صحيفة المثقف

بنزين وعود كبريت.. الإنفجار القادم

علجية عيشأثار اهتمامي الخبر الذي قرأته عن مطالبة الأفارقة الحاملي الجنسية النيجرية المقيمين في الجزائر بحقهم في السّكن، يقول الخبر نشرته إحدى المواقع الجزائرية الإلكترونية أن عددا من النساء النيجريات المتسولات في شوارع العاصمة طالبت من الجهات المسؤولة بتمكينهم من الحصول على السكن، وأنهم رافضين العودة إلى بلادهم لأن الجزائر تتوفر على وسائل العيش أكثر وأفضل من بلادهم  ولا ينقصهم سوى السكن، الأمر هنا يبدو عادي جدا، لكن الخطر يكمن في تصريح واحدة من المتسولات أنهم يحصلون على أموال تقدر بحوالي 5000 دينار جزائري في اليوم الواحد، وهو مبلغ يتقاضاه عامل جزائري في الشهر، ثم أضافت أن هذه الأموال تنقل لصالح جهات تتاجر بالأسلحة،  ولعل أن هناك من يوافقني في الرأي بأن بقاء الأفارقة في الجزائر أصبح يشكل خطرا على أهلها أي ساكنيها قبل مواطنيها، ونقصد هنا المهاجرين السريين، الذي دخلوا الجزائر بطرق غير مشروعة، بحيث يجعلهم يواجهون مشاكل وصراعات في المستقبل، إذا ما استجابت الحكومة الجزائرية إلى مطلبهم، ومنحت لهم سكنات، بحيث تصبح لهم حقوقا مثل حقوق الجزائريين، إذا قلنا أن بعض الجزائريين لم يتحصلوا على حقوقهم بعد خاصة في مجال السكن، بحيث نجد بعضهم أصبحوا مواطنين من الدرجة الثانية، في ظل الظروف الإجتماعية القاسية التي تعيشها البلاد.

و الذي لا يعرف ثقافة الشعوب، لا يفرق بين النيجيري والمالي والتشادي، لأنهم يتميزون بلون بشرتهم، ماعدا القليل منهم  وهم "القبليون"، من يرسمون في وجوهمم خطوطا ملونة لكي يتميزون عن الآخرين من بني جلدتهم، وكما أسلفنا، فإذا تحقق حلم الأفارقة وتحصلوا على سكن اجتماعي، هذا يعني أنهم سيطالبون في المستقبل بامتيازات أخرى، ليس حقهم في التجنس، أو طلب الوظيفة، أو التعليم فحسب، بل أريد القول أنهم سيطالبون بالحقوق السياسية، وقد ينخرطون في أحزاب سياسية،  ومن ثمّ يصبح لهم الحق في الترشح للإنتخابات، والحصول على مقعد في المجالس المنتخبة، ثم يطمحون في البرلمان، وقد يطالبون بقوانين تحميهم من كل تعسف، ولا غرابة أن نجد أفريقيا ارتقى إلى منصب مير أو رئيس دائرة، أو والي أو حتى وزير، يتحكم في شؤون البلاد، يدير قطاعاتها ويسير مشاريعها، بل إصدار الأوامر وتوقيع المراسيم والمشاركة في إعداد الدستور وغيرها من الحقوق التي تجعله سيدا في بلد دفع فواتير ضخمة من أجل تحقيق سيادته وتقرير مصيره، بحكم أن الجزائر تنتمي إلى شمال أفريقيا، وبالتالي يعتبرون أنفسهم جزءا لا يتجزأ من الجزائر، ولهم حقوقا كباقي الجزائريين، في السكن والتعليم والعلاج وفي التسيير وإدارة الشان العامن مثلما مشاهده في دول متقدمة مثل الولايات المتحدة، وقد يبرر الأفارقة مطلبهم باسم حقوق الإنسان وباسم المواطنة، وباسم التعايش السلمي.

ليست هذه دعوة للعنصرية، ولم تكن الجزائر يوما عنصرية أو تؤمن بالتمييز العنصري، وكانت بلدا مضيافا وسكانها أهل كرم ، ولم تتأخر يوما في تقديم المساعدات الإنسانية للذين هم في حاجة إلى مساعدة ،  والتضامن معهم حتى ولو كان ذلك على حساب شعبها، لاسيما الشعوب التي تعيش الحروب وتعاني من الفقر والمجاعة، الغرابة أن الجالية السورية وهي أول جماعة تلجأ إلى الجزائر هروبا من الحروب والثورات، والدمار الذي لحق بها، لم تفكر في هذه المطالب، وهي تعيش حياة "التشرد" على مدار العام، تنتظر ما تجود به ايادي الجزائريين عليهم من حسنات وتوفير لها لقمة العيش، مثلها مثل الأفارقة، الذين رحبت بهم الجزائر من باب إنساني، رغم ما يحملونه من أمراض خطيرة، قد تنتقل العدوى إلى الجزائريين، وفوق هذا فتحت لهم مراكز ومخيمات لإيوائهم، لكنهم - أي الأفارقة - فضّلوا البقاء على الوضع الذي هم عليه الآن، ولم يحترموا نظام البلد المضياف، بحيث عبثوا في المحيط البيئي برمي الأوساخ على حافة الطرقات، ونشر غسيلهم على أغصان الأشجار، وأشياء أخرى لا يجب أن تقال، لا لشيئ، إلا لكي لا نخدش كرامتهم، فهم قبل كل شيئ يقاسموننا الإنسانية والعقيدة، لكن وبدون تعميم طبعا فهم يتسمون بالوحشية والعدائية، حتى نظرات البعض منهم كلها حقد وانتقام على وضع، الجزائر ليست مسؤولة عنه ولا تتحمل وزره، ماعدا القليل فهم مسالمون.

 تقول الأرقام أن عدد النازحين من الأفارقة يصل إلى حوالي 100 ألف نازحا من 26 دولة إفريقية، جلهم من نيجيريا ومالي، وحتى لو قلنا أن مطلبهم حق شرعي في إطار حقوق الإنسان، لكن السؤال يظل مطروحا، هل الجزائر حققت الإكتفاء الذاتي لشعبها، حتى تتكفل بهؤلاء؟، يقودنا هذا الوضع إلى الحديث عن ظاهرة "التشرد"، التي طالت الجزائريين أنفسهم، نعم هناك جزائريون مشردون، لا مأوى لهم ولا عائلة، ويحصلون على قوت يومهم عن طريق "التسوّل"، لا عيب إن قلنا ان الوضع الإجتماعي في الجزائر مأساوي، بحيث نجد عائلات تقتات من القمامة، رغم أن ملايين الجزائريين لهم أموال وثروات طائلة، لكنهم لا ينظرون إلى هذه الفئة من الفقراء بعين الرحمة والإنسانية، وقد يستغلونهم في الأعمال الشاقة، وكثيرا ما نقرأ عن عمالة الأطفال في الجزائر، واستغلالهم في المتاجرة بالمخدرات، والسؤال يلح على الطرح، هل مطالب الأفارقة لها علاقة بالديمقراطية التشاركية؟ أو بالمواطنة؟ وأن كل من يقيم على تراب دولة ما، حتى لو كان "لاجئا" له من الحقوق ما لسكانها الأصليين، حتى لو كان غير حامل لجنسية هذه الدولة، إذا قلنا أن الأفارقة المقيمين حاليا في التراب الجزائري ليسوا لاجئين، لأنهم لا يحملون وثائق رسمية تمنحهم حق اللجوء، ولذا فالأمر يبدو خطير جدا، لأنه لو طبقت الحكومة الجزائرية مطلب هؤلاء الأفارقة وتحصلوا على حقوق لا يستحقونها، كونها مطالب خارج المساعدات التي قدمتها الدولة لهم، ستكون هناك مطالب أخرى لغير الأفارقة ، وستعم الفوضى وهذا يهدد سيادة دولتنا.

 نعم هناك ما يتم طبخه في الخفاء لضرب استقرار الجزائر وضرب اقتصادها، وانتشار الأمراض فيها، هناك أطرافا تحاول إجبار طرف غير مستقل أو غير مستقر لطرف آخر مستقل، للقبول بأمر أو آخر، باسم الدين والإقتداء بالرسول (الهجرة)، لكن الصحابة في تلك الفترة لم يكونوا محملين لفيروس السّيدا والأمراض الخبيثة، فلا يجب أن نقارك مرحلة بمرحلة أخرى، أو تطبيقها بل فرضها في العصر الحالي، هناك من يحاول زرع الفوضى في الجزائر، حتى تكون مثل دول أخرى التي تغرق في الفوضى والمشاكل كالهند، ثم لا يمكن لي واجدذ أن يتجاهل سلوكات هؤلاء الأفارقة وما يقومون به من أعمال منافية لعادات  وتقاليد المجتمع الجزائري، وصلت إلى حد الإعتداءات على الشباب والفتيات وسرقة هواتفهم النقالة، والأخطر من هذا كله أن الأفارقة ومن خلال تصريحات البعض منهم أنهم يعملون لصالح جماعات تتاجر بالأسلحة، بحيث تحولوا من نازحين إلى تجار الممنوعات، ومن لا يشك في أن الأفارقة قد يتحولون إلى جواسيس لصالح منظمات وحكومات معادية للجزائر لتحقيق أغراض استعمارية وأجندات أجتبية، الإحتمال وارد طبعا، لاسيما والجزائر مهددة من كل الجوانب لضرب استقرارها أو غزوها من جديد؟، فلا القوانين والمنظمات والمواثيق الدولية المعاصرة التي تحاول أن تبني علاقات الدول على اساس احترام العدل ومراعاة حقوق الإنسان تنفع ، لأن الأمر سيتحول إلى صراع مسلح داخل رحم الأمة وبين فئاتها، ولن تكون لها القدرة على السيطرة إذا ظل الوضع على حاله وتفاقم سياسيا واقتصاديا.

إن الحديث عن موضوع الهجرة واللجوء موضوع شائك ومعقد، ويحتاج إلى دراسات تحليلية من قبل الخبراء في السياسة وعلم الإجتماع والإقتصاد، بل المختصين في الحروب وتسليط الضوء عن هذه الظاهرة وتاريخ ظهورها، فالهجرة لا تعني الهروب من الإضطهاد والمجاعة وترك الوطن إلى بلد آخر فقط، بل لها أسباب أخرى منها المفارقة والمقارعة لمناولة المعتدين والبغاة من الخارج لوضع حد للفتنة وانتهاك الحقوق والحريات، وقد تكون الهجرة من أجل استعباد قوم أو شعب لإغتصاب الأرض واحتلال الدار وتشريد الشعب مثل الهجرة اليهودية الصهيونية العدوانية الباغية لأرض فلسطين، والمهاجرون من هذا النوع لا يعتبرون مهاجرين بل غزاة يسعون إلى إشعال ممارسات العنف من الداخل بين فئات المجتمع الواحد، ونيجيريا كغيرها من الدول التي تعيش الفساد وتواجه منظمة متطرفة (بوكوحرام) والتي تهدد وحدتها الوطنية، أجبرت ساكنيها على ترك البلاد هروبا من الإضطهاد الذي حولهم إلى مشردين ولاجئين، فنيجريا تعد من أكبر دولة أفريقية من حيث الكثافة السكانية، تشير آخر الإحصائيات أن عدد سكانها تجاوز عتبة 190 مليون نسمة.

  ومعروف عن نيجيريا أنها متعددة الأديان والمذاهب، مثل المسيحية وانتضار التشيع بين المسلمين وتعتبر منطقة أبوجا معقل الشيعة في نيجيريا، الغريب أن بلد كنيجريا يعتبر بلدا عملاقا يملك أكبر احتياطي النفط في القارة السمراء، لكن شعبها جائعٌ ومشردٌ، حيث عرفت انهيارا كبيرا في جانبها الإقتصادي، وكانت منظمة "هيومن رايتس ووتش" في بيان لها قد نددت بموقف الجزائر وقرار ترحيل الجالية الإفريقية إلى بلادها بالسلبي والتعسفي ، بحكم أن الجزائر طرف في اتفاقية 1951 الخاصة بوضع اللاجئين، حيث أشارت في بيانها، أنها تحظر على الجزائر إعادة أيُّ لاجئ معترف به، أو طالب لجوء، أو أي أجنبي آخر بطريقة قسرية إلى مكان قد يواجه فيه خطر التعرض للاضطهاد والتعذيب، أو للمعاملة اللاإنسانية، فيما دعت منظمة العفو الدولية، الحكومة الجزائرية إلى وضع تشريع خاص بطالبي اللجوء السياسي، ووضع حد لعمليات الإبعاد التي طالت مهاجرين أفارقة، وسارت على نهجها الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان التي حذرت في تصريحات سابقة من سياسة "التهجير القسري" للرعايا الأفارقة، تشير إحصاءات 2016 أن 50 ألف افريقي مقيم بطريقة غير شرعية في الجزائر، ويحتمل أن عددهم قد ارتفع هذه السنة، خاصة وأنهم معروف عنهم بالتناسل، ما دفع ببعض النشطاء الجزائريين في الفضاء الأزرق (الفايسبوك) أطلقوا حملة واسعة يطالبون فيها الحكومة الجزائرية بأن تتخذ إجراءات إما بتنظيم الأفارقة حتى تحفظ لهم كرامتهم وإنسانيتهم، أو ترحيلهم، ليس لأسباب عنصرية أو لوضع حاجز اللون بينهم وبين هؤلاء،  وإنما للفوضى التي تسببوا فيها، بحيث إصبحوا يشكلون خطرا كبير على الأمن القومي، في ظل تفاقم الأزمة الإقتصادية في الجزائر، وهذا يعني أن مسؤولية اللاجئين تتحملها القوى التي زعزعت استقرار العالم ككل.

 

علجية عيش

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم