كنت حنونة عليهم وقريبة منهم جدا اقرب من غيري

لا تزعل يا ارق قلب بالدنيا هذه  الدنيا التي فقدت طعمها بعدك ولم تعد مثل أيامك ونهرك المرتفع منسوب مياهه دائما .

الورد الجوري  ذبل في بساتين البدعة والجسر ما زال ممهورا بذكرى رجل له عينان من حنان العالم

دائما أرى رجلا يشبهك بدشداشك البيضاء ويشماغك يقف على الجسر وينحني ناظرا الى الماء وانظر اليه لأكتشف انه ليس قارئ المقاييس المعروف الذي اراه يوميا في القصص العاطفية ودواوين الشعر وامام مدارس البنات اب ينتظر ابنته ما أتعسني لم أجازي التعب  .

إعذرني يا أبي  تأخرت قليلا لكنك  بالقلب دائما تستحق أن يكتب عنك الكثير

أعدك بذلك فأنت مثلي الأعلى وملهمي ومعلمي

 

رسمية محيبس

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم