صحيفة المثقف

التئام خليجي في ظرف عربي معقد

بسام فاضلليست الخلافات الخليجية الخليجية أو الخليجية العربية من القتامة أو التعقيد ما يشكل عقدة يصعب حلها أو إعادة للحمة إلى سابق عهدها على مستوى الخليج العربي ومع الوطن العربي كلا، ولكن تعقيد المشكلة يكمن في تشعب المصالح الخليجية وتوسعها في إطار كل دولة بحيث تداخلت مع أطراف استطاعت أن تولد تباعدا وجفوة خليجية في المقام الاول وغض الطرف عن تبعات ذلك في المحيط العربي في المقام الثاني .

تعقد القمة الخليجية والمملكة  العربية السعودية صاحبة الحضور القوي والنفوذ الواسع والكلمة الفصل في الشؤون، الخليجية تعصف بها حملة إعلامية وضغوط سياسية منها ما يتعلق بقضية اغتيال الصحفي جمال خاشقجي الذي ألهب مشاعر من الغبن لدى البيت المالك جراء الجراءة والتطاول على السياسة السعودية حتى تجاوز ذلك إلى  خصوصية الأسرة المالكة نفسها وكأن من يتعاطون تلك الجوانب الإعلامية والسياسية يدركون حساسية ذلك بالنسبة لهم .

وبغض النظر عن من أرتكب الجريمة النكراء البشعة فالنظام السعودي ممثلا بالأسرة الحاكمة تعتبر المسؤولة عن الجريمة بعد ما تبين أن أقطاب تمثل النظام كانت المخططة والمدبرة للجريمة وهي تأتي ضمن أولويات القمة لتوحيد الصف الخليجي أزا الانفتاح العالمي الواسع الذي يصعب التكهن بنوازعه تجاه هذه المأساة وما قد يخبئه من ضغوطات تفتر حينا وتصعد حينا آخر وما يلاحظ فيها من ابتزاز واضح يمارس ضد المملكة واستغلال القضية خارج إطارها الانساني والجنائي ونكاية لتصفية حسابات عكست نفسها بصورة مشينة على الحق الاخلاقي والانساني للدفاع عن ما لحق بالصحفي جمال خاشقجي والذي ناء عن ما كان ينادي به والمبدئ والغاية التي دفع روحه ثمنا لها .

تنادى القادة الخليجيون معلنين لم الشمل الخليجي والتطرق إلى قضايا لا يستطيعون الفكاك منها بعد ما أصبحوا جزء لا يتجزأ منها كقضية الحرب في اليمن الذي يترافق انعقاد قمتهم مع محادثات السويد بين الحكومة اليمنية التي تعترف بشرعيتها دول الخليج وفي مقدمتها السعودية والإمارات بينما من بين دول المجلس من يلعب أدوار منها ما يفتح شهية الطرف الغير معترف به لإطالة الحرب ويتعامل معه بشرعية موازية ومنها ما يرسل تهديداته إلى الداخل اليمني بتحوير الأزمة إلى هيمنة وتسلط واستعمار وما يترافق ذلك من جانب إنساني يلقي بكل ثقله وضلاله على الذراعان الاساسيان في الحرب وهما المملكة السعودية ودولة الامارات العربية المتحدة .

والجانب الآخر الذي كان إلى الامس القريب يصف بالانقلابي إلا أن محادثات السويد وما بداء يتكشف منها تأتي مخالفة لما تعهدت به وتطرقت اليه القمة الخليجية وهذا يؤكد بان المتغيرات التي افرزتها الحرب وتفرزها يوميا لا تحفل بمتابعة ودراسة من قبل دول التحالف العربي  .

ففي استكهولم حيث يعتقد المجتمع الدولي وكل دول التحالف واليمنيين أنفسهم أن الاطراف الحاضرة هي الفاعلة والمتحكمة في الحرب ونتائجها وحيث يفترض أن يوجد الحل للازمة اليمنية شمالا وجنوبا تلاحظ تنصل عن تحمل المسؤولية وتحول المباحثات إلى مطالب والانكى من ذلك أن الأطراف المتسببة في الحرب ومآسي اليمنيين يخاطبون العالم بما يطالب به اليمنيين يقولون للعالم أن اليمنيين يرغبون بالسلام وأنهاء الحرب وحل الأزمة أما نحن فنريد بعض المطالب الاستثنائية .

ليس أعوص مشكلة تأتي في اجندة القمة الخليجية باستقلالية كمشكلة التعامل مع الازمة اليمنية فما يعتقد أنهم ابطال الحرب وقيادتها ظهر للعالم أنهم عصابتان فالأولى الممثلة بالحركة الحوثية تمثل دولة توصلت اليها بواسطة سلسلة حروبها وهي تستخدم اسلوب العصابات  أي  انها دولة  عصابات أما الطرف الآخر الحكومي  أو الشرعي فأنه يمتلك دولة  متكاملة بجميع أجهزتها السيادية المعترف بها وأجهزة السلطة المحلية  ولكن من خلال ما أظهرته قيادتها في أجهزة الدولة المختلفة مدنية وعسكرية  من فساد وسوء تقدير أكد بما لا يدع مجال للشك أن الدولة تحكمها عصابة تستغل المال العام وتدويل الازمة للانتفاع والارتزاق أي عصابات دولة  وهذا ما يجعلها مؤتلفة ومتكاتفة وقد اظهرت المباحثات ضعفها رغم القضايا الهامة التي تطرقت اليها ورفضها المساس باعتبارها الشرعية المعترف بها إلا أن إعتمادها على جيش ماجور يديره التحالف جعلها لا تعلم بإمكانية تحقيق ما تسعى اليه  بينما اتضحت قوة الطرف الحوثي الذي يعلم ما يريد ويفعل ما يريد أيضا .

وفي الهامش هناك عصابة تتخفى وتتصارع خلف الكواليس تدعي تمثيلها لليمن الجنوبي  بيد أن الشرعية استطاعت تطويعها وذابت في اجندة دول التحالف العربي والخليجي عاكسة اشكالات القمة الخليجية والحاضرين .

في المقابل فإن قطر التي تلهب حرب في شتى المجالات قاصدة إثبات صدق ادعائها ابتداء من اثبات فشل التحالف العربي التي كانت عضو فاعلا فيه إلى اغتيال الصحفي جمال خاشقجي وتثبيت التهمة على ولي العهد ،والنقمة التي لا تخفيها من ما تسميه حصار جائر عليها من قبل بعض دول المجلس ساعية إلى بث ما يزعزع كيان المجلس الذي يعتبر ما تبقى من وحدة عربية مصغرة محملة اياه نقص الاغذية الحيوية لأطفالها وكأن أطفال سوريا وفلسطين واليمن ومأساة الشعب الجنوبي طيلة عقدين من الزمن أخف واهون مما تعانيه بينما يزين اعلامها سيطرة الجماعات الإرهابية ويتلون في أبشع صوره في اليمن إبتداء من حرب صعدة ومن ثم دعمه للحركة الاخوانية ومساندة الفوضى والإرهاب في عدن والمكلا والمهرة  .

على قطر أن تتحلى بالصدق والعدل في كل ما تقدمة للعالم العربي  وإن تعمل على ترميم البيت العربي بطرح قضاياها بما يتلاءم مع تطلعات شعوب المنطقة ويضمن أمن وسلامة مصيرها الوطني والإقليمي والمشاركة الفاعلة مع دول مجلس التعاون في حلحلة الأزمات العالقة ومنها قضية خلافاتها مع المملكة وحرب اليمن ومشكلة الجنوب التي تعمل على دعم قوى سياسية نتمنى أن تكون حبا في تقرير مصير الجنوب لا نكاية في دولة الامارات والسعودية فبالأمس القريب كانت داعمة للربيع العربي في اليمن على حساب قضية الجنوب والمشكلة الحوثية من دون أن تقدم حل يضمن استفحال الصراع فنتج عن ذلك حرب أكلت الاخضر واليابس وتوارى الذين راهنت عليهم وابرزتهم كقيادات للتغيير والثورة .

أنقضت القمة الخليجية وكلها أمل في رأب الصدع العربي ولازال هناك من العرب ممن يعلقون آمال بالأشقاء الخليجيين لاستثمار إمكانياتهم في رسم خارطة طريق عربية لحل العديد من القضايا والأزمات العربية وإرساء مبادرة على انقاض المبادرة الخليجية فيما يتعلق بالحرب  اليمنية تجدول الصراع على أساس شمال وجنوب بفصل أبعاد الأزمة في اليمن الشمالي عنها في اليمن الجنوبي .

 

بسام فاضل

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم