صحيفة المثقف

عطر مدينتي السومرية

عقيل العبودالإهداء: الى الصديق عبد الرزاق الغرباوي

"الأزمات وأعظم المصائب، احفظها في صدرك، وقلبك لا تبوح بها، فهي سر تجعلك منك نخلة شامخة!"

عبارة لم تزل في الذاكرة، تلك التي قال إياها صديق سبعيني بقي مواسيا على ذمة عصر ثمانيني، وتسعيني، لتغادره ذاكرة المكان، رغم ان الأزمنة بقيت محافظة على متوالياتها الهندسية، على شاكلة منشور ضوئي، زواياه تنبعث بطريقة مُتَّسِقة، لعلها الروح تصبو لحكاياتهم، اولئك الذين بصماتهم بذور محبتها بقيت شاهقة لم تُغَيَبها الزَّنازين.

بعكس هؤلاء، اولئك، رموزهم انبتت اثار بقاياها، يوم جدران مدينتنا السومرية، استيقظت من نومتها، لتستقبلها اجنحة الخلود، مُحَلِقةً في فضاءاتها، تحمل صلوات المحبين، صوب منارات ومآذن تلك القباب.

بينما إبّان حقبة اخرى من التاريخ، ضمائر القائمين عليها، تمت الموافقة على تحويلها بالعملة الصعبة كما يقال، أسوة بصفقات بيع الأسلحة، ليبقى ذلك الشتات.

انذاك  كنت اشكو ما اتعرض اليه، ذلك ابان أزِّمةٍ انهكت أيامها توابيت الموت، وسرقَتْ صَباحات زقزقاتها الأفاعي؛

الحرب العراقية الإيرانية، مفردة من هذه المفردات، الاستفزازات الأمنية، ورفع التقارير الحزبية، الأصدقاء الذين كانت تجمعهم المقاهي، اولئك الذين هاجروا بحثا عن اوطان آمنة، الأحلام التي تهاوت خائبة بعد ان تعرضت حرمتها الى الانتهاك،

الشباب سجلات تم اقتيادها، اذ لم يبق منها الا اسماء، تم الاحتفاظ بعناوينها عند دهاليز تلك الأقبية.

لذلك مقارنةً بين هذا الزمان، وذاك، بقي الطيبون عطرهم تتزكى به الأنفس، لعلها الناصرية يَمدها نهرَ الفرات بعطر كبريائه أملاً بعودة الوطن الى الحياة.

 

عقيل العبود

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم