صحيفة المثقف

رحلة نائم الى المقبرة

عقيل العبودظلمة يحيط بها اتساع مبهم، القبور يصعب إحصاؤها،

هنالك عند جهة ما من المقبرة، حضر أشخاص ثلاثة، أعمارهم تتجاوز الأربعين، ملامح وجوههم لم أكن أتذكر أوصافها، لكنهم جميعا كما يبدو، قد اتفقوا على شراء قطعة ارض ضمن حدود تلك المساحة التي اطبق الصمت على اطرافها.

عند الممر المؤدي الى ذلك المكان، حصلت الموافقة كما يبدو بالرضا والاستئناس من قبلهم.

 البوابة ذات اللون الرمادي القريب الى البني كانت تطل على قاع انحداره يكاد ان يكون أشبه بواد تحيط به مرتفعات جبلية شاهقة.

 أسوار تلك البقعة كأنما كانت تلوذ عند طيات زوايا ركنية يصعب الوصول اليها.

 المدفن عبارة عن مراقد بشرية لأنفار لهم شأن، الزمان كأنما يتجاوز تماما حدود الفيزياء، حيث لا توجد حسابات بشروق الشمس وغروبها، ومثل ذلك تنتهي جداول المناخ الخاصة بقضية الفصول الأربعة   إذ لا حركة تذكر بحسب المشهد.

 اخرج احد الحاضرين شيئا يشبه أوراق نبتة، لم يتسن لي من قبل رؤيتها، لكنها على عجالة بحسب ما سمعت انها من نوع الكافور.

 الأجواء كانت تميل الى الصفاء والعتمة التامة، لم أكن اسمع صوتا يقطع لغة السكينة، أما المشاعر فمثل انفاس تم دفنها هي الاخرى.

 الهدوء انقطاع بشري مطلق عن عالم يسوده الضجيج، بكل مفرداته التي تجتاح عالمنا الحضاري.

هنالك فجأة لمحت انا، وأشخاص لم أرهم، لكنهم بناء على اصواتهم كأنما اشباح تم تطويعهم على شاكلة عالم ملكوتي يؤدي الى فضاء مجهول. 

عند منتصف الطريق الترابي، ثمة عربة حمار خشبية عريضة كانت تحمل معها أنباء جنازة بلا تابوت، وتلك عبارة عن قطعة قماش بيضاء مقدمتها تنكشف عن وجه بلا غطاء، صاحب الوجه كأنما كان يبحث عن فرصة لإطلاق صيحاته المكبوتة،  فجاة راح يتقلب يمينيا ثم يسارا، وبعدها تحرر مثل شرنقة من الغطاء مهرولا بإتجاه اخر.

المشهد جذب انتباه اولئك الذين فجأة صيحاتهم راحت تنتشر.

الصوت اتحدت أجزاؤه، راحت تقطع السكون المختلط بعتمة الليل، الذي افترق تماما عن النهار، اما الكفن فقد بقي عند مفترق الطريق وحيدا بلا رفيق. 

 

عقيل العبود

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم