صحيفة المثقف

من هم اصحاب الستراب الصفراء (2)

عبد الرضا حمد جاسم1- "الفيلسوف" برنار هنري ليفي كتب في مجلة "لوبوان" الفرنسية إلى أن " في حال استمرار تحرك السترات الصفراء فأن عليهم بذل جهد اكبر من اجل ان يستحق صفت الديمقراطية ... وعليهم التخلص من متطرفي اليمين واليسار والا سيكون مصير حركتهم مزبلة التاريخ وشبه تحركهم بتحرك اصحاب "القمصان السوداء" الفاشيست في الثلاثينات من القرن الماضي في ايطاليا."

و كتب ايضاً [سواء تكلم ماكرون أم لا، سواء اتفقنا معه أم لا، سواء كنّا مع إصلاحاته أو ضدها  فلا أهمية لذلك في هذه اللحظة. في مواجهة صعود الفاشيين وأعداء الجمهورية، هناك خيار واحد فقط: لنساند ماكرون].

 2- كلهم (سياسيون واحزاب سياسية) ومن كل الاتجاهات يلتقون على: أن المساس بما يتمتع به العموم من نظام رعاية اجتماعية تعَوَّد عليها الشعب ونَّظَّم حياة اجياله عليها. خط احمر يدفع الى الانهيار...يتبارى الجميع للتباهي او اطلاق العنان لمخيلتهم بوصف وقوفهم معها وادامتها وتعزيزها...فلا مساس بتلك الامتيازات

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=555447

الانتخابات الرئاسية الفرنسية 2017 بتاريخ 17/04/2017

3- بعد صخب الاحتجاجات في فرنسا ومدنها الرئيسية وما حصل فيها من مصادمات واعتقالات وحرق وتكسير ونهب ...لابد من العودة الى الهدوء عند الكتابة عنها وعلى ما جري وحصل فيها..

السترات الصفراء حركة شعبية/ شعبوية لا استطيع ان اعتبرها كما يحاول البعض بانها عفوية...فلا عفوية بكل ما يجري في الغرب...احب او اعتقد ان تشكيلها استمر لعدة شهور وانها في موضوع تشكيلها متشابهة مع حالة تشكيل الحركة السياسية التي فاجأت الشعب الفرنسي والتي قدمت فرنسا وقصر الاليزيه على طبق من ذهب الى الشاب غير المتمرس سياسياً وحياتياً ايمانويل ماكرون واخذت الحرفين الاولين من اسمه (أي . أم) أي حركة "الى امام "التي تحولت بعد فوزة الى حركة "الجمهورية الى أمام) [كتبنا عن ذلك في سلسلة عن الانتخابات الرئاسية الفرنسية الاخيرة/موقعنا الفرعي في موقع الحوار المتمدن)

السترات الصفراء ظهرت على أساس ظاهري علني رداً على ارتفاع الضرائب وبالذات ضرائب المحروقات وبالخصوص منها سعر لتر الديزل حيث كان اقل من سعر لتر البنزين ليصبح خلال فترة قليلة اعلى من سعر لتر البنزين...والديزل هو المستعمل بكثرة من قبل "الفقراء" "الكادحين" من أبناء حواشي المدن والفلاحين وسيارات النقل العام الكبيرة وسيارات نقل البضائع وورش العمل وسيارات الخدمات وسيارات البناء والصيانة والمعدات الثقيلة...حاول هؤلاء إيصال أصواتهم الى البرلمان والحكومة وحتى الى رئيس الجمهورية لكن كل تلك المحاولات قابها نَفَسْ امبراطوري متعالي تلبس ماكرون وتعصب حزبي للأكثرية البرلمانية "الماكرونية" وقف خلف الرئيس بدون الاهتمام بتلك المطالب وصدرت بعض التصريحات من الرئيس وغيره ابسط ما يقال عنها انها تعني: ان استكوا نحن ادرى بمصلحة فرنسا منكم .. هؤلاء "الفقراء" "الكادحين" هم الايدي العاملة التي تحرك كل النشاط الاقتصادي الفرنسي من انتاج صناعي الى الخدمات الى الإنتاج الزراعي وغيرها...وهؤلاء يعملون في أماكن بعيده عن مكان سكنهم او ان المجمعات الصناعية والتجارية التي تقع جميعها في ضواحي المدن والكثير من هؤلاء الفقراء الكادحين من يقطع في ذهابه الى العمل وايابه ربما كمعدل اكثر من (100)كم يومياً، يضاف لتلك المسافة مشاوير إيصال الأولاد للمدارس والتبضع الأسبوعي وتحركات العوائل والأفراد في العطلة الاسبوعية .فيمكن ان تكون المسافة التي يقطعها بالشهر اكثر من( 2000)كم 

وعلى فرض ان كل 10كم تحتاج لتر وقود فهو يحتاج الى200 لتر شهرياً كان سعر اللتر ديزل في حدود (يورو واحد) فكان يصرف شهرياً بحدود (200) يورو لوقود السيارة عدى خدمات السيارة الاخرى، اليوم اصبح سعر لتر الديزل اكثر من (1.5) يورو. فهو إذن يصرف بحدود (300) يورو شهرياً أي بزيادة تقترب من 50%... ثم ان ارتفاع أسعار الديزل"الكازوال" أدى الى ارتفاع أسعار النقل وبالذات الشاحنات التي تقطع مسافات طويلة وارتفاع كُلَفْ الإنتاج والخدمات ولما كانت كل البضائع تُنقل أي لا توجد بضاعة لا يُصرف عليها أجور نقل وخدمات .ادى ذلك الى ارتفاع أسعار جميع المواد الاستهلاكية وغير الاستهلاكية...يضاف له ارتفاع أسعار كل الخدمات من كهرباء وتدفئة "ازداد سعر وقود التدفئة مع حلول موسم الشتاء بمقدار 30%"واسعار الماء والدواء والايجارات وغيرها أي كل المرتبطة بحياة الناس اليومية رافق ذلك تجميد الأجور في دوائر الدولة "الوظائف الحكومية" وتقليص عدد العاملين وتقليص المصروفات تحت ضغط الاتحاد الأوربي وصندوق النقد الدولي.

4- [تصريح مديرة صندوق النقد الدولي الفرنسية كريستين لاغارد حول احتواء النفقات وتخفيف بعض القيود عن سوق العمل ومعالجة نسبة البطالة المرتفعة والمستمرة والحد من زيادة الانفاق العام وهي دعوة للتقشف.اما المفوضية الاوربية فقد دعت الرئيس الجديد الى خفض العجز الى دون 3% من إجمالي الناتج المحلي...امام هذا تعهد ماكرون توفير 60 مليار يورو عبر خطة من بنودها الغاء 120 الف وظيفة رسمية

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=558510

فرنسا 2017/مابعد فرز الاصوات/ج2 بتاريخ في 12/05/2017

 والأهم من كل ذلك الغت الدولة الضرائب على الأغنياء بحجة انهم يوفرون فرص عمل وعملت على توزيع العجز في وارداتها من الضرائب بان تفننت في رفع الضرائب على عموم السكان وبالذات الطبقة الوسطى والفقيرة تحت حجج دغدغت بها مشاعر الناس من قبيل المحافظة على البيئة والصحة العامة...لذلك اختار من انتج هذه الظاهرة اسماً لها او شعار "السترات الصفراء" له معنى كبير مقتدين بسوابق تحركات شعبية فرنسية عديدة ملونة على مدى تاريخها كان ارتفاع الضرائب هو الشرارة التي تشعلها ...سأتطرق لها في التاليات.

يتبع لطفاً

 

عبد الرضا حمد جاسم

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم