صحيفة المثقف

عندما تعتمر العمامة هل تعلم؟

هنالك عادات وتقاليد ممدوحة يؤكد عليها الشارع المقدس وهنالك اعراف يحذر ايضا الشارع المقدس من مخالفتها عندما لا يكون هنالك نص بخصوصها يحرمها مثلا عادات الزواج والمناسبات الخاصة بالمجتمعات، فهنالك الكثير من المسلمين المغتربين يحثهم الفقهاء على الالتزام بقوانين تلك الدول التي تنظم حياتهم وفق طبيعة مجتمعهم وان يتجنب ما به مساس بالاحكام الشرعية .

عندما نرى شخصا يرتدي عمامة سوداء نعلم ان نسبه يعود الى رسول الله (ص) ومن يرتدي البيضاء فهو من ابناء العامة، نعم في زمان ومكان معينين قد لا توحي الى ذلك فمثلا من خلال تصفحي في كتب التاريخ وجدت ان السيد عباس سليم مرتضى متولي المقام الزينبي في دمشق وابنائه في خمسينيات القرن الماضي كانوا يرتدون العمامة البيضاء وهم من السادة الاشراف .

في العراق للعمامة قداسة خاصة بما توحي للمجتمع من صفات دينية تمنح من يعتمرها مكانة خاصة فالذي يرتدي العمامة يعني انه انسان عادل ونزيه ومؤمن وحليم ويفهم في امور الدين كلها ولا يتقبل المجتمع منه أي تصرف خاطئ بل حتى تصرفه الشخصي في الشارع يكون محسوب، وكما هو المعلوم ان العمامة سابقا كانت تمنح لمن يكمل الدروس الدينية ويصبح متفقها بالاحكام الشرعية كلا او بعضا ويؤكد المعمم اختصاصه .

اليوم اصبح ارتداء العمامة بلا ضوابط فقد يرتديها شخص ما بحسن نية وقد يرتديها اخر بسوء نية،والنتيجة انه يكون عرضة لراي الناس مدحا او قدحا، بل يرى البعض ان له الحرية في ان يرتديها كتى ما يشاء، حقا هي بلا ضوابط ملزمة  لمن يضعها على راسه وهنا لنا راينا حتى بالنسبة للطلبة المبتدئين الذين يرتدونها وهم لازالوا في بداية ابجديات ابن عقيل والاجرومية وشرح الشرائع، أي لازالوا على  السطوح

وكل من يعتمرها يعلم ان نظرة الناس اليه بانه على درجة عالية من التفقه وانه يستطيع الاجابة على أي اشكال شرعي وله الحق في استلام الحقوق وتوزيعها، وغيرها من الامتيازات الخاصة برجل الدين، وهذه الصفات اصلا ليست موجودة فيه، فلربما يقول بانني لم ادعيها فالناس حكمت حكما خاطئا، اقول يا اخي انك تعلم قداسة العمامة ومكانة المعمم  ونظرة المجتمع لرجل الدين فان لم تتصف بما يتصف به المرجع او تحصل على شهادة من المرجع بان تكون رجل دين فان هذه الاية الكريمة تنطبق عليك " لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ" .

واعلم عندما تكون نظرة الناس لك نظرة مقدسة ويصدر منكم  لا يتفق وتقديس الناس لك فانك ستنال منهم من الكلمات ما ليس فيك بل الاسوء من ذلك يصبح حكم الناس حتى على الملتزمين والحاصلين على درجة علمية من المعممين حكما غير سليم بسببك وبهذا ليس انت ستنال ما ليس فيك بل بعض المعممين ان لم يكن اغلبهم سينالون نفس النظرة السلبية من الناس وتكون كما قال الامام علي عليه السلام " من مدحك بما ليس فيك فهو خليق أن يذمك بما ليس فيك"، قد تقول انني لو سمعته يمدحني لمنعته، اقول انك رايت نظراته التي تمدحك بسبب زيك الديني وهذا امر معروف للجميع بان العمامة تعني هذه الصفات فبمجرد وضعك العمامة على راسك تكون كلمات المدح صدرت بحقك طبقا للنظرة المقدسة للعمامة .

وللعمامة مكانها الخاص امام الجماعة، القاضي، مدرس الحوزة، الخطيب، حضور جلسة خاصة بامر يهم الدين، نعم للعمامة ضوابطها حتى على التصرفات الشخصية لمن يرتديها.

 

سامي جواد كاظم

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم