صحيفة المثقف

بين النظرية والتطبيق

ان ما ينشأ عليه الفرد ويترسخ في نفسه من معتقدات وتقاليد وطريقة حياة كاملة بأختلاف طرق وكيفية برمجته عليها ، يحدد سلوكياته سواء حاول التجمل او ارتداء الاقنعة ..فالحقائق تظهر ولو بعد حين بكلمة بتصرف او حتى بنظره . وقد تتحول من طريقة حياة شخص واحد الى مجتمع او الى أمة بأكملها. وهذا ماحدث فعلا معنا نحن المسلمين عندما حاولنا تفسير الدين على مايناسبنا ونحور المعاني بما يتناسب مع تقاليدنا التي وضعناها نحن ..اليوم وانا اتصفح مواقع التواصل الاجتماعي صادفني فيديو لشخص غربي يسير في مركز تسوق ومعه حيوانه المدلل لكن هذا الحيوان يخاف النزول من السلم الكهربائي المتحرك نزل له الرجل وحاول بكل عطف ان ينزله لكنه رفض فأضطر الرجل لحمله على كتفه مع انه كبير الحجم حمله وكأنه يحمل طفله الصغير ضمه الى صدره ليشعره بالامان ..اثر بي جدا هذا المشهد وسبحان الله في نفس الوقت وبعد دقائق فقط ظهر لي فيديو لبرنامج متخصص للبحث عن مآسي الاطفال المشردين في العراق يعني (عربي مسلم)، وهذه الحلقة المفجعة عن طفل فيه خلل ولادي في دماغه لا يتكلم ولا يفهم ولا يتفاعل مع اي شيء سوى طعامه ..الكارثة ان اهله يربطونه مع الماشية في الحضيرة يأكل فضلات الماشية ويشاركها الطعام احيانا وينام في نفس المكان ويعطفون عليه في النهار يخرجونه للشمس قليلا ....فلا مقارنة بين اهل الطفل ونشأتهم وبين صاحب الحيوان ونشأته ...انه لم يحرف كلام الله انه عرف ان الدين انسانية قبل كل شي وان الرب سواء في الاسلام او في المسيحية الدعوة فيه واحدة هي الانسانية.. ...وانا على يقين ان اهل الطفل وذويه مؤمنين جدا وتربوا بالطريقة المقدسة لدى اغلبنا وهي القسوة، الضرب الاهانة والاذلال والمقارنة مع الاخرين مماجعل قلوبهم تحمل كل هذه القسوة واصبحت كالجليد ..مع ان لا صاحب الحيوان يمثل كل مجتمعه ولا اهل الطفل يمثلون كل المجتمع لكنها وان انكرنا ذلك هي نظرة عامة في مجتمعنا الا ماندر ...نمتلك قلوب رحيمة لكن لا نطبق كل متطلبات الرحمة، فالنظرة الثابتة للتربية الصحيحة في مجتمعنا هي الضرب للصغار واذا سألت عن السبب قال لك لقد اظهرت طرق التربية عند اهلنا رجال اشداء ونساء قويات ..وانا اقول مجرد اقنعة تخبئ خلفها الف عقدة نفسية والف سر مكتوم تظهر معالمه بضرب طفلك وزوجتك واختك ..تظهر معالمه بالعصبية التي تتحكم بتصرفاتنا وعلاقاتنا مع الاخرين ..بالاستسلام والهروب من اي مواجهة ..بالخنوع والسكوت في مواطن تتطلب الشجاعة ..في الخوف من التطور والتغيير، فمن تقيدت افكاره منذ الصغر بالضغط والمنع تبقى القيود ترافقه ويترسخ في ذهنه انها سعادته والتخلي عنها شقاء .

 

هناء عبد الكريم

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم