صحيفة المثقف

الفنان الايطالي مانثوني والفن التهكمي

502 mAZONI 1 من هوان الحركة الفنية وتاريخها العريق ان يباع الغائط ويعرض باسم الفن واكثر من ذلك تهكما عندما تقتنيه الكالريات والمتاحف كمنجزات فنية.. لا شك ان هناك جوانب مضيئة في تاريخ الفن واخرى مظلمة منذ العصور القديمة والى يومنا هذا، ولكن لم يحدث في تاريخ الفن ان يتجرأ فنانا ويبيع غائطه على اعتبار انه فنا، وهذا ما حدث مع الفنان الايطالي مانثوني .

بيرو مانثوني:

ولد بيرو مانثوني Piero Manzoni في ايطاليا عام 1933 وتوفى مبكرا عام 1963 وكان من عائلة غنية، ويعده بعض النقاد ضمن المدرسة المفاهيمية ولكنه تأثر ايضا بالفن الحركي Actión والفن الجسماني body Art. . ويعلق الناقد kurt schwitters على اعماله ( ان كل الذي يبصقه الفنان يعتبر فنا ) .. ولهذا كان مانثوني يعتقد ويفكر ان جسم الفنان هو عبارة عن قطعة فنية حية فكل مافيه من مواد عضوية وحركة وما يخرج منه يعتبر فنا؟

في بداية عام 1958 كان يعمل لوحات صغيرة يطلق عليها achrome، acromático لا لون لها وهي عبارة عن قطع قماش مضغوطة على مادة صلبة كأن تكون قطعة من خشب، ويترك القماش بتجاعيده واخاديده ظاهرة لتكون اشكال عفية بيضاء، ويستخدم فيها مواد لاصقة ومادة الجص وغيرها .. هذه التقنيات الحديثة نجدها عند الفنان الاسباني مانويل ميارس 1926 من كانارياس، كما تأثر بالفنان الفرنسي دوجامب 1887 من ناحية التهكم والسخرية من الفن والفنانين وكذلك استخدام المواد الجاهزة في الفن . ومعروف ان دوجامب قدم عام 1917 قطعة تمثل مبولة جاهزة ووقع عليها غير ان لجنة التحكيم للمعرض الوطني الفرنسي رفضت ذلك العمل واعتبرته تهكم ومسخرة .. المبلوة رميت بعد ذلك في الزبالة مع النفايات لكن مانراه اليوم من المبولات الموزعة على المتاحف هي ليس الاصلية، وربما تم التوقيع عليها باسماء اخرى .

503 MDRN+art+PIERO MANZONI

كما استخدم مانثوني في اعماله مواد والوان فسفورية حيث تتغير الالوان باستمرار حسب موقع المشاهد، متأثرا بالفنان الفرنسي Yves Klein 1928 والذي يعتبر من جماعة الدادائية، وكان كلين يستخدم في اعماله لونا واحدا ذو طابع فسفوري مثل اللون الازرق النيلي . وفي عام 1958 اخذ مانثوني يعمل منحوتات مطاطية مثال النفاخات واعتبرها بمثابة منحوتات وان هواء الفنان هو نتاج فني؟ وفي عام 1960 اخذ يضع بصمة ابهامه على البيض المسلوق ويعرضه ثم يهديه الى الجمهور ليأكله، وهي تشبه مشهد صلات القداس حيث تقدم فيه قطعة الخبز (اقراص صغيرة) في الكنائس للمؤمنين بعد انتهاء الصلاة ليأكلوها على اعتبار انها من غذاء المسيح –ع- وانها مباركة .

وكان مانثوني يوقع على جسم الانسان ويعتبره فنا حيث يعتز بها المتلقي، كما كان يضع دمه في قارورة ويبيعها على اعتبار انه جزءا من الفنان ومشاعره واحاسيسه وبالتالي فهو انجاز فني .. كما اخذ بكرة الورق الضخمة التي تستخدم في الطباعة وحركها ثم مر عليها فرشاته ليرسم عليها خطا مستقيما واعتبره فنا . وهكذا نجد في فن مانثوني كل الغرائب والتحديات وكان آخرها هو عرض وبيع غائطه ..

اعمال الغائط:

في عام 1961 عمل مانثوني 90 علبة من الغائط بقياس 5 سم ارتفاعا و6،5 سم عرضا وكتب عليها - غائط الفنان- بجميع اللغات وعرضها على الجمهور وكان قد باعها حسب وزنها بالذهب .. وفي عام 2007 عرضت احد العلب في المزاد العلني وبيعت بمبلغ 124،000 يورو؟ كما عرضت بعض العلب في عدد من الكالريات والمتاحف المشهور مثل المتحف الحديث في برشلونة والمركز الثقافي والفني بومبيدو في فرنسا ومتحف الفن الحديث في نيويورك MOMA وغيرها من المراكز الفنية.. وقد اصدر مانثوني كتابا صامتا ليس فيه شيئا غير الورق الابيض الفارغ كما اسس كالري ومجلة فنية.. مات عام 1963 بسكتة قلبية مبكرا عن عمر 30 سنة وهو لازال في قمة افكاره واختراعاته ومشاريعه التي لم يسبقه احد فيها .

 

د. كاظم شمهود

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم