صحيفة المثقف

أوراق من سيلا (الورقة الثالثة)

فاطمة الزهراء بولعراسكتبت في الورقتين الأولى والثانية بكل صدق عن شعوري وأحلامي وخيبتي دون أن أربطها بما كتب عن سيلا سلبا أو إيجابا فلكل رأيه وانطباعه من القاريء إلى الكاتب إلى دور النشر إلى الزوار

.كما أنني لم أتأثر بما نشر عن المعرض عبر مواقع التواصل الاجتماعي وهو كثير وكثير جدا لأنني حين أكتب عن شيء أتصور أنني الوحيدة التي عرفته فما أكتبه يخصني وحدي ونابع من أعماقي وتفاعلي مع الوقائع والأشخاص وليس استطلاعا أو تقليدا فذاك لم يعد يهمني إطلاقا فأنا لاأتكسب مما أكتب ولا أتزلف لأية جهة وليس لي من هدف سوى الاستمتاع بما أكتب وإشراك القارئ الذي يهمه ذلك وعندما أفعل ذلك فأنا مدينة للحرف بحرفي ومدينة للأدب بأدبي ومدينة  بكياني لوطني  وعلى بقول الحقيقة مهما كانت صادمة لأنني لست أول من صدم ولن أكون الأخيرة  أنا أقول الحقيقة من أجل ذلك الذي علمني معنى الوطن كما علمني معنى الأدب، ذلك الأدب الذي ذهبت أبحث عنه في المعرض فلم أعثر له على أثر

 فالناس في هرجهم ومرجهم يقرأون كأنهم لايقرأون يكتبون كأنهم يتسابقون، يتكلمون كلاما لايشبههم يتخاصمون ويشتمون بعضهم وينتقصون من قيمة بعضهم البعض، لايثنيهم أدب .ولا تردعهم ثقافة الكبير في الثقافة (حسب رأيه) يحتقر (الصغير) ويعتبره غيورا والصغير يكره الكبير ويعتبره وصوليا. وهذا خلق عداء غريبا يتبادله الجميع في الكواليس (وراء الظهور) حتى إذا ما التقوا نسوا ماكانوا يفكرون فيه، فابتسموا وأخذوا الصور والسيلفيات معا وعادوا إلى أماكنهم (سالمين) لم يتغيروا ولم يتعظوا ولم يغيروا.

حين تقول وسائل الاعلام بأن المعرض يلقى إقبالا شديدا وأن الزوار بالملايين فمعنى ذلك أننا من الرقي ألا تكون بلادنا بهذه الصورة (الشاحبة) التي أصبحت تخجلنا  إذا كنّا بمثل ما يقول البعض فلماذا بقينا نراوح مكاننا بل زدنا خطوات إلى الوراء؟ لماذا بلدنا يمتلئ بالقمامة ورؤوسنا مفرغة إلا من اللهث وراء المال بغض النظر عن مشروعية كسبه؟

قد يسألني البعض لماذا أربط بين معرض ثقافي ووقائع أخرى  تبدو وكأنها لاتمت بصلة وسأجيب

لوكنا في مستوى هذا المعرض ويزوره الملايين كما يقال لكان سلوكنا أرقى ومانزلنا شتما وسبا في بَعضنا البعض والأهم لما كنّا بمثل هذا النفاق. والمثقف الذي من المفروض أنه قدوة أصبح عندنا طاووسا منفوشا ريشه يتعالى على أبناء وطنه ويصفهم بكل الصفات والنعوت المسيئة دون أن يحمر وجهه خجلا من ذلك  ودون أن يسأل نفسه ماذا فعل هو لكي تصبح بلاده هكذا؟ وماذا فعل لكي تصبح أحسن؟؟

الثقافة سلوك ومن يكون سلوكه سلبيا لا ثقافة له حتى لو حصل على أعلى الجوائز  فقد أصبح الجميع يعرف كيف تنظم المسابقات والجوائز بطريقة (مد باليمين واقبض باليسار) وكيف تكون مجرد ثمن زهيد لخيانة عظمى هي فقدان الكرامة حتى لو سموها بمسميات أخرى

الجميع يعرف أن الثقافة ليست بخير ولكنهم يقولون ذلك سرا ،فهم يعرفون أنهم في سيرك ولن يفوز فيه إلا من كان يتقن التهريج . وكم من كاتب ومثقف سمعته يتأسف على ما وصلت إليه الثقافة حتى إذا تكلم في وسائل الاعلام قال عكس ذلك

ولكن الناس يعرفون الحقيقة واختصروها في عباراتهم الساخرة ومنها:

أغلب من يذهب للمعرض من الشباب فلكي يبحث عن (المكتوب) وليس عن (الكتاب)

فهنيئا لهم جميعا سواء بالكتاب أو (المكتوب). وللثقافة أوفياء لا يراهم أحد وربما لايزورون المعرض لأنهم معتكفون على عمل آخر ينفع البلاد والعباد

 

فاطمة الزهراء بولعراس

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم