صحيفة المثقف

تداعيات مناخية

طارق الكنانيلقد اثار التقرير الذي نشرته وكالات الانباء العالمية حول التغييرات المناخية حفيظة الدول حيث يقول التقرير ان عصرا جليديا سيبدأ بحلول شتاء 2019 ويشمل العصر الجليدي الجديد اوروبا وكندا واجزاء من اسيا وافريقيا، الدول بدأت استعداداتها لمواجهة هذا العصر فالصين مثلا قامت بصنع شمس تعادل ستة مرات هذه الشمس، وروسيا ايضا حذت حذوها بالحصول على الطاقة، واوروبا قامت ببناء بيوت بلاستيكية عملاقة لتفادي ندرة الموارد الغذائية حيث يقول التقرير ان مايعادل 172 مليون حيوان سيهلك من جراء السيول والفيضانات وستختفي زراعة الحبوب مثل الحنطة والشعير والذرة، واما مايخص الشرق الاوسط فستزداد نسبة الأمطار ثلاثين ضعفا حيث ستقضي هذه الامطار على زراعة الحبوب مما يسبب نقصا كبيرا في المادة الغذائية الرئيسية للمنطقة وهي الخبز ....

هناك تداعيات كبيرة ستحدث في الشرق الاوسط وخصوصا في المنطقة العربية، وباعتقادي المتواضع ان نسبة الغابات في شبه جزيرة العرب ستزداد مما يسبب باختفاء البعير، وهذا الحيوان يعتبر مرتكز الثقافة العربية ومحورها، فحياتهم تتمحور حول هذه الحيوانات فهم يركبونها ويستخدمون اوبارها لصنع خيامهم وملابسهم ويشربون بولها للعلاج، وحول هذا الجمل يدور معظم تاريخهم العربي والاسلامي فبالتأكيد سينشأ جيل لايعرف معنى الجمل وحين تحدثه عن حرب البسوس سوف يعتبرها من الخرافات وعندها ستختفي واقعة الجمل من تاريخنا العربي الاسلامي ونتخلص من تداعياتها على المشهد السياسي العربي في العصر الحالي ويتمكن اطفالنا حينها من تجاوز أزمة دامت اكثر من 1400 عام بفضل زيادة الامطار وستنتهي كل خلافاتنا العقائدية والعشائرية، فحرب داحس والغبراء وغيرها من الحروب ستلغى من التاريخ تماما لأنها تصبح حروب خرافية مثل حرب النجوم التي يعد لها مخرجو هوليوود هذه الايام . كما ستسغرب الاجيال القادمة من الشعر العربي عند ورود بعض المصطلحات فمثلا قصيدة (وحملوها وسارت بالهوى الإبل) سيعتبرونها من الخرافات والاساطير وستمنع اغنية القبانجي من التسجيلات والاذاعة، حيث لايمكن اثبات ان هذا الحيوان كان يعيش معنا ويعتبر مرتكز حياتنا وعندها (سنثلث العنقاء والغيلانا) . واعتقد جازما ان بعض الدول العربية ستجتهد في سبيل الحفاظ على البعران لكونها تدخل ضمن رياضات كثيرة لديهم منها السباقات وغيرها . واعتقد انهم سيحسنون سلالات هذا الحيوان ليصبح بسنامين ليتحمل البرد والامطار ويصبح قادرا على العيش بالغابات .

وانا اقرأ الخبر تذكرت الدكتور بهنام استاذ الاقتصاد كان عندما يبدأ محاضرته بعبارة طالما عرفناها وحفظناها وهي ان الخبز في الشرق والبطاطس بالغرب هي من المواد الرئيسية التي تدخل ضمن الوجبات اليومية للفرد .

لنعود إلى العراق على وجه التحديد لنناقش عبارة دكتور بهنام، فهنا ستحدث تداعيات اكثر ضراوة مما سيحدث بالجزيرة فالمعروف عن العراقي حبه للطعام اللذيذ فبأختفاء الخبز ستختفي كافة انواع الاكلات التي يدخل الثريد في مكوناتها الرئيسية فمثلا (التشريب والدليمية والمثرودة والمحروگ اصبعه وغيرها) ستصبح هذه الاكلات من احاديث الف ليلة وليلة واعتقد انه سيصدر جزء خامس لتدوين هذه الحكايات، أما عندنا في كربلاء فستختفي اكلة (الباقلاء بالدهن الحر) وسيغلق محل سيد كامل ومحل أبو نور بسبب شحة الخبز، واما شحة اللحوم سيختفي عندنا كباب نبيل وكباب محمد وسيحدث مثل هذا في الانبار .

ونتيجة لهذه التداعيات نطالب حكومة السيد عادل عبد المهدي بالمباشرة ببناء السدود والخزانات وتحصين البحيرات الطبيعية وتوجيه المياه بشكل صحيح ليذهب إلى هذه المسطحات المائية مثل بحر النجف وبحيرة الرزازة وبحيرة ساوة والاهوار في جنوب العراق حتى لايهدر هذا الفائض بذهابه إلى البحر بعد ان يدمر كل شيء ونحافظ على اكلاتنا المفضلة من الباجة والدليمية والمثرودة .

 

طارق الكناني - كربلاء

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم